قررت تونس، إعفاء الإيرانيين من تأشيرة الدخول، في خطوة سبقتها زيارة من الرئيس قيس سعيّد، هي الأولى إلى طهران منذ الثورة الإسلامية عام 1979، للمشاركة في تشييع الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، الذي قتل في حادث تحطم طائرة مايو الماضي.
وخلال اللقاء الذي جمع سعيّد بالمرشد الإيراني على هامش الزيارة، قال علي خامئني، للرئيس التونس حسب وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، إنه “من الضروري أن يتحول التعاطف الحالي بين البلدين إلى تعاون ميداني”.
فيما رد سعيّد بالإعراب عن أمله أن “يتم توسيع التعاون بشكل عملي”.
وكان سعيّد من بين الزعماء العرب القلائل الذين شاركوا في مراسم تشييع رئيسي، كما باتت تونس من البلاد العربية المحدودة التي تسمح للإيرانيين بزيارتها دون تأشيرة، وهو ما يفتح الباب أمام العديد من التساؤلات بشأن دوافع هذه الخطوات لزيادة الانفتاح على طهران، وسط تحذيرات من انعكاس ذلك على السياسة الخارجية والداخلية على المدى المتوسط، وديمغرافية البلاد على المدى الطويل.
“إصرار على التقارب”
المحلل السياسي التونسي صلاح الدين الجورشي، يعتبر أن سعيّد كان ولا يزال يرغب في توثيق العلاقات مع إيران منذ انتخابه، إذ أبدى حرصه، في أكثر من مناسبة، على زيارة طهران.
ويضيف الجورشي في اتصال هاتفي مع موقع “الحرة” أن “الزيارة الأخيرة دعمت هذه التوجه نحو التقارب أكثر مع طهران، وربما تأتي هذه الخطوة ضمن المزيد من الخطوات المستقبلية لتوثيق العلاقة بشكل كبير بين البلدين، خصوصا في الشق الاقتصادي”. وفي فبراير الماضي، أفادت وكالة “مهر” للأنباء الإيرانية بأن إيران وتونس اتفقتا على إحياء الاتفاقيات التجارية واللجنة المشتركة بينها، وذلك على خلفية اجتماع جمع السفير التونسي الجديد في إيران، عماد الرحموني، ونائب وزير الصناعة والتعدين والتجارة رئيس منظمة التجارة الإيرانية، مهدي ضيغمي.
وحسب الوكالة، فإن هناك 18 اتفاقية ومذكرة تفاهم موقعة بين البلدين، وتوقف العمل على تنفيذ بعض الاتفاقيات منذ 10 سنوات.
وفي تصريحات نقلتها الإذاعة التونسية مايو الماضي، دعت رئيسة ديوان وزيرة التجارة وتنمية الصادرات، لمياء عبروق، إلى تفعيل مجلس رجال الأعمال المشترك التونسي الإيراني والتسويق لجعل تونس بوابة للاستثمار ومحطة لإعادة تصدير المنتجات الإيرانية نحو أفريقيا.
ويعتبر المحلل السياسي من القاهرة، منير أديب، أن “تطوير العلاقات بين البلدين يأتي في سياق الاستفادة المتبادلة بما يخدم مصالحهما السياسية”.
ويضيف لموقع “الحرة”: “إيران تبحث عن عمق وتأثير لها في أفريقيا بخلاف أذرعها في بعض الدول العربية، فيما يبحث سعيد عن دعم في مواجهة خصومه السياسيين وعلى رأسهم حزب النهضة وجماعة الإخوان المسلمين”.
ويتابع: “النظام في تونس اتخذ قرارات حاسمة ضد حركات الإسلام السياسي التي يتهمها بالعنف والتطرف مثل جماعة الإخوان المسلمين وحزب النهضة المنبثق عنها. كما يعتبر أنه يبني الجمهورية الجديدة لتونس؛ لهذا يسعى إلى أدوات سياسية جديدة ترسخ حكمه”.
وتم انتخاب سعيّد ديمقراطيا عام 2019، لكنه أقال الحكومة بعد عامين وعلق عمل البرلمان قبل حله. ولاحقا عدّل الدستور، وغير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي.
وحاليا يقبع عدد من معارضيه في السجن، بينما تستعد تونس لإجراء انتخابات رئاسية في ديسمبر المقبل.
ويدافع سعيّد، منذ ذلك الحين، عن توليه كل السلطات، كسبيل وحيد لإنهاء الشلل الحكومي بعد سنوات من الخلاف السياسي والركود الاقتصادي وتفشي الفساد، ووعد بدعم الحقوق والحريات التي تم تحقيقها في ثورة 2011.