"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

ترامب يخوض "حرب التربة النادرة" والجميع...ضحاياها

فارس خشّان
الخميس، 27 فبراير 2025

ترامب يخوض "حرب التربة النادرة" والجميع...ضحاياها

قطف الرئيس الأميركي ثمار ضغطه “العنيف” على أوكرانيا ممّا دفع برئيسها فولوديمير زيلينسكي الذي يعرف أنّ قدرة بلاده على الصمود في وجه روسيا من دون أن يتوافر لها الدعم الأميركي سوف تتآكل، الى الموافقة على اتفاق يعطي واشنطن حق استثمار تربتها النادرة ومعادنها الاستراتيجية، البالغة قيمتها التقديرية خمسمائة مليار دولار أميركي. إتفاق جزم المقربون من صناعة القرار بأنّه ليس “مخلًّا” بمصالح أوكرانيا فحسب، بل أيضا، بالأمن الاقتصادي الإستراتيجي لدول الإتحاد الأوروبي التي تسعى بجهد لاستلحاق نفسها، بعد تأخر نوعي، بثورة “الذكاء الإصطناعي” وما تفترضه من صناعات.

هذا الاتفاق لن يوقف مطلقًا مساعي ترامب لوقف الحرب الروسية على أوكرانيا “بأي ثمن”، لأنّ أكثر من أربعين بالمائة من المواد الأولية التي تطمح واشنطن في وضع اليد عليها، تقع تحت أرض تسيطر عليها روسيا التي تحتل خمس البلاد، الأمر الذي يفهمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويلعب مع ترامب، على وتره!

وتمتلك أوكرانيا احتياطات هائلة من الليتيوم والتيتان والنحاس وغيرها من المعادن التي تشكل العمود الفقري لصناعات البطاريات المتطورة والسيارات الكهربائية والكومبيوترات الضخمة والهواتف والطائرات، والصواريخ العسكرية، والمركبات الفضائية، وغيرها.

وما يصح على ثروة أوكرانيا المرغوب بها، يصح أيضا على كندا التي رفع ترامب لواء ضمها الى الولايات المتحدة الأميركية وعلى غرينلاند الدنماركية، وعلى استراليا كما على دول عدة في افريقيا تتقدمها “الجمهورية الديموقراطية في الكونغو”. وتحتل المملكة العربية السعودية موقعا متقدما في هذا المجال “المعدني” ولكنها ليست في نزاع مع إدارة ترامب في هذا المجال، إذ إنها متعاونة “الى أقصى الحدود” وقد رصدت مبلغ نصف مليون دولار أميركي لوضع خارطة خاصة بثروتها المعدنية الهائلة.

وإذا كانت رغبات ترامب المدعومة من كبريات الشركات المعنية ب”ثورة الذكاء الصناعي” وصناعة تقنياته، لا يمكن أن تمر بسهولة في عدد كبير من الدول المستهدفة، فإنّه يملك أوراق قوة، بينها اللعب على الإتجاهات الداخلية، كما هي الحال في غرينلاند، ويقف معه، في ذلك، وعلى سبيل المثال لا الحصر، حليفه الكبير أيلون ماسك ومؤيد كبير آخر هو مالك “فايس بوك” مارك زوكربرغ، وكذلك غوغل وأمازون وآبل. ويدعم ترامب التيار الإستقلالي في غرينلاند، وهو تيار له شعبية مهمة يهدف الى الإنفصال عن الدنمارك، وكان يحول دون ذلك، خوف سكان الجزيرة ال57 ألفا من قطع “التقديمات السخية” التي توفرها لهم كوبنهاغن. وتتركز الانتخابات في 11 آذار(مارس) الجاري على هذا الموضوع تحديدًا.

ولن يكون سهلا على استراليا وكندا مواجهة سلاح “الضريبة الجمركية” المرتفعة جدا، والتي بدأها ترامب هنا ويهدد بها هناك.

ولهذا، فإنّ ترامب يتطلع الى أن تنتج الضغوط الهائلة التي يمارسها عن اتفاقيات لمصلحة الصناعة الأميركية، شبيهة الى حد ما، بتلك التي يبدو أن زيلينسكي رضخ لها.

وبهذا النهج، تكون إدارة ترامب قد زخمت حربها الاقتصادية مع الصين، ودفعت العالم عموما والغرب خصوصا إلى اختيار “معسكره” وتحمل تبعات ذلك.

وتعتبر الصين رائدة في استخراج المواد الأولية النادرة، وهي تتقدم، بكل مجالاته، على الولايات المتحدة الأميركية التي وجدت نفسها، في المرتبة الثانية، ولكن بفوارق مهمة لمصلحة الصين.

وتخشى واشنطن من أن تعمد بكين، في أي وقت، الى وضع ضوابط على تصدير هذه المواد الأولية، الى واشنطن، لذلك تعمل إدارة ترامب بجهد كبير لحماية نفسها من “الحظر الصيني” أوّلًا وأن تفوز بالتنافس وتقف مكان بكين في الصدارة، ثانيا.

ولا تهتم الإدارة الأميركية كثيرا بما سوف ينتج عن ذلك من ضرر للغرب، فهي مهووسة بالحرب الاقتصادية، وتجعلها متقدمة على أي تحالفات بأبعاد عسكرية.

ويؤكد دونالد ترامب أن كل الوسائل مباحة للوصول الى هذا الهدف الذي وحده يمكن أن يعين الولايات المتحدة على البقاء في صدارة العالم الحديث، سواء بتكتلاته الإقليمية أو بالطرق الاقتصادية التي ينشئها وأهمها “طريق الحرير”، أو بأفكاره وعقائده!

وفي هذا السياق، لن تكون هناك أي قيمة لأي قضية محقة، لدى الإدارة الأميركية، ولا لأي التزام، إذا لم يكن يصب في توفير تفوّق الولايات المتحدة الأميركية على الصين، في “حرب التربة النادرة والمعادن الإستراتيجية”!

نشر في “النهار”

المقال السابق
توقيف إسرائيلي جديد بتهمة التجسس لإيران

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

على وقع تدهور العلاقات بين الحكومة العراقية وواشنطن بسبب إيران.. الكاظمي يعود الى بغداد

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية