يديعوت أحرونوت
الخلاف القبيح في جلسة كابينيت الحرب بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، هو أوضح تعبير عن التوترات بينهما، التي تعود إلى تاريخ سابق قبل الحرب. فعلياً، هناك مَن يصف العلاقات المتكدّرة بينهما بأنها جبهة سابعة للحرب، ويمكن أن تؤثر في الجبهات الست الأخريات (غزة، لبنان، سورية، إيران، اليمن، والعراق). وبقدر ما نسمع عن الانتقادات بشأن الطريقة التي يجري إطلاع الجمهور عليها وتأثيرها في المعنويات في الميدان، من المفيد التفكير في أنه كيف يمكن لخلاف بين أهم شخصين يديران الحرب أن يخدم المقاتلين.
في يوم السبت، تحدثت قناة “كان” الإخبارية عن حادثة وقعت خلال جلسة كابينيت الحرب، حيث حرص فريق نتنياهو على إحراج غالانت علناً، وأبعد رئيس طاقمه عن النقاش. غادر غالانت الجلسة المهمة، وعاد إليها فقط في القسم الثاني، بعد أن جرى الاتفاق مسبقاً على إجرائها من دون وجود مساعدين. أمس (الأحد)، استمرت المواجهة، لكن بشأن نقطة أكثر جوهرية: كيف يمكن منع اشتعال الضفة الغربية. غالانت الذي قام بجولة يوم أمس على فرقة “يهودا والسامرة”، طالب بإيجاد حل لـ”موضوع العمال [دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل] والأموال”، وقال “هذا قد يمنعنا من تحقيق أهداف الحرب… وآمل أن توافق الحكومة على موقف الجيش والشاباك… وأقول بصورة أكثر وضوحاً: سلطة فلسطينية قوية هي في مصلحة إسرائيل الأمنية”.
عموماً، عبّر غالانت عن موقف مهني ورصين كما يفرضه عليه منصبه. لقد جرى هذا بعد وقت قصير على ورود التقارير التي تحدثت عن البرودة من جانب الرئيس بايدن إزاء نتنياهو. ولا داعي للقول إن كلام غالانت لم يعجب نتنياهو، لا من حيث المضمون، ولا التوقيت. علاوةً على ذلك، إن موقف غالانت يعزز موقف الجبهة الأُخرى في الكابينيت الموسع، والتي يوجد فيها الوزيران بني غانتس وغادي أيزنكوت ضد الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين يحشران نتنياهو، ويثيران غضب البيت الأبيض. لكن من جهة أُخرى، يتفق نتنياهو وغالانت في موقفهما ضد محور غانتس – أيزنكوت بشأن استمرار المعركة في غزة: وبينما يدفع غانتس وأيزنكوت في اتجاه صفقة مخطوفين، حتى لو كان الثمن باهظاً، يقول نتنياهو وغالانت إنه يجب عدم الموافقة على صفقة بأي ثمن، والاستمرار في العمليات الهجومية.
خلال الزيارة التي قام بها غالانت إلى الضفة الغربية، لم يسمع هناك أخباراً جيدة. بل سمع من الضباط كلاماً عن ازدياد مخاوفهم من تصاعُد نفوذ إيران و”حماس” في المنطقة، ودخول وسائل قتال عادية، وليست مرتجلة، وزيادة الهجمات القائمة على المحاكاة، من دون وجود معلومات استخباراتية مسبقة عنها. بالإضافة إلى ذلك، عُثر على 3 صواريخ مرتجلة في مخيمات اللاجئين في طولكرم وجنين، الأمر الذي يشير إلى نية الاستمرار في التهديد بإطلاق الصواريخ على المستوطنات القريبة. الأرقام بحد ذاتها لا تكذب: ارتفاع في الهجمات “الإرهابية” منذ 7 أكتوبر، بينها إطلاق النار، بالإضافة إلى قتل 300 “مخرب” في عمليات للجيش الإسرائيلي، 60 منهم قُتلوا في هجمات من الجو. ويعتبر الجيش أن هذا دليل يبرر عملياته في داخل المدن، لكن في المقابل، يشيرون في الجيش إلى أن عدم وجود أفق اقتصادي وعدم وجود فرص عمل، يمكنهما الدفع قدماً بانتفاضة ثالثة. ربما تشمل عدداً أٌقل من الفلسطينيين، لكن مَن يشارك فيها سيكون أكثر تسلحاً.
في هذه الأثناء، حمل اليوم المئة للحرب ارتفاعاً في السخونة في الشمال، والثمن باهظ حتى في الجانب الإسرائيلي: لقد أطلق حزب الله صاروخين على كفار يوفال، مع معرفته الأكيدة بوجود سكان هناك، وهو ما أدى إلى مقتل ميرا إيالون وابنها باراك جرّاء القصف، بينما أصيب الأب بصدمة. كما أُطلقت عدة صواريخ مضادة للدروع في اتجاه منطقة زرعيت في القطاع الغربي. رداً على ذلك، هاجمت طائرات سلاح الجو مجموعة أهداف عسكرية لحزب الله في العمق اللبناني.
في إسرائيل، وبعد تقديرات للوضع، جرى إغلاق عدة طرقات في العديد من المناطق. وبدت مداخل المستوطنات كأنها منطقة قتال. ووفقاً لأرقام الجيش، أُطلق أكثر من 2000 صاروخ من لبنان على الأراضي الإسرائيلية منذ بداية الحرب. للمقارنة، خلال حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]، بلغ عدد الصواريخ أقل من 4000 صاروخ.
يدرك الجيش أن قصف كفار يوفال هو حادث خطِر، والرد سيستمر كما أوضح الناطق بلسان الجيش في الأمس، الذي جاء بعد خطاب حسن نصر الله، والذي أعلن فيه أن الهجمات ستستمر ما دامت الحرب في غزة لم تتوقف. ومع ذلك، يبدو أن الطرفين غير معنيَين بتغيير المعادلة.
… في غزة، وعلى الرغم من التصريحات الإسرائيلية الصارمة، فإننا ما زلنا نرى عودة المواطنين إلى شمال القطاع. بالإضافة إلى ذلك، كشف الجيش عن أرقام تشير إلى أنه على الرغم من الضربات القاسية التي تلقتها “حماس”، فإن أغلبية المقاتلين وكبار قادة الحركة لا يزالون في قيد الحياة. عشية الحرب، كان يبلغ تعداد المقاتلين نحو 30 ألف مقاتل، قُتل 9000 تقريباً (أقل من الثلث)، لكن جرى القضاء على قياديَين برتبة جنرال، فضلاً عن 19 برتبة قائد كتيبة، والبقية قادة سرية وأقل.
بلغ عدد الأهداف التي هوجمت 30 ألفاً، وأُطلق أكثر من 9000 صاروخ من غزة على إسرائيل. ويبلغ عدد الجنود الذين سقطوا منذ 7 أكتوبر، بينهم الذين سقطوا في ذلك اليوم، 522 قتيلاً. بينما قُتل في العملية البرية 188 جندياً. يجب على نتنياهو وغالانت أن يحفظا جيداً هذه الأرقام لأنها أهم بكثير من العداء القائم بينهما.