"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

تشريد جديد لياسر عرفات!

فارس خشّان
السبت، 24 فبراير 2024

تشريد جديد لياسر عرفات!

أمام هول ما يحصل في غزّة، كان يمكن أن يمرّ إقدام الجيش الإسرائيلي على تهديم منزل الزعيم الفلسطيني التاريخي ياسر عرفات، مرور الكرام، ولكن حيال ما تخطط له الحكومة الإسرائيليّة لغزة في “اليوم التالي” للحرب يصبح تدمير منزل عرفات حدثًا نوعيًّا!

منزل عرفات في وسط مدينة غزة، وكان قد سكنه بعد عودته من منفى طويل، في ضوء اتفاق أوسلو في العام 1995، وبقي فيه الى أن انتقل الى رام الله في العام 2001، تحوّل بعد وفاته “المشبوهة بالإغتيال” في العام 2004 إلى متحف يروي قصة بطل نضال توّجته “نوبل” بطل سلام!

“متحف عرفات” لم يكن بعهدة “حركة حماس”، ولا في طيّاته تمّ التخطيط لهجوم السابع من أكتوبر، ولا تحت بنيانه امتدّت الأنفاق، ولا في غرفه تكدّست الأسلحة ولكن- وهنا الخطورة في الإقدام على تهديمه- كان يرمز الى شعب الفلسطيني يناضل من أجل إقامة دولته.

وليس من قبيل الصدفة أن يسبق تهديم “متحف عرفات” بساعات قليلة تقديم رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو تصوّره لغزة بعد انتهاء الحرب، حيث تبرز النيّة على إرساء احتلال دائم لقطاع كان قد تحرّر في في آب 2005، وسط صيحات استنكار قادها وزير المالية بنيامين نتنياهو الذي استقال، في حينه، من حكومة الراحل أرييل شارون، بسبب تصويت الأغلبية فيها، على بدء الإنسحاب من القطاع وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية فيه.

وعقيدة نتنياهو لا لبس فيها: يكره كل ما يمثّله ياسر عرفات، تمامًا كما يكره كل ما كان يمثله اسحق رابين الذي اغتيل في الرابع من تشرين الثاني 1995.

وعرفات ورابين يرمزان الى محاربَين شرسين إقتنعا، بعد حروب طويلة ونزاعات كثيرة وتضحيات ضخمة، بأنّ السلام – مهما كان صعبًا- هو الخلاص!

لبنيامين نتنياهو هذا، بكل ما هو معروف عن عقيدته وعن نهجه اللذين طالما أفادا أعداء السلطة الفلسطينية، بدا الهجوم الذي شنّته “حركة حماس” على غلاف غزة في السابع من تشرين الأوّل، هدية من الجحيم.

ليس صحيحًا أنّ هجوم “حماس” على غلاف غزة قد كتب نهاية نتنياهو. لقد كانت الإنتفاضة الشعبية الإسرائيليّة ضده وضد حكومته وضد منحاه الديكتاتوري، تتولّى رسم نهاية ذليلة له، سواء في الشارع أو في قاعة محكمة الفساد، وجاءت عملية السابع من تشرين الأوّل لتعطيه منبرًا لا يقاوم لإقناع غالبية الإسرائيليّين بعقديته الخطرة، وبوجوب تنفيذها بسرعة، ومهما كانت الكلفة. قد تنتهي حياة نتنياهو بعد الحرب، ولكن بعد أن يكون على الأقل قد حقق أهدافه المعلنة.

إنّ تهديم منزل ياسر عرفات، واعتبار ذلك مجرّد “ضرر حانبي”، لا يظهر فقط العقليّة الخطرة التي ترسم مستقبل غزة والفلسطينيّين، بل تظهر أيضًا أنّ نتنياهو يجد في المقلب الآخر رفيقًا ممتازًا لرقصة التانغو.

نتنياهو يمجد القوة والعنف، ليس لأنّه “طوباوي” بل لأنّ كيانه متفوّق في هذا المجال. “رفيقه الفلسطيني في رقصة التانغو” هو الآخر يمجد القوة والعنف، ولكنّه لا يأبه بالإختلال الرهيب في ميزان الرعب. اختلال يترجم نفسه ويلات وكوارث في قطاع غزة، وفي الضفة الغر يّة وفي جنوب لبنان.

إنّ الشرق الأوسط عمومًا وفلسطين خصوصًا قد عادا الى حقبة الظلام. حقبة أصبح فيها متحف ياسر عرفات مجرّد كومة دمار بعدما كان إرث إسحق رابين قد تحوّل الى غبار!

نشر في “النهار العربي”

المقال السابق
سليمان يدعو الى ملاقاة جهود السفيرة الأميركية

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

نقاش بالصوت والصورة/ معادلة تل أبيب بيروت وانعكاساتها الكارثية على لبنان في حال لم تسرّع التسوية حلولها

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية