في منطقة الجعيتاوي، تحوّلت محطة وقود مهجورة، إلى مطبخٍ يضم مئات الشبّان من مختلف المناطق اللبنانيّة، لتحضير وجبات الطعام اليوميّة وتوزيعها على النازحين داخل المدارس والمعاهد الرسميّة.
تجمّع عشرات الشبان في بيروت، وحضّروا أكثر من 1000 وجبة غذائية بهدف توزيعها على النازحين في لبنان.
هي واحدة من مبادرات “إغاثية” كثيرة تعكس تعاطف اللبنانيين وتكاتفهم في أزمنة الشدّة.
مركز للمساعدات
في عام 2020، وبعد تفجير مرفأ بيروت، وتدمير الأحياء بأهلها، تحوّلت منطقة الجعيتاوي إلى منطقة منكوبة. تكاتف اللبنانييون، وبدأت المبادرات الفرديّة تنتشر في مختلف المناطق لمساعدة الأهالي وتأمين احتياجاتهم الضروريّة.
آنذاك، قرّرت مجموعة من اللبنانيين تحويل محطة للوقود مهجورة، إلى مركز للتبرعات، وتجهيز الأطعمة فيها وتوزيع المساعدات على المواطنين.
وواقع الأمر، لا يكاد لبنان يخرج من أزمة حتى يدخل في الثانية. لذلك، لم تُقفل أبواب المركز. فالحاجة دائمة لمساعدة المواطنين. وبعد تفجير المرفأ، بدأت موجة الهزات الأرضية، وكان هناك ضرورة لمساعدة الأهالي للخروج من المباني الآيلة للسقوط وتأمين مساكن لهم. واليوم، يستخدم المركز لتحضير وجبات الطعام لآلاف النازحين.
مساعدة النازحين
يشرح حسين قزعون، مؤسس “nation station”، في حديثه لـ “المدن”، أن عشرات الشبان تطوعوا في هذا المركز للمساعدة منذ عام 2020، وعددهم الحالي يبلغ حوالى مائة شخص من مختلف المناطق، وتتراوح أعمارهم بين العقدين الثاني والثالث. ويقول: “يوم أمس بدأنا بتجهيز الحصص الغذائية، وحضرنا حوالى 1000 حصة. وهي عبارة عن وجبة من “المجدرة”، وحصة للعشاء (ألبان وأجبان). هذه الحصص تكفي لـ300 شخص. وبعد تواصلنا مع وزارة الصحة، أبلغتنا بأسماء المدارس التي تحتاج إلى حصص غذائية، وحوّلنا هذه الحصص ووزعت على النازحين”.
منذ عام 2020، اكتسبت المجموعة الخبرة الكافية للتعامل السريع خلال هذه الظروف الاستثنائية. وحسب قزعون، فإن العمل المتواصل بعد تفجير المرفأ، كوّن خبرة واسعة للشبان، وصاروا يلبّون احتياجات الناس بسرعة أكثر.
داخل المركز، يتقاسم الشبان العمل، يفتح المركز أبوابه من الثامنة والنصف صباحًا، حتى السابعة مساءً، وتتوزع المهام على المتطوعين. هناك مجموعة لتجهيز الوجبات خلال ساعات الصباح، ومجموعة أخرى خلال أوقات مختلفة، وبذلك، يتعاون الشبان على إتمام جميع المهام بوقت محدد.
وحسب قزعون، إن التكلفة اليومية لتجهيز وجبات الطعام للنازحين، هي 2300 دولار أميركي. وقد تمكّنوا من تأمين هذا المبلغ لعدة أيام. أي أن المبالغ المتوفرة معهم، وهي نتيجة التبرعات الفردية، تكفي لتجهيز وجبات يومية حتى يوم الأحد المقبل. ويشرح قائلًا: نحتاج يوميًا إلى تكاليف عالية بسبب استخدام الغاز، والمواد المطلوبة للطبخ، واللوازم الضروريّة وما إلى ذلك”. ويضيف: “أمتلك مزرعة عضوية في البقاع، ومنذ عام 2020، أقوم بتحويل هذه الخضار إلى بيروت لتوزيعها واستخدامها في تجهيز الحصص الغذائية، كما أن العديد من الشبان يقومون بتأمين مكونات الحصة الغذائية، إذ نحن بحاجة يوميًا إلى أكثر من 25 كيلو غرامًا من الأرز، و18 كيلو غراماً من الدجاج أو اللحم”.