"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

وعود حزب الله بإعادة الاعمار.. وهم جديد!

ابراهيم ناصر
الجمعة، 22 نوفمبر 2024

وعود حزب الله بإعادة الاعمار.. وهم جديد!

أصبح من المسلّم به ان حزب الله سيخرج من الحرب الدائرة حاليا على قدر كبير من الضعف ولن تسعفه هذه المرة اعلانات الانتصار على إخفاء واقعه الجديد. ولكن لن تكون هذه نهاية القصة، لأنّ الحزب، بصفته أقوى أذرع إيران في لبنان والمنطقة، سوف يسعى الى إعادة “تمتين” نفسه.

عوامل كثيرة سوف تؤثر في احتمالات إعادة بناء قوة الحزب، منها:

1- مدى فعالية القيود التي ستفرضها عليه شروط وقف إطلاق النار.

2- قدرة المكونات السياسية اللبنانية بكافة تلاوينها على إعادة الحياة الى مؤسسات الدولة اللبنانية وتقويتها بعيدا عن سطوة الحزب وهيمنته على القرار السياسي الوطني.

3- ما هو المستوى الذي سيصل اليه الاحتضان العربي والدولي للدولة اللبنانية الموعودة سياسيا واقتصاديا وعسكريا؟

4- هل ستخرج إيران من هذه المواجهة متمسكة باستراتيجية التوسع الإقليمي وخوض المواجهات بالوكالة بالاعتماد على أذرعها بعد ان تلقت هذه السياسية ضربات قاسمة لتعود مجددا للاستثمار المكثّف في إعادة بناء حزب الله مهما كانت الاثمان؟

مهما كانت الإجابات التي ستحملها تطورات الشهور المقبلة، يبقى أنّ العامل التأثيري المحوري على مستقبل حزب الله، يتمثّل في قدرته على لملة جراح بيئته الاجتماعية الحاضنة والتي كشفت وقائع الحرب بأن أهميتها الاستراتيجية بالنسبة له توازي، إن لم تكن تتجاوز كافة قدرات الحزب العسكرية والمالية والتنظيمية مجتمعة.

الحزب وورشة الإعمار

على الرغم من رفض هذه البئية لها، وكانت قد توجست من إمكان اندلاعها بمجرد فتح “حزب الله” ل”جبهة المساندة”، شنت إسرائيل الحرب الشاملة وهي تواصلها، وتجاوزت خسائرها اضعاف ما تكبده لبنان في حرب ٢٠٠٦ بشريا وعمرانيا واقتصاديا.

وعندما ستتوقف هذه الحرب، عاجلا أو آجلا، فسوف يسارع “حزب الله” بغض النظر عن النتائج الواقعية لها، الى ادعاء النصر امام اللبنانيين، ولكن هذا الادعاء، بالنسبة لبيئته لا بد من أن يترافق مع اثبات الحزب لقدرته على قيادة الورشة الإعمارية الهائلة والمتمثلة بتعويض خسائر الحرب. إنّ استمرار ولاء تلك البيئة سوف يكون متوقفا على نجاحه في هذه المهمة.

على وقع القصف والمعارك وقبل التيقن من شروط وقف النار وتاريخه، يستنفر حزب الله كافة طاقات اجهزته المدنية تحضيرا لقيادة ورشة تعويض الخسائر، وهي تشمل الإسكان مؤقت للنازحين وتأمين مستلزماتهم المعيشية وإعادة اعمار ما تهدم من مساكنهم ومؤسساتهم على غرار ما فعل إثر حرب ٢٠٠٦ حيث مثّل نجاحه في تلك العملية أحد اهم عوامل مصداقية ادعاءاته بالنصر حينها تجاه جمهوره.

فعلاوة على توزيع المساعدات المالية والعينية على النازحين المحسوبين عليه فقد باشرت الفرق الفنية التابعة له بإحصاء الإضرار وتحرير الكشوفات بها والاتصال بالفنيين لإبقائهم في حال من الجهوزية بما يشبه عملية التزييت لأجهزته الفنية استعدادا لمرحلة إعادة الاعمار وفي نوع من توجيه الرسائل في أكثر من اتجاه لتطمين جماهيره لمدى الاهتمام الذي يوليه منذ الآن لهذا الملف من ناحية وليحجز لنفسه باكرا امام الدولة ولأطراف المعنية الاخرى الدور الأساسي في عملية إعادة الاعمار.

من سيدفع للحزب هذه المرة؟

إثر اعلان “الانتصار” بعد حرب تموز ٢٠٠٦ نجح حزب الله في تمرير مئات الملايين من الدولارات المخصصة لإعادة الاعمار مباشرة من خزينة الدولة الى صناديق مؤسسات الحزب (جهاد البناء وشركة وعد) التي قادت واشرفت وحدها على إعادة بناء الوحدات السكنية المهدمة. وللتذكير فان الجزء الأكبر من هذه الأموال جاء على شكل هبات من دول الخليج العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وفاق حجم هذه الهبات المليار ومئتي مليون دولار اميركي. هكذا وفى الحزب لجمهوره بوعد إعادة بناء بيوتهم “بأفضل مما كانت عليه” وساهم بإثراء المؤسسات الدائرة في فلكه وفلك حلفائه التي شاركت في هذه الورشة الضخمة.

امام النكبة الجديدة التي تسبب بها حزب الله للبنانيين عامة والشيعة منهم بشكل خاص وبيئته اللصيقة على وجه أخص هل سيتمكن الحزب من تكرار سيناريو ٢٠٠٦ في إعادة الاعمار وهل سينجح امينه العام الجديد بالإيفاء بوعود تضميد الجراح التي يكررها على مسامع آلاف المنكوبين؟

الظاهر انه مثلما ان هذه الحرب لا تشبه بشيء حرب ٢٠٠٦ لناحية شرعيتها وأهدافها ونتائجها وكافة الظروف المحيطة بها، فإن ما بعدها سوف لا يشبه بشيء ما بعد حرب ٢٠٠٦ بما فيه عملية إعادة الاعمار. يكفي للدلالة على ذلك المقارنة بين الاستنفار الدبلوماسي والشعبي العربي والدولي لمصلحة لبنان الذي رافق تلك الحرب والوعود المعلنة بالمساعدة المالية حتى قبل سكوت المدافع حينها وبين هذا الصمت الدولي المطبق والعزلة الموحشة للبنان خلال الحرب الحالية والغياب التام لكل ما له صلة بمساعدة هذا البلد ماليا بعد وقف إطلاق النار. هذا يدلّ على ان دول الخليج العربي كما المجتمع الدولي ومؤسساته لن تكرر سيناريو ٢٠٠٦ ولن تفصح عن نواياها بالمساعدة في إعادة الاعمار قبل ان تتيقّن من ان يد حزب الله أصبحت مرفوعة تماما عن مؤسسات الدولة اللبنانية السياسية والأمنية والقضائية ومن ضمان ان لا يمرّ أي مبلغ مالي مخصص لإعادة الاعمار عبر حزب الله ومؤسساته الواقعة بطبيعة الحال تحت سيف العقوبات المالية الأميركية والخليجية.

لن تتعدى مساهمة حزب الله في تضميد جراح بيئته حدود ما ستوفره له إيران من القليل من المساعدة النقدية لسد بعض الحاجات اليومية ورفع الأنقاض وسوف يكون في موقف العاجز عن مواجهة ضخامة ورشة إعادة الاعمار. فهل ترفع هذه البيئة، كما يفرض المنطق السليم، الصوت لمساءلة الحزب وتحميله مسؤوليات ما جرّ عليها وعلى لبنان من مآس وخراب عظيم لعلها بذلك تساهم في خلق امل حقيقي بتعويض ما أمكن من الخسائر؟

المقال السابق
"ما ينتظرنا ليس سهلا".. ميركل حزينة لعودة ترامب

ابراهيم ناصر

باحث سياسي واجتماعي

مقالات ذات صلة

نقاش بالصوت والصورة/ التقدم الإسرائيلي البري في جنوب لبنان من النكران الى الإستخفاف

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية