هذه السنة لن يكون “يوم القدس العالمي” كما كانت عليه سابقات هذه المناسبة التي كلّف قائد الثورة الإيرانية روح الله الخميني بإحيائها في بلاده كما في البلاد التي يُنشئ فيها “الحرس الثوري الإيراني” تنظيمات خاضعة ل”الولي الفقيه”!
هذا “اليوم” سيكون مفصليًّا، هذه السنة، فشعارات الجمهورية الإسلامية أمام امتحان كبير، فهي طالما ادعت أنّها تنتظر “حجة” لتقدم على محو “الكيان الصهيوني المزيّف” من الوجود.
في الأوّل من نيسان الجاري، أعطت إسرائيل لإيران ما تبتغيه، فما من حجة أعظم من هجوم صاروخي على قنصليتها في دمشق وقتل كبار القادة الذين كانوا يعقدون اجتماعًا فيها!
وإسرائيل تظهر أنّها تأخذ شعارات ايران على محمل الجد، ولذلك رفعت مستوى التأهب الى أقصى حد، حتى بدا أنّها، في مكان ما، تجهز نفسها لحرب إقليمية كبرى!
ماذا ستفعل إيران؟ هل ستذهب وراء شعاراتها وتقدم نفسها صاحبة مصداقية بحيث تقرن القول بالفعل؟
على الرغم من أنّ أساتذة العلوم السياسيّة يمنعون استعمال الحتميات، فإننا نجد أنفسنا مضطرين لخوض المغامرة، والجزم بأنّ إيران لن تذهب الى حرب مباشرة مع إسرائيل!
قبل يومين أصدر مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي كلمة السر، فهو يتحدث عن “صفعة” لا عن مواجهة، وهو لا يريد أن يفعل شيئًا من شأنه تشتيت انتباه العالم عن غزة وجرائم إسرائيل فيها. هكذا قال!
وهذا يعني أنّه في “يوم القدس العالمي” سوف نسمع خطابات مرتفعة السقوف. سيكون هناك رعد عنيف الدوي في لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران، ولكن لن يهطل المطر!
سوف نسمع الكثير عن عظمة الحكمة الإيرانية التي تريد أن تخنق إسرائيل بقطنة غزة، ولن تسمح لها أن تتنفّس في حرب معها!
إنّ إيران، في أحسن الأحوال، تجهّز صفعة، فهي لن تقبل أن تدفع ثمن حرب مباشرة، لأنّ استراتيجيتها، منذ اليوم الأوّل، أن تواجه إسرائيل حتى آخر لبناني وسوري وعراقي ويمني واردني وفلسطيني!
لقد استفادت إسرائيل أربع مرات من الهجوم على القنصلية: أثبتت قدرتها على العمل حيث تشاء. عاقبت أسياد “محور المقاومة. صلّبت جبهتها الداخلية حول جيشها. وبيّنت أنّ إيران ترعد كثيرًا لتواصل استغلال دول حوّلتها الى جحيم، وشرائح أعمتها “العقيدة” و”التعصب” و”الأحقاد” عن تحويلها الى وقود في صراع لا ناقة لهم به ولا جمل!