"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

يوآف ليمور / بقصفها مواقع في سوريا.. إسرائيل لإيران: هذه رسالتنا لمن يلعب بالنار

الرصد
السبت، 1 أبريل 2023

لا يمكن قطع سلسلة الهجمات التي نفذت في أواخر الأسبوع الماضي في دمشق والمس برجال الحرس الثوري الإيرانيين، عن أحداث الأسابيع الأخيرة، وأساساً العملية التي نفذت في الشمال، أغلب الظن برعاية “حزب الله”.

صحيح أن حرب الظلال بين إسرائيل وإيران تتواصل منذ سنوات عديدة، لكن يخيل أن إيران شددت في الفترة الأخيرة ضغوطها للعمل، وهذا يجد تعبيره تقريباً في كل جبهة ممكنة؛ في جهود تهريب السلاح إلى سوريا ولبنان، في محاولة المس بالإسرائيليين واليهود في أثينا (التي أحبطت في عملية مشتركة للموساد وأجهزة الأمن اليونانية)، بمساعدة مباشرة وغير مباشرة لمحافل الإرهاب الفلسطينية، وفي النشاط المتزايد في الساحة الشمالية – مع التشديد على “حزب الله” الذي اجتاز خطاً أحمر خطيراً ببعثه مخرباً من أراضي لبنان إلى إسرائيل لتنفيذ عملية في مفترق مجدو، وبالحظ فقط انتهت بدون إصابات في الأرواح. يعتقد جهاز الأمن أنه نشاط وليد الفرضية الإيرانية بأن إسرائيل منشغلة بمشاكلها الداخلية على خلفية الأزمة التي يحدثها التشريع القضائي، وأن بإمكانه تحديها أكثر مما في الماضي.

فرضية العمل هذه مغلوطة مرتين: مرة لأن المحور الأمني مستمر على إحباط الإرهاب، ومرة ثانية لأن ما الكفيل بتكتل المجتمع الإسرائيلي هو أزمة خارجية.

ترددت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة إذا وكيف سيردون على العملية. وأي رد مباشر على لبنان كان من شأنه أن يؤدي إلى رد مضاد وتصعيد غير مرغوب فيه. من جهة أخرى، غياب الرد قد يفسر ضعفاً، فيدعو لمحاولات عمليات أخرى من الشمال. لقد سبق لـ”حزب الله” أن أخطأ في استنتاجات مشابهة سابقاً، عندما أدى غياب الرد الإسرائيلي إلى سلسلة محاولات خطف انتهت في تموز 2006 باختطاف إيهود غولدفاسر والداد ريغف، ونشوب حرب لبنان الثانية.

وعليه، فقد سعت إسرائيل لتوضح لـ”حزب الله” الآن ولأسياده الإيرانيين بأنهم يلعبون بالنار، لكن دون كسر القواعد (ليس الآن على الأقل). هجمتان نفذتا ليلتي الأربعاء والخميس كفيلتان بنقل الرسالة. ثمة وسائل وبنى تحتية إيرانية كانت بؤرة الاستهداف، فيما قتل في الهجوم الثاني مسؤول كبير في الحرس الثوري الإيراني أيضاً، ميلاد حيدري، الذي كان جزءاً من الجهاز الذي يعمل على بناء وتعظيم البنية التحتية الإيرانية في الشمال، والتي يقف “حزب الله” في مركزها. وقتل إلى جانبه خمسة نشطاء إيرانيين آخرين هم أيضاً كانوا جزءاً من البنية التحتية التي تشغل “فيلق القدس” في سوريا ولبنان.

تفيد تجربة الماضي بأن مثل هذه الهجمات لا تقع بالخطأ، فهي تستند في الغالب إلى معلومات استخبارية دقيقة – من مستوى البنية التحتية موضع الهجوم، وحتى التأكد المسبق لمسألة إذا كان الهدف مأهولاً، وبمن. لذا معقول أن يكونوا في إسرائيل عرفوا بأن رجال الحرس الثوري موجودون في المكان، وسعوا لضربه (أو لم يجتهدوا حقاً لأن يمتنعوا عن ذلك). هذه رسالة واضحة لإيران بأنها هي وفروعها يلعبون بالنار وأنهم سيدفعون ثمناً على ذلك.

سارعت إيران لتهدد بالثأر على تصفية رجالها. لا حاجة للتأثر بذلك: فإيران تحاول كل الوقت أن تقتل إسرائيليين ويهوداً في كل زاوية في العالم، والهجمات الأخيرة لن تغير شيئاً في هذا الجانب. وهي بالفعل يفترض بها أن تفهم حدودها وتستنتج بأنها إذا ما تجاوزتها – مثلاً من خلال تسخين الجبهة اللبنانية – فستعمل إسرائيل بطريقة مشابهة، وستدفع إيران وفروعها ثمناً باهظاً. وعلى الطريق، مثل هذا الهجوم يزرع أيضاً الخوف وتثبيط المعنويات في أوساط رجال الحرس الثوري الذين يخافون المجيء إلى سوريا خشية ألا يعودوا إلى ديارهم أحياء.

ينبغي الأمل في أن تكون هذه الرسالة وصلت إلى طهران (ودمشق وبيروت). من جهة، هكذا حصل في الماضي، وإن كان لفترات قصيرة، لكن إيران فهمت بأن النار سترد بالنار. من جهة أخرى، نحن في فترة شاذة ليس فقط بسبب الانكسار الداخلي بل وأيضاً بسبب الصدوع في المحور الإسرائيلي – الأمريكي والضعف المتزايد للولايات المتحدة في المنطقة. على إسرائيل أن تتأكد من أن إيران لا تحاول استغلال كل الأمور لمواصلة نشاطاتها، وبالتالي ترفع شارة الثمن التي تجبيها.

إسرائيل اليوم

المقال السابق
إيران تعلن رسميًّا مقتل دبلوماسييها الذين خطفوا في لبنان

الرصد

مقالات ذات صلة

حزب الله مثلما عرفناه لم يعد موجوداً

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية