كم من الأموال تُصرف في حروب الآخرين على أرض لبنان وكم من الميزانيّات تُهدر في صراع المناصب؟
التقارير الدوليّة تقول الكثير في ذلك.
في كل ذلك العطاء بلا حدود، وبلا ميزانيّات!
ولكنّ كل هذا الكرم اللبناني والحنكة السياسيّة والعظمة العسكرية تنتهي عندما تبدأ المعارك الحقيقية التي لها علاقة باستقرار اللبنانيين وأمانهم ومصالحهم وصحتهم وحقهم بالحياة.
في ذلك، لا نتحدث عن الفقر والأمراض والسرقات والتشليح والجريمة، فحسب بل عن مقاومة انسداد الأنهر والمجارير والحفر الصحيّة التي أيظت لبنان غارقًا في طوفان من صنع المسؤولين الحكوميين والمحليّين، أيضًا.
عندما تتوضح صورة الكارثة التي حلت بلبنان، منذ ليل أمس سوف يسارع الكثيرون الى التبرير بالأمطار الغزيرة التي لم يكن استشرافها بحاجة الى عرّافين كما سوف يتبادل هذا الوزير المسؤولية مع ذاك المجلس البلدي.
وستمر هذه الكارثة الجديدة التي ضربت المواطنين اللبنانيين الذي حاولوا أن يأخذوا نفسًا مع حلول عيدي الميلاد ورأس السنة، كما مرّ غيرها، لأنّ لا من يحاسب ولا من يسائل، لا قي أعلى الهرم ولا في أسفله.
إذن، بعد فضيحة غرق مطار رفيق الحريري قبل أيّام طافت اليوم كل الطرق المحيطة به، بدءاً بالأنفاق، حيث علق المواطنون، ولم يجدوا سوى متطوعين يسارعون الى نجدتهم بوسائل بدائية، كسحبهم بواسطة حبل.
وغرقت منطقة الكرنتينا، بحيث طاف مجرى نهر بيروت وأغرق السيارات على مدى كيلومترات.
ولم تسلم الجسور من الطوفان فسيطرت المياه على مجاري السيارات في ضواحي العاصمة ضمن ما يسمّى اصطلاحًا ببيروت الكبرى
تسببت الطوفان بانجراف التربة في بلدة حميص - مزيارة وسقوطها على سطح غرفة (مصنوع من الاترنيت) عند سفح الجبل تقطنها عائلة من النازحين السوريين ما أدى إلى انهيار الغرفة. وقد خلف هذا الانهيار سقوط ٤ ضحايا أطفال من التابعية السورية.
وأغرقت سيول شتوية الساعات الماضية الشوارع والطرق والبيوت بخيراتها الوفيرة والغزيرة فوصلت البرّ بالبحرّ، حتى خًيّل للعديد من الأهالي في الميناء والمنية والبداوي والجوار أنّ البحر خرج لزيارتهم فأغرقهم بسيل من ماء زاد ارتفاعه في بعض الأماكن عن العشرين سنتمترا ً، فترك الأهالي سيّاراتهم بالشوارع ونجو بأنفسهم من الجرف المائيّ. فامتلات الطرق بالحجارة والوحول والصخور وحصلت انهيارات عدّة على طرقات الضنية وزغرتا -إهدن وتحوّلت البيوت إلى برك للسباحة ولحقت بالمفروشات أضرار كبيرة.
وأدت الأمطار الغزيرة ليل الجمعة – السبت، إلى رفع منسوب نهر كفرحلدا – بساتين العصي في أعالي البترون بشكل كبير فخرج عن مساره واجتاحت مياهه عدداً من المطاعم والمقاهي.
وغمرت المياه الطريق في حي الفرطوش، بسبب فيضان نهر جاج في جبيل، وفي بلدة لحفد فاضت مياه النهر على الطريق العام وعملت عناصر الدفاع المدني على سحب السيارات التي علقت على الطريق.
وفجر اليوم، عمل عناصر الدفاع المدني، على تنفيذ “المهام الآتية:
في زوق مصبح تمكّنوا من سحب عدد من السيارات التي احتجزت على الطريق المؤدي الى فندق “هوليداي إن”، بسبب غزارة المتساقطات؛
على جسر كفرشيما عمل العناصر على سحب مواطنين محتجزين داخل سياراتهم؛
على طريق دير الحرف، رويسة البلوط، راس المتن استعان العناصر بالجرافات لإزالة الاتربة والصخور واعادة فتح الطريق؛
في محلة الصياد - الحازمية عمل العناصر على سحب السيارات التي احتجزت، بسبب تبرك المياه، وقام العناصر بتحويل مجرى المياه قرب مستشفى قلب يسوع؛
على طريق المنصورية عمل العناصر على سحب سيارات عالقة بسبب مخلفات الأمطار من انهيارات ترابية؛
في مزرعة يشوع عمل العناصر على سحب المياه من داخل احد المستودعات، وسحب سيارات محتجزة، بسبب غزارة السيول؛
في الفنار تم سحب مياه من داخل مستودع.
كما عمل العناصر على سحب كمية من المياه من داخل ثلاثة منازل تجمّعت جراء السيول في راس المتن، وقد اقتصرت الأضرار على الماديات؛
توازيا، أفادت غرفة التحكم المروري عبر منصة “إكس”، “بتجمع للمياه داخل نفق بحمدون باتجاه البقاع وتحويل السير الى الطريق المحاذية, تم التواصل مع المعنيين للمعالجة”.
في السياق، ذكرت المديريّة العامّة للدّفاع المدني اللّبناني، أنّ “عناصر من الدفاع المدني سحبوا 64 تلميذًا، حاصرتهم السّيول داخل باصَين في محلّة نهر الكلب”، مشيرةً إلى أنّ “العناصر نقلوا إحدى التّلميذات إلى مستشفى سيدة لبنان لتلقّي العلاج اللّازم، كما قدّموا الإسعافات الأوّليّة اللّازمة إلى تلميذة أخرى في الموقع. أمّا التلاميذ الآخرين فقد تمّ التّأكّد من سلامتهم، وإيصالهم إلى برّ الأمان”.
وأفادت بأنّ “العناصر عملوا أيضًا على إزالة الصّخور والأتربة جرّاء سقوطها على طرقات دوما وكفرحلدا- البترون، وذلك لتسهيل حركة المرور وتمكين المواطنين من متابعة سيرهم بأمان”، مشيرةً إلى أنّ “عناصر من الوحدات البرّيّة والبحريّة كافّة، معزّزين بالآليّات من مراكز متعدّدة، عملوا كذلك على إنقاذ مواطنين احتجزتهم السّيول داخل الأبنية السّكنيّة، وسحب عدد كبير من السّيّارات الّتي حاصرتها السّيول في محلّة الكرنتينا، حيث ارتفع منسوب المياه بسبب إقفال منفذ النهر نظرًا لكميّة المتساقطات الهائلة”.
وأوضحت المديريّة أنّه “تمّ التّأكّد من سلامة المواطنين الّذين كانوا محاصرين على سطح أحد المباني، وعملت زوارق الإنقاذ البحري على نقلهم إلى برّ الأمان، ولم يسجّل وقوع أيّ إصابات، باستثناء مصاب واحد تمّ نقله إلى المستشفى بواسطة آليّة الإسعاف التّابعة للدفاع المدني”.
وبيّنت أنّ “عناصر من الدفاع المدني عملوا على سحب ثلاث سيّارات، وإنقاذ مواطنين احتُجزوا بداخلهم جرّاء ارتفاع منسوب مياه النّهر في لحفد- جبيل“.
بالتزامن، أدى تساقط كميات كبيرة من الأمطار الكثيف ليل أمس وصباح اليوم الى تجمع المياه داخل مستشفى قلب يسوع في الحازمية.
وقد أظهرت الصور دخول المياه الى قسم الطوارئ وقسم الاشعة في المستشفى بعدما غمرت موقف السيارات التابع لهما.