"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

توريط دولة فاشلة في حرب طاحنة..المطار كمثال سخيف!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأحد، 15 أكتوبر 2023

يملك “حزب الله”، من دون شك، القدرة على أذية إسرائيل، في حال خاض معها حربًا مفتوحة، فهو جاهز عسكريًّا للمواجهة، تحت عنوان “وحدة الساحات”.

ولم تخرج نتائج زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت، أمس عن الإطار “التورّطي” الذي وضعه “حزب الله”، منذ اليوم الأوّل لإعلان “حركة حماس” بدء حرب “طوفان الأقصى” التي مهّدت لها بعملية ضخمة، إمتازت بنوعية عسكريّة استثنائيّة وتعرّضت لحملة إنسانية هائلة !

ولكنّ هذه الجهوزيّة العسكريّة التي يتميّز بها “حزب الله” لا تنسحب على الجهوزيّة الواجب توافرها في الدولة التي يسيطر “حزب الله” على قرار الحرب فيها، إذ يتضح، من دون أي لبس، أنّ لبنان عاجز ليس عن خوض حرب فحسب بل عن التعايش مع التهديد بحرب، أيضًا!

وإذا كان قطاع غزّة، يعيش كما كان يقول سكّانه من “قلّة الموت” فإنّ لبنان كان، عشية حرب “طوفان الأقصى” يناضل من أجل التوصل الى إعادة بناء الدولة من أجل إنقاذ نفسه من الإنهيار الضخم الذي وجد نفسه فيه.

وتدليلًا على عدم جهوزيّة لبنان لخوض غمار أيّ حرب، يمكن للمراقبين أن يتّخذوا من مطار رفيق الحريري الدولي، وهو المطار المدني الوحيد في البلاد، نموذجًا!

ويشهد هذا المطار، منذ أيّام عدة، وعلى الرغم من انتهاء مغادرة السوّاح، زحمة غير مسبوقة في قاعة المغادرة، بحيث يفصل بين المغادر والسوق الحرّة التي لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن موقع تسجيل المسافرين لدى ممثلي شركات الطيران، وقت يفوق في بعض الأحيان، كما كانت عليه الحال أمس الأوّل، ساعتي انتظار مضنٍ!

ولم يكن غريبًا أن تستمع وأنت تنتظر حلول “ساعة الفرج” إلى شكاوى “زملاء المعاناة” الذين يبدو أنّ بعضهم استعجل مغادرة لبنان خوفًا من تدهور الأوضاع المحتدمة في الجنوب مما يؤدّي، وفق التجارب السابقة، إلى إقفال مطار بيروت.

ولم يكن المغادرون الذين راحوا يسخرون من دولة تستدعي الحرب، وهي عاجزة عن تنظيم المسافرين، يدركون أنّ في مكان آخر من الجحيم الذي هم فيه يوجد تجمّع احتفائي تقيمه قوى الممانعة،وسط حراسة شديدة، بمناسبة وصول وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الى بيروت، حيث كانت الشعارات تتناوب كالأمواج على شواطئ البلاد الملوّثة، ولم يكن هناك أحد يهمّه ما يعاني منه المضطرون على مغادرة بلاد مهدّدة بحرب لا جدوى منها!

وخلافًا للتفسيرات السطحية، لم تكن كثرة المغادرين هي التي تتسبّب بزحمة خانقة في مطار رفيق الحريري الدولي، إذ إنّ عملية حسابية بسيطة، تظهر لمن يعرف مسائل بديهية في عمل المطارات، أنّ العدد لم يكن استثنائيًّا، وكان كافيًا اتّخاذ بعض التدابير العادية للتعامل مع الزحمة المدانة بسلاسة!

في واقع الحال، إنّ تعذيب مغادري لبنان يعود الى مشكلة في التنظيم وفي الادارة وفي القيادة، وربما أكثر، إذ ليس طبيعيًّا أبدًا أن يتمّ صلب المغادرين، وبينهم أطفال وعجائز ومرضى كِلى وبروتستات وما شابه، لساعتين واكثر في صف فوضوي مسؤولة عن تنظيمه وزارة الاشغال العامة، يفصلهم عن نقاط التفتيش التابعة لقوى الامن الداخلي ومن ثم عن نقاط الأختام التابعة للمديرية العامة للأمن العام !

ليس طبيعيًّا أن يحصل ذلك ويكتشف المعذبون أنّ المطار يعمل بأربعين بالمائة فقط من طاقته الاستيعابية، بدليل أنّ ماكينات تفتيش الأمتعة التي تمهد العبور الى زحمة الأمن العام، تعمل بمعدل ثلاث ماكينات من اصل سبع موجودة، وان شبابيك الامن العام تعمل بمعدل سبعة من اربعة عشر متوافرة.

وعندما تعترض على هذا التقصير المسؤولة عنه وزارتا الاشغال والداخلية نجد هؤلاء الذين يعبرون في “خطوط الواسطة”- وما أفرها- يدافعون، بالقول ان هناك نقصًا في عديد القوى الامنية المختصة، بفعل تدني قيمة الرواتب.

نقص لا يلاحظه، مثلًا من يحاول ان يبني حائطًا لمنزله في آخر قرية في لبنان، ولا من يذهب الى منزل مسؤول محروس ولا من يطلب بشفاعة قادر أو بسحر “الإكرامية” ولا من يراقب الإحتفال، على بعد أمتار قليلة، بمجيء عبد اللهيان!

وهذا التعذيب في مطار رفيق الحريري الدولي، على الرغم من أهميّته، ليس قضية قائمة بذاتها، بل هو مجرّد نموذج ظاهري لمشاكل أعمق في لبنان، تظهر أنّ إقحامه في حرب شبيهة بتلك التي حصلت في تموز/ يوليو 2006، قد يعيده، فعلًا، ولأمد طويل جدًّا، إلى العصر الحجري!

إنّ دخول الحرب لا يقتصر على جهوزية إيذاء العدو بل يفترض، قبل أيّ شيء آخر، منع نهاية لبنان.

ولا يمكن لعاقل أن يتخيّل كيف يمكن لإنهاء لبنان أن يخدم القضية الفلسطينية عمومًا وقطاع غزّة خصوصًا!

وإذا سألتَ شخصًا يتم وصفه في لبنان بالمسؤول عن كل ذلك تجده يرفع يديه مستسلمًا، طالبًا منك أن تنقل شكواك إلى من يملك القرار، أي “حزب الله” وخلفه الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران!

المقال السابق
معرض فرانكفورت يلغي حفل منح جائزة لروائية فلسطينية
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

زفّت ساعة نصرالله!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية