تعيش فرنسا واحدة من أكثر أزماتها السياسيّة حدة، إذ بدأت تجد، مع تقدم لافت لأدبيات “اليمين المتطرف” في كل جريمة أو حادث او شجار، يشارك فيها مسلمون، كارثة وطنية، بحيث تسيطر، منذ أسابيع على الحياة السياسية جريمتان: الأولى وقعت في بلدة “كريبول” حيث أدّى شجار بين مجموعة غالبيتها من المسلمين ومجموعة أخرى الى مقتل شاب يدعى توماس، أما الثانية فتتصل بإقدام فرنسي من أصول إيرانيّة يعاني من اضطرابات مرضية نفسية أعلن ولاءه ل”داعش”، بواسطة سكين قرب “برج أيفيل”، على قتل سائح ألماني من أصول فيليبينيّة وجرح إثنين آخرين.
وفي سياق النقاش المفتوح حول هاتين الجريمتين اللتين تمّ ربطهما بحرب إسرائيل و”حركة حماس” في قطاع غزة، إنحرف الموضوع نحو صراع طائفي ضمّ إليه الإعلامية المعروفة روث ألكرييف، وهي من أصول مغربيّة ويهوديّة، بعدما اتهمها رئيس حزب “فرنسا الأبيّة” جان لوك ميلونشون ب”احتقار المسلمين”، لأنّها توغلت في نقاش منسق حزب ميلونشون في الخلفيّة التي تجعل هذا الحزب يتخذ مواقف مناهضة لإسرائيل ومؤاتية ل”حماس” في غزة وللمسلمين في فرنسا.
وفي ضوء اتهامات ميلونشون، أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان أنه تمّ وضع الإعلامية في قناة “أل. سي. إي” الإخبارية التابعة لمجموعة “ت. أف ١” الفرنسية روث إلكرييف تحت الحماية المطلقة بعد تغريدة ميلانشون في منصة “إكس” وصفها فيها ب”المتشدّدة التي تحتقر المسلمين”.
وجاء ذلك بعد جدال وقع بين إلكرييف وضيفها النائب في كتلة فرنسا الأبيّة” عن مدينة مرسيليا إيمانويل بومبارد بشأن النزاع بين حماس وإسرائيل.
وكتب ميلونشون:
“روث إلكريف مندسّة، إما أن نهين نحن المسلمين أو تستنفر هذه المتعصّبة، يا للعار، إلكرييف تحاول ازدراء المسلمين”.
وردّ وزير الداخلية جيرار دارمانان على الاتهامات التي وجهّت ضده بأنه يمارس العنصرية ضد جان لوك ميلونشون وقال: ‘في المقام الأول كانت الهجمة ضد صحافية”، مبديًا عدم رغبته في “الخوض في جدال غير مجدٍ ”، نافيًا أن يكون “السيد ميلونشون الذي أعرفه من كبار المدافعين عن اليهود” كما قال.
ومن جهته تساءل الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران عن “المكان الذي يحتله ميلونشون في الحوار العام وهو الذي لا يترك مناسبة إلا ويتهم فيها الشرطة بالقتل ورؤساء الشركات بالأشرار والآن يتهم الصحافيين بالتعصّب”.
وانتقد ميلونشون في تغريدة أخرى، مجموعة ” ت إف ١” لدعمها الكامل لروث إلكرييف، عبر “إكس” وقال: “إنّ دعم صحافية مهووسة حاولت “استغياب” فريق وعدم فتح المجال له للدفاع عن نفسه، قد يفقد المحطة مصداقيتها”.
ودخلت أحزاب اليمين المتطرّف على الخط وطالبت بإبعاد ميلونشون “المنحرف” عن وسائل الإعلام.
يأتي كل ذلك، فيما تعيش فرنسا أسوأ مراحلها، فهي تخشى على نفسها من تفشي “الجرائم” الهادفة فيما تستعد لاستضافة الألعاب الأولمبية في تموز المقبل، وينشر اليمين المتطرف أفكاره التي تكاد تصل الى حد الدفاع عن تحركات “مرعبة” لبعض تنظميات “اليمين الأصولي”.
وتمارس ضغوط على المؤسسات الفرنسية من أجل أن تدخل تعديلات على القوانين الحالية، بحيث يتاح لها أن تعتقل إداريًّا، جميع من ترتسم حوله شبهات بتأييد “الإرهاب”.