في مقال نشر يوم 19 سبتمبر (أيلول) في “بي بي سي نيوز”، أفصحت خمس سيدات بأنهن تعرّضن للاغتصاب على يد مالك “هارودز” السابق محمد الفايد، عندما كنّ يعملن موظفات في متجره الفاخر في العاصمة البريطانية. وحصلت الاعتدءات كذلك في باريس وسان تروبيه وأبو ظبي.
يذكر أن محمد الفايد ولد في 27 يناير (كانون الثاني) 1929 في إحدى ضواحي مدينة الإسكندرية المصرية الساحلية، وأمضى جزءاً كبيراً من حياته في بريطانيا، حيث أصبح مالكاً لمتجر “هارودز” في عام 1985. وقد رُفض طلبه للحصول على الجنسية البريطانية مرات عدة. وفي عام 2000، تحدّث القضاء عن “مشكلة عامة في الشخصية” لديه.
وفي التفاصيل أن “هيئة الإذاعة البريطانية” (بي بي سي) استمعت إلى شهادات أكثر من 20 موظفة سابقة قلن إن الملياردير، الذي توفي العام الماضي، قام بالاعتداء عليهن جنسياً واغتصابهن.
ويجمع الوثائقي والبودكاست “الفايد: مفترس في هارودز” الأدلة التي تفيد بأن إدارة “هارودز” آنذاك لم تفشل في التدخل فحسب، بل تسترت أيضاً على مزاعم الاعتداءات.
وقال مالكو “هارودز” الحاليون إنهم صعقوا عندما علموا بهذه المزاعم، واعتذروا عمّا حدث. وقالوا: “صحيح لا يمكننا محو الماضي، لكننا عقدنا العزم على اتخاذ الخطوات الصحيحة كمؤسسة، مدفوعة بالقيم التي نحافظ عليها اليوم، مع ضمان عدم تكرار مثل هذا السلوك في المستقبل”.
وأفادت إحدى السيدات بأن الفايد اغتصبها في شقته في بارك لين: “لقد كنت واضحة بأنني لا أريد ذلك. ولم أكن موافقة. أردت فقط أن ينتهي الأمر”.
وتقول امرأة أخرى إنها كانت مراهقة عندما اغتصبها في منزله في مايفير. وأضافت: “كان محمد الفايد وحشاً، ومفترساً جنسياً، لا يملك أي بوصلة أخلاقية على الإطلاق”. وتعترف صوفيا، إحدى الموظفات التي عملت مساعدةً شخصيةً له: “كان شريراً”. وصرّحت بأنه حاول اغتصابها أكثر من مرة.
في حين قالت جيما، وهي مساعدة أخرى له، “أصبح سلوكه مخيفاً للغاية أثناء رحلات العمل إلى الخارج”. وتقول إن هذا السلوك بلغ ذروته عندما تعرّضت للاغتصاب في فيلا وندسور في بوا دو بولون في باريس.
وتابع المقال سارداً قول توني ليمينغ، مدير قسم “هارودز”: “كنت على علم بإساءة معاملة النساء ولم يكن الأمر سراً على الإطلاق، حتى أن “الملامسات” التي كان يقوم بها مالك “هارودز” استحالت موضوعاً للنكات”.
وأضاف: “إن كنت أنا أعرف بالأمر، فالجميع يعرفون. وأي شخص يقول غير ذلك فهو يكذب”.
ويؤكد إيمون كويل، الذي انضم إلى “هارودز” كمحقق في المتجر قبل أن يصبح نائب مدير الأمن، على الموضوع قائلاً: “كنا على علم بأنه كان مهتم بشدة بالفتيات اليافعات”، وقد اعترفت النساء ضحايا الفايد بالخضوع لفحوص طبية جنسية عندما بدأن العمل بشكل مباشر معه.
ويتابع المقال الكشف عن ثقافة الخوف التي كان يزرعها الفايد بين الموظفين، من أكبر منصب إلى أصغره، إذ أعربت الضحايا عن شعورهن بالخوف في العمل، ما حال دون تجرؤهن على التحدث علناً عن الاعتداءات.
كذلك صرّحت أخريات باعتقادهن أن الهواتف في المتجر كانت مراقبة، لمنع السيدات من التحدث إلى بعضهن البعض بشأن ما يمررن به خوفاً من أن تلتقط الكاميرات الخفية ذلك. وأكد كويل هذه المخاوف، إذ أقر أن جزءاً من عمله كان يقتضي الاستماع إلى المكالمات المسجلة.
وصرّح متجر “هارودز” في بيان له بأن هذه التصرفات تنم عن فرد “عازم على إساءة استخدام سلطته”، وقد أدانت الشركة الموضوع بأشد العبارات.
ويذكر التقرير أيضاً اتهامات سابقة بحق الفايد، ففي عام 2017 كشفت صحيفة “تلغراف” اتهام الفايد بالتحرش جنسياً بموظفة في متجر “هارودز”، تبلغ من العمر 17 سنة، وإجبارها على ارتداء ملابس السباحة وتصويرها، قبل أن يعرض عليها دعمها للعمل كممثلة مقابل خدمات جنسية.
علاوةً على ذلك، يكشف الوثائقي أن جزءاً من تسوية جيما (إحدى الضحايا) كان عليها أن توقّع على اتفاقية عدم الإفصاح، وهي عقد ملزم قانوناً يضمن بقاء المعلومات سرية. وتعرض النساء الضحايا أيضاً للتهديد والترهيب من قبل مدير الأمن في “هارودز” آنذاك، جون ماكنمارا؛ بغي ة منعهن من التحدث.
وتقول إنها بعد أن تعرّضت للاغتصاب، أوكلت محامياً فاتصل بإدارة “هارودز” وأخبرهم بأنها ستترك وظيفتها بسبب التحرش الجنسي. وتتابع جيما قائلةً إنها لم تستطع في ذلك الوقت الكشف عن مدى اعتداءات الفايد. ووافقت الإدارة على استقالتها ودفعت لها مبلغاً من المال مقابل تمزيق جميع الأدلة والتوقيع على اتفاقية عدم الإفصاح. وتقول جيما إن أحد أعضاء فريق الموارد البشرية في “هارودز” كان حاضراً في أثناء تمزيق الأدلة.
يذكر أن 14 امرأة رفعت حتى الآن دعاوى مدنية ضد “هارودز” للمطالبة بالتعويضات. تقول جيما: “لقد أمضيت سنوات عدة في الصمت وعدم التحدث، واليوم آمل بأن يساعد الحديث عن ذلك. علّنا جميعاً نشعر بتحسن ونتماثل إلى الشفاء من الاعتداء”.