أشبه بالحمم المتصاعدة من البركان، تتدفّق الحرارة في جسمِكِ، فيحمرّ وجهك وتتسارع دقات قلبك. فجأة تشعرين كما لو أنّ كل مسام في بشرتك قد بدأ بالتعرّق. إذا كنت محظوظة، فإن الهبّة الساخنة ستنحسر بالسرعة التي بدأت بها. وإذا لم تكن كذلك.. فبعض النساء سيختبرن موجة من هذه الهبات تصل كل منها حد خمس دقائق.
وقالت الدكتورة ستيفاني فوبيون، مديرة مركز صحة المرأة في جاكسونفيل، بفلوريدا، والمديرة الطبية لجمعية سن انقطاع الطمث في أمريكا الشمالية، إن الهبّات الساخنة، والتعرّق الليلي الناتج عنها، تصيب حوالي 80٪ من النساء اللواتي ينتقلن إلى مرحلة انقطاع الطمث، المتمثّل بتوقف الدورة الشهرية لمدة 12 شهرًا متتاليًا.
لا يزال العلاج بالهرمونات البديلة، المعروف أيضًا باسم العلاج التعويضي بالهرمونات، الخيار المفضل لعلاج أعراض انقطاع الطمث، التي يمكن أن تشمل الهبّات الساخنة، والقشعريرة، والتعرق الليلي، ومشاكل النوم، وتغيّرات الحالة المزاجية، وجفاف المهبل، والألم أثناء ممارسة الجنس.
وحول هذا الأمر، أشارت الدكتورة كريساندرا شوفيلت، الأستاذة والمديرة المساعدة لمركز أبحاث صحة المرأة لدى مايو كلينك في جاكسونفيل، بفلوريدا، إلى أنّ “بعض النساء لسن مرشحات جيدات للعلاج بالهرمونات بسبب موانع الاستعمال، مثل التاريخ الشخصي أو العائلي القوي لسرطانات تعتمد على هرمون الإستروجين، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكتة الدماغية، واضطرابات تخثر الدم، والتخثر الوريدي العميق، وأمراض الكبد المزمنة؛.
وتابعت أنّ “بعض النساء يفضّلن بشكل شخصي عدم تناول العلاج التعويضي بالهرمونات. ولفتت شوفيلت، رئيسة المجلس الاستشاري لجمعية سن اليأس في أمريكا الشمالية، التي أصدرت “بيان موقف العلاج غير الهرموني لعام 2023”، إلى أنه “لكل هؤلاء النساء، نريد تقديم إرشادات قائمة على الأدلة بشأن طرق بديلة للمساعدة في إدارة الهبات الساخنة”.
هذا الإرشادات التي نُشرت في مجلة “مينوبوز” الإثنين، تُحدِّث بيان موقف أقدم صدر عام 2015. با لنسبة لتحديث عام 2023، قام الخبراء بتقييم أحدث الدراسات حول العلاج الطبي والعشبي والسلوكي غير الهرموني، وأساليب نمط الحياة للأعراض الحركية الوعائية، المصطلح الطبي للهبّات الساخنة. وقالت فوبيون: “ما نتحدث عنه تحديدًا هو الهبات الساخنة والتعرق الليلي المصاحب لها لأنها الأكثر شيوعًا”. وأضافت: “نحن لا نتحدث عن أعراض الاكتئاب أو النوم أو القلق في هذه الإرشادات.
وأوضحت شوفلت إن غالبية النساء لا يعانين من الهبات الساخنة فحسب، بل يمكن أن تستمر أكثر من 10 سنوات بالنسبة لثلث النساء. وأن دواءًا جديدًا بات متوفرًا ومعتمدًا من إدارة الغذاء والدواء. ورأت أنّ هذه الإضافة الأكثر إثارة للإرشادات، وهي جديدة جدًا يجب تضمنيها قبل النشر، تتصل بدواء غير هرموني تمت، الموافقة عليه أخيرًا من قبل إدارة الأغذية والعقاقير اسمه “فيزولينوتان”. ومتاح بوصفة طبية وأضافت: “هذا الدواء هو الأول من نوعه، ومضاد لمستقبلات نيوروكينين3 ويعالج ويعالج الهبات الساخنة المتوسطة إلى الشديدة حيث تبدأ في الدماغ. و”فيزولينوتان” الذي يحمل اسم تجاري “فيوزا” يستهدف النشاط العصبي الذي يسبب الهبات الساخنة أثناء انقطاع الطمث. وأعلنت إدارة الغذاء والدواء في بيان الموافقة على الدواء، مشيرة إلى أنه يعمل من طريق الارتباط ومنع أنشطة مستقبلات “إن ك” التي تلعب دورًا في تنظيم الدماغ لدرجة حرارة الجسم.
وأضافت أنّ الغثيان والصداع هما أكثر الآثار الجانبية شيوعًا ل “فيزولينوتان” ولكن بشكل عام، فإن الدواء الجديد “يبدو أنه جيّد التحمّل”. كان الدواء الوحيد غير الهرموني الوحيد المعتمد من إدارة الغذاء والدواء هو نسخة منخفضة الجرعات من مثبطات امتصاص السيروتونين المضادة للاكتئاب، أو مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية، المصممة لعلاج الاكتئاب من خلال زيادة كمية هرمون الشعور بالسعادة الذي يسمى السيروتونين في الدماغ.
وثمة خيارات غير هرمونية جيدة أخرى تضمنتها الإرشادات أيضًا، تعتبر دليلًا موثوقًا على أن العلاج السلوكي المعرفي، والتنويم المغناطيسي السريري، ومضادات الاكتئاب، وفقدان الوزن، والعقار المضاد للاختلاج جابابنتين، الذي يوصف أيضًا لألم الأعصاب، يمكن أن يساعد في تقليل الهبات الساخنة.
وذكرت شوفيلت أن عقار لفرط نشاط المثانة، أوكسي بوتينين، “أسقط الهبات الساخنة بشدة”. و”تم اكتشاف العديد من العلاجات غير الهرمونية عن غير قصد أثناء استخدامها لأسباب أخرى، ثم أبلغت النساء بأنفسهن عن تحسن الهبات الساخنة”.
وعن العلاجات غير الهرمونية وغير المدعومة بالأدلة، قالن شوفلت إن مجموعة متنوعة من العلاجات لم يكن لديها دليل علمي داعم كافٍ للتوصية باستخدامها. لا يعمل استخدام القنب مثل دلتا-9-تتراهيدروكانابينول، وفقًا للإرشادات. ولا تستخدم المكملات التي تعطى من دون وصفة طبية، والعلاجات العشبية أو منتجات الصويا.
لم تجد اللجنة أي دليل على أن الوخز بالإبر والمعالجة بتقويم العمود الفقري كانت مفيدة أيضًا. ورأت شوفيلت أنّ نوعين من الأدوية التي كان يوصى بها، بريغابالين المضاد للاختلاج، وعقار ضغط الدم المسمى كلونيدين، شُطبا من القائمة المعتمدة، حيث وجدت دراسات إضافية آثارًا جانبية كبيرة مرتبطة باستخدامهما،
تمت ملاحظة الكثير من التحسينات في نمط الحياة، مثل التنفس العميق، وتقنيات التبريد، والتمارين الرياضية، واليوغا، والاسترخاء، وتمارين اليقظة، وتعديل النظام الغذائي، وتجنب المحفزات في قائمة العلاجات غير المعتمدة. وقالت فوبيون إن هذا مرده إلى أنه نادرًا ما تتم دراستها أو لم تتم دراستها أبدًا، وهذا لا يعني بالضرورة أنها غير ناجحة.
وخلصت شوفلت إلى أنّ الدراسات أظهرت أنّ فقدان الوزن يقلّل من الهبات الساخنة، كما تفعل ممارسات اليقظة مثل العلاج السلوكي المعرفي. وأضافت: “هذه تقنية للعقل والجسم يمكنك أيضًا دمجها والقول ’نعم، إنها تقنية استرخاء أو نوع من آلية الارتجاع البيولوجي التي يمكن أن تغير الدماغ”.