ارتفع عدد قتلي الزلزال الذي ضرب المغرب، ليل الجمعة السبت، متسببصا بأضرار جسيمة، إلى 1037 قتيلًا و1204 جريحًا بينها 721 في حالة حرجة، بحسب حصيلة جديدة صادرة عن وزارة الداخلية.
وحدد مركز الزلزال في إقليم الحوز جنوب غرب مدينة مراكش.
وذكرت السلطات أن الأضرار المادية شملت “مجموعة من المناطق غير مأهولة”، و”قد تجندت السلطات المحلية والمصالح الأمنية والوقاية المدنية بكافة عمالات وأقاليم المملكة المعنية، وسخرت كل الوسائل والإمكانيات من أجل التدخل وتقديم المساعدات اللازمة، وتقييم الأضرار”.
ودعت الوزارة المواطنين إلى “التحلي بالهدوء وتجنب الذعر”.
وسجل المعهد الوطني للجيوفيزياء هزة أرضية بلغت قوتها 7 درجات على سلم ريختر، بإقليم الحوز، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء المغربية الرسمية.
وأشار المعهد، في نشرة إنذارية، إلى أن الهزة حدد مركزها في جماعة إيغيل التابعة للإقليم.
وأكد المعهد تسجيل الهزة على عمق 8 كيلومترات، عند التقاء خط العرض 30.961 درجة شمالا، وخط الطول 8.413 درجة غربا.
ووقعت الهزة حوالي الساعة الحادية عشرة و11 دقيقة مساء الجمعة، بحسب المعهد.
وردا على تخوف المواطنين من الهزات الارتدادية قال يوسف تيمولالي، مسؤول بالمعهد الوطني للجيوفيزياء، أن الزلزال يمكن أن يتكرر لكن ليس بنفس الحدة، لأن أقصى درجة بلغها بالفعل.
وأكد تيمولالي أن الارتدادات ستكون طفيفة لن يشعر بها سكان المدن الداخلية، وسيكون الشعور بها بالمناطق المحاذية لبؤرة الزلزال بجهة مراكش.
وأشار المعهد إلى أن الهزات الارتدادية عقب الهزة التي ضربت المغرب يمكن أن تتواصل لبضعة أيام.
وأبرز المتحدث أن الهزات المسجلة خلفت خسائر بمراكش وأكادير لم يجر بعد تقييمها، إذ سجل سقوط مباني وتشقق أسوار.
وذكر تقرير نشره المعهد عن الزلزال أن الشدة الزلزالية قد تختلف”من موقع لآخر ومن بناية لأخرى تبعا لنوع البناية وارتفاعها وطبيعة التربة”.
كما نوه المعهد إلى أن “الهزات الارتدادية عقب الهزة التي ضربت المغرب يمكن أن تتواصل لبضعة أيام”.
ما أسباب تأثر المغرب بالزلازل
بل كارثة اليوم التي ضربت البلاد، لم يشهد المغرب زلازل مدمرة كثيرة خلال العقود الماضية، رغم وقوع جزء منه على خط زلزالي في منطقة البحر المتوسط.
ومقارنة ببلدان البحر المتوسط الأخرى، يتأثر المغرب بنشاط زلزالي “معتدل”، يرتبط إلى حد كبير بالتقارب بين الصفائح التكتونية في أفريقيا وأوراسيا.
وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن زلزال، الجمعة، كان “قويا بشكل غير عادي ” بالنسبة لهذه المنطقة المغربية. وذكرت الهيئة الفدرالية أن “الزلازل بهذا الحجم في المنطقة غير شائعة، لكنها ليست غير متوقعة”.
وأضافت: “منذ عام 1900، لم تكن هناك زلازل بقوة 6 درجات على مقياس ريختر وأكبر في نطاق 500 كيلومتر من هذا الزلزال. كما لم تحدث سوى 9 زلازل بقوة 5 درجات وأكبر” خلال الفترة عينها.
وذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، ومقره الرباط، أن قوة الزلزال الحالي بلغت 7 درجات على مقياس ريختر وأن مركزه يقع في إقليم الحوز وسط البلاد.
وترتبط معظم الزلازل في المغرب بالحركة على حدود الصفائح التكتونية الأفريقية الأوراسية، وهو الصدع التحويلي بين جزر الأزور وجبل طارق، وهي منطقة قريبة من شمال المملكة الواقعة في شمال أفريقيا.
وفي العقود الأخيرة، أظهرت العديد من الدراسات أن “الصفيحة الأفريقية تقترب من نظيرتها الأوراسية بمعدل ثابت، يبلغ حوالي 8 ملم لكل سنة، على خط طول تونس، وتنخفض إلى 4 ملم لكل سنة بالقرب من مضيق جبل طارق باتجاه الغرب والشمال الغربي”، وفقا لدراسة مغربية.
وخلصت تلك الدراسة التي أعدها المعهد العلمي بجامعة محمد الخامس في الرباط، إلى أن المغرب “غير محصن ضد الزلازل” التي تتسبب في وقوع إصابات وأضرار في الممتلكات، قياسا بالبيانات التا ريخية للنشاط الزلزالي للبلاد.
وأحصت الدراسة التي أجراها الباحثان تاج الدين الشرقاوي وأحمد الحسني ونشرت عام 2012، الزلازل في المغرب خلال الفترة ما بين 1901 وحتى عام 2010.
وذكرت أنه “يجب العمل بالتدابير الوقائية في منطقتي الحسيمة وأكادير على وجه التحديد”؛ لأنهما معرضتا للخطر بشكل أكبر من بقية المناطق التي تظهر نشاطا زلزاليا أقل أهمية.
وتعرضت أكادير لزلزال كارثي عام 1960، خلف 12 ألف قتيل، رغم أن الهزة تعتبر متوسطة وفقا لمقاييس الهزات الأرضية. كما تعرض المغرب لزلزال مدمر عام 2004 ضرب مدينة الحسيمة، مما أسفر عن مقتل 629 شخصا.
وقالت الدراسة عينها، إن “البنية الجيولوجية معقدة، وتطور المغرب كذلك”، حيث تتكون من فترات متناوبة من التشوهات التكتونية والسكونية، التي شكلت المناطق المختلفة، وكوّنت أحزمة جبلية.
وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، فإن منطقة البحر المتوسط تنشط زلزاليا بسبب التقارب الشمالي بين الصفيحة الأفريقية مع الأوراسية، الذي بدأ منذ حوالي 50 مليون سنة، وارتبط بإغلاق بحر ” تيثس” الموجود في حقب الحياة القديمة.
ويعتبر البحر المتوسط الحالي هو ما تبقى من بحر “تيثس” الذي كان محيطا في عصور ما قبل التاريخ خلال معظم عصر الدهر الوسيط وعصر حقب الحياة الحديثة المبكر.
أبرز الزلازل التي ضربت المغرب
شهد المغرب عبر تاريخه العديد من الزلازل، أبرزها ذلك الذي ضرب أكادير، جنوبي البلاد، عام 1960، وأودى بحياة نحو ثلث سكان المدينة، بالإضافة إلى تشريد عشرات الآلاف وإحداث خسائر مادية فادحة.
وفقا لصحيفة “lavieeco” المغربية الناطقة بالفرنسية، فإن زلزلا قد هز ضفتي مضيق جبل طارق في 28 مايو عام 818، وذلك قبل أن يضرب زلزالان عنيفان المغرب في 1 و30 ديسمبر سنة 1079، مما أدى إلى مصرع المئات تحت الأنقاض، وحدوث دمار كبير.
وشهد 11 مايو من عام 1624، وقوع زلزال مدمر أتى على أجزاء واسعة من مدن تازة وفاس ومكناس (شمال).
وفي الخامس من أغسطس سنة 1660، كانت مليلية على موعد جديد مع زلزال عنيف، خلف ضحايا وخسائر مادية كبيرة.
أما الزلزال الذي ضرب سواحل المغرب عام 1719، فقد دمر أيضا أجزاء واسعة من مراكش، وتبعه في 27 ديسمبر 1722، زلزال عنيف تسبب في خسائر جسيمة ببعض المدن الساحلية.
وفي سنة 1731، شهدت أكادير هزات أرضية عنيفة، أدت إلى تدمير أحياء عديدة فيها.
وفي الأول والثامن عشر من نوفمبر عام 1731، دمر الزلزالان اللذان ضربا مدينة لشبونة بالبرتغال معظم المدن الساحلية المغربية.
وشهد شهر أغسطس سنة 1792، زلزالا عنيفا ضرب مليلية، ودمر عددا من أحيائها. وعانت نفس المدينة من هزات أرضية قوية في 11 فبراير 1848، مما أدى إلى وقوع خسائر فادحة في العمران وسقوط ضحايا.
وفي يناير عام 1909، دمرت هزات أرضية أحياء عديدة في إحدى ضواحي تطوان، بالإضافة إلى سقوط 100 ضحية بين قتيل وجريح.
وفي 29 فبراير من عام 1960، دمر زلزال بقوة 5.7 درجات على مقياس ريختر ، مدينة أكادير، مخلفا 15 ألف قتيل (أكثر من ثلث السكان في ذلك الوقت)، وتشريد 35 ألف نسمة، بالإضافة إلى خسائر مادية قدرت آنذاك بـ290 مليون دولار.
وأوضح موقع “هسبريس” المحلي، أن الهزة المدمرة وقعت في الساعة 23:41 من ليلة 29 فبراير 1960، الموافق 2 رمضان 1379، واستغرقت ما بين 12 إلى 14 ثانية.
وأشار إلى أن “المباني انهارت على سكانها، واستحالت أكواما من الأنقاض، وتصاعد غبار كثيف حجب الرؤيا، وانقطع التيار الكهربائي، وتعطلت إمدادات مياه الشرب، كما انقطعت خطوط الهاتف، مما جعل المدينة تفقد أي اتصال بالعالم الخارجي”.
وفي 28 فبراير من 1969، تأثر المغرب بوقوع زلزال قوي كان مركزه مدينة لشبونة البرتغالية، مما أدى إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 200 آخرين.
وفي 24 فبراير من العام 2004، وتحديداً عند الساعة الثانية والنصف صباحاً بالتوقيت المحلي، ضرب زلزال عنيف إقليم الحسيمة.
ووصلت درجة قوة الزالزل إلى 6,3 درجات على مقياس ريختر، واستمر لمدة 22 ثانية، وكان مركزه دوار “إمرابطن”، مخلفاً حسب المعطيات الرسمية 628 قتيلا و926 جريحا، ناهيك عن تشريد أكثر من 51 ألف شخص، وانهيار نحو 9352 مبنى، يقع معظمها بمناطق قروية.
واهتزت الحسيمة عدة مرات بزلازل، كان أبرزها عامي 1910 و1927. وفي سنة 1994 شهدت المنطقة ذاتها زلزالا بلغت قوته 5.4 درجات، نجم عنه انهيار الآلاف من المنازل، خصوصا في القرى والمناطق النائية.