"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

"يسكرون من زبيبة"!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأحد، 14 أبريل 2024

بسبب تفاعل جماهيره مع الهجوم الذي شنّه على “الدولة اليهوديّة”، رفعت الباحثة الإسرائيلية الدكتور ليراز مرغليت، في مقال نشرته في صحيفة “معاريف” القبعة احترامًا للنظام الإيراني!

في اعتقادها إنّ هذا النظام على الرغم من عدم تحقيق أيّ نتائج من هجومه الجوّي على إسرائيل، من جهة ووضع الفشل كهدف “واعٍ” لهذا الهجوم، من جهة ثانية، نجح “في إثارة الشعور بالنصر لدى عامة الناس الذين نظموا احتفالات جنونية” في الشوارع.

وليراز مرغليت مثلها مثل كثيرين إنطلقت من ثابتة واضحة مفادها أنّ الهجوم الإيراني على إسرائيل كان مصمّمًا ليفشل، إذ تمّ توصيل تفاصيله الدقيقة، بشكل مسبق، الى الولايات المتحدة الأميركية، بحيث كان بمقدور واشنطن أن ترشد رعاياها في إسرائيل الى النقاط الواجب عليهم تجنّبها، في أثناء الهجوم، وأن تسد ثغرات منظومة دفاعاتها في المنطقة وأن تراجع مع قيادة الجيش الإسرائيلي قدرات التصدي التي يملكها لصواريخ وطائرات تحتاج الى حوالي سبع ساعات للوصول إليها، وبالتالي يمكن رصدها، بسهولة، ومعرفة مساراتها بدقة.

ما أثار “احترام” هذه المحللة الإستراتيجية هو هذا الجمهور الموالي لإيران الذي يفصل التعبير عن مشاعر النصر عن النتائج المحققة.

بالنسبة لنا، هذا “احترام خبيث”، إذ إنّه، يوجه إهانة غير مسبوقة، الى مواطني إيران وعدد من الدول، فما بني على باطل هو باطل، وما بني على تضليل هو تضليل، وما بني على وهم هو وهم!

المحتفلون بالهجوم ليسوا “عامة الناس”، بل هم “ناس النظام الإيراني”، أي “خزّانه الدعائي” الذي نظم تجمعات صغيرة متفرقة متفقًا عليها مسبقًا، لأنّه في مقابل هؤلاء كانت هناك أكثرية “غير عقائدية” تسخر من “الهجوم” وحيثياته، لأنّها أدركت أنّ هناك في الكواليس اتفاقًا بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية في إيران، يقضي بأن ترد طهران لاحتواء “غضب” جماهيرها من “إهانة القنصلية” من دون أن تُعطي إسرائيل المتأهبة أيّ “مشروعية” لفتح حرب إقليمية قد يكون صقور الحكومة في تل أبيب ينشدونها!

وإذا صدّقنا دونالد ترامب، فهذا السيناريو كانت إيران قد اعتمدته مع البيت الأبيض، في العام 2020 للرد على اغتيال قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني، إذ جرى تبليغ تفاصيل “هجوم الرد”، مسبقًا، الى المعنيين في الإدارة الأميركية.

نحن، خلافًا للباحثين في إسرائيل والغرب، حيث هناك إعجاب “مضمر” بأعتى الديكتاتوريّات التي تتحكم بالناس وبقناعاتهم وبمصالحهم وبحرياتهم وبحقهم بالحياة، نعتقد بوجوب فصل “ظاهر الحال” عن “الحقائق المجردة”، فالمحتفلون ب”النصر الموهوم” هم جزء لا يتجزأ من صناعة الوهم نفسه، إذ إنّ هدفهم هو إشباع رغبة المتعطشين الى انتصار ضد إسرائيل وضد الولايات المتحدة الأميركية ولو على قاعدة “الكسرة بيد الشحاد غنيمة”!

نحن نراهم كل يوم في مجتمعاتنا، ففيما يبكي “عامة الناس” على أرواح ذويهم وممتلكاتهم، ينظم “الجمهور الدعائي” احتفالًا كلّما احترقت شجرة في حرج إسرائيلي، وسقطت نافذة في بيت، وقتلت دجاجة في مزرعة، وعلت صفارات الإنذار في بلدة.

يمكن، في مكان ما أن نفهم هذا الإنحراف في العقل التحليلي، إذ يستغرب كيف يمكن للجمهور الخاسر أن ينظم احتفالًا بالنصر فيما يذهب الجمهور المنتصر الى تجمعات الغضب لأنّ المكاسب ليست على قدر ما يتمنّى!

نحن، على خلاف ليراز مرغليت لا نرفع القبعة احترامًا للنظام الإيراني بل نعلي الصوت للتخلّص من كوارث هذا الخبث علينا والتلاعب بنا!

المقال السابق
إسقاط معظم المُسيّرات الإيرانية في الأجواء السورية
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

لماذا لجأ نصرالله إلى "برج الحمام"؟

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية