"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

تقرير إسرائيلي عن الخلاف الحدودي بين بيروت وتل أبيب: التفاصيل والنقاط و...الزمن

نيوزاليست
الجمعة، 16 فبراير 2024

تقرير إسرائيلي عن الخلاف الحدودي بين بيروت وتل أبيب: التفاصيل والنقاط و...الزمن

معهد دراسات الأمن القومي - أورنا مزراحي - ستيفان كوهين

نتيجة الخشية المتصاعدة من تصعيد القتال بين إسرائيل وحزب الله، والذي ربما يصل إلى حرب شاملة، تعمل الولايات المتحدة على الترويج لخطوة سياسية يمكن أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار. كما انضمت فرنسا أيضاً إلى هذا الجهد، فضلاً عن بريطانيا وألمانيا. وفي هذا السياق، كلّف الأميركيون عاموس هوكشتاين بالمهمة، وهو مقرب من الرئيس بايدن، وقاد بنجاح المفاوضات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان (تشرين الأول/أكتوبر 2022). وقد حاول هوكشتاين، بطلب من اللبنانيين، خلال العام الماضي تكرار نجاحه والتوصل إلى توافق بين الطرفَين بشأن الحدود البرّية أيضاً، لكن الأمر لم ينجح حتى الآن، وقد طُرحت هذه القضية بين البلدَين مؤخراً من جانب الطرف اللبناني في إطار الاتصالات الهادفة إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، وذلك منذ اندلاع المواجهات بمبادرة من حزب الله في 8/10/2023، والتي لا تزال مستمرة منذ ذلك الحين، بالتوازي مع الحرب الدائرة في القطاع.

ويعرب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووزير خارجيته، في اتصالاتهما مع المسؤولين الأميركيين عن ارتياحهما تجاه الاستعداد الأميركي للعمل على إنهاء القتال واستعادة الاستقرار في جنوب لبنان، كما يعربان عن التزامهما الحلول الدبلوماسية والقرارات الدولية، مع التركيز على قرار مجلس الأمن رقم 1701. وفي الوقت نفسه، يتشدّد هذان في مواقفهما حينما يضطران إلى الانحياز إلى مواقف حزب الله، سواء فيما يتعلق بربط الحزب ساحة الجنوب بساحة القطاع، أو فيما يتعلق بمطالبه في مسألة ترسيم الحدود البرّية، وذلك مع تبنّي موقف مبدئي متشدد. ففي لقاءاتهما السياسية، وخلال مقابلاتهما الصحافية، يطرح الاثنان مطلب الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية كافة، كما يذكران في الوقت نفسه خط الحدود الانتدابي، والذي تم تبنّيه في اتفاقية وقف إطلاق النار سنة 1949، بصفتها نقطة مرجعية، بدلاً من الخط الأزرق الذي تم ترسيمه سنة 2000. ويتضح مما تنشره وسائل الإعلام الإسرائيلية واللبنانية أن القضية طُرحت أيضاً خلال زيارات هوكشتاين الأخيرة إلى إسرائيل في 4 كانون الثاني/يناير و4 شباط/فبراير، وإلى بيروت في 11 كانون الثاني/ يناير، لكن حزب الله حتى الآن، ووراءه الحكومة اللبنانية، يصران على عدم التقدم في المحور السياسي طالما القتال مستمر في غزة.

نقاط الخلاف بين إسرائيل ولبنان على امتداد الحدود

الانتهاكات واحد الانتهاكات 2

بعد ترسيم الخط الأزرق، أعلن لبنان، منذ سنة 2007، تحفظاته بشأن مسار الخط في 13 نقطة على أراضٍ تبلغ مساحتها التراكمية 485,000 متر مربع (لا تشمل المناطق الواقعة في المثلث الحدودي مع سورية)، والتي تشكل حتى اليوم نقاط الخلاف مع إسرائيل على امتداد الحدود اللبنانية؛ إذ يدّعي اللبنانيون أن هناك انحرافاً في هذه المواضع عن الخط الحدودي الذي تم ترسيمه في اتفاقية وقف إطلاق النار سنة 1949، وقد تمت مناقشة هذه النقاط على مر السنوات في لقاءات جرت بين الطرفَين في إطار آلية وحدة الارتباط الثلاثية مع اليونيفيل، كما تم التصريح، في عدة فرص، بوجود تفاهم مشترك بشأن حل 7 نقاط منها (لم يتم التفصيل بشأنها علناً حتى الآن). وفي تموز/يوليو 2023، قبل اندلاع الحرب الحالية، ادعى وزير الخارجية اللبنانية وجود توافق بشأن 7 نقاط من مجموع 13 نقطة خلافية، وأنه قد ظلت 6 نقاط خلافية فقط. لكن في أيلول/سبتمبر 2023، ادعى الجيش اللبناني في بيان رسمي أن لبنان لا يزال يتعامل مع 13 خرقاً إسرائيلياً (بحسب وجهة النظر اللبنانية: “مناطق محتلة من جانب إسرائيل خارج الخط الأزرق”)، مشيراً إلى أنه لم يتم التوافق بشأن الموضوع بصورة نهائية، إذ إن ممثلي لجنة الارتباط الثلاثية لا يملكون الصلاحيات للمصادقة على الأمر. ومؤخراً، وعلى خلفية هذه الاتصالات، فقد تم طرح الموضوع مجدداً، حين ادعى ميقاتي في لقاء صحافي في 1/2/2024 مجدداً أن 7 نقاط قد تم التوافق عليها من مجموع 13، مع وجود فجوة هائلة بين مواقف الطرفَين فيما يتعلق بالنقاط الـ6 المتبقية، وطلب مناقشتها. وفي 6/2/2024، كرر وزير الخارجية اللبناني الادعاءات ذاتها.

يبيّن الجدول أدناه نقاط الخلاف الـ13، ومعظمها مناطق محدودة متنازَع عليها، ويمكن للطرفَين، إذا ما رغبا، التوصل إلى اتفاق بشأنها. لكن هناك عدة نقاط ذات أهمية استراتيجية، وأهمها النقطة الأولى القريبة من شاطئ رأس الناقورة “B1”، والتي سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق بشأنها بسبب موقعها الاستراتيجي وأهميتها للطرفَين. وكان ذلك أيضاً أحد أسباب المطالبة الإسرائيلية باتفاق ترسيم الحدود البحرية، والذي تم في نهاية المطاف بالمحافظة على الوضع القائم في هذه المرحلة، والتي من المفترض أن تكون نقطة الانطلاق لترسيم الحدود بحراً، وترك التفاوض بشأنها للمفاوضات المتعلقة بالحدود البرية.

وقد أفادت تقارير صدرت مؤخراً أن لبنان يتحدث عن عدة خروقات إسرائيلية إضافية، إلى جانب النقاط الـ13 المذكورة، إذ يطالب لبنان إسرائيل بالانسحاب من 17 موقعاً خلف الخط الأزرق، بعضها متاخم للنقاط الـ 13 المعروفة، ويحدث ذلك بصورة لا تتسق مع الموقف الذي يتحدث عنه كل من ميقاتي ووزير خارجيته، اللذَين يحصران حديثهما في النقاط الـ13 السابقة الذكر. وتجدون تفصيلاً لهذه النقاط كما وردت في صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله، في الملحق “ب”.

وتضاف أيضاً إلى النزاع بشأن النقاط الممتدة على الحدود عدة نقاط مهمة في مرتفعات الجولان. ويدور الحديث بشأن المطالب اللبنانية بالمناطق التي تم احتلالها من سورية في حرب 1967، في المثلث الحدودي؛ إذ يدّعي لبنان أن على إسرائيل إعادة هذه المناطق التي كانت تعود إليه قبل تسوية الخلاف بشأنها بين لبنان وسورية، والجدير بالذكر أن سورية تختار عدم الاهتمام بالأمر في هذه المرحلة. وهناك تعقيدات إضافية متعلقة بهذه المواقع، تشمل سن “قانون الجولان” من جانب الكنيست الإسرائيلي سنة 1981، والذي تم فيه تبنّي تغيير في مكانة هضبة الجولان القانونية، إذ نص القرار على أن يسري عليه كل من القانون، والقضاء، والإدارة، الإسرائيلي.

إن الخلافات في هذا المجال تحتل موضعاً مركزياً في خطاب حزب الله؛ إذ يدّعي الحزب أنه يقاتل من أجل تحرير بقية الأراضي اللبنانية التي تحتلها إسرائيل، في الوقت الذي يصعّد فيه من الخلاف الخطِر أصلاً بين إسرائيل ولبنان فيما يتعلق بهذه الأراضي، كي يستغلها في نهاية المطاف من أجل القتال ضد إسرائيل. وبناء عليه، فإنه ليس من قبيل الصدفة أن كثيراً من الهجمات العسكرية التي ينفذها الحزب منذ 4 أشهر موجه إلى منطقة ومزارع شبعا، والمقصود منطقتَين: القسم الشمالي من قرية الغجر: يطالب لبنان بسيادته على الجزء الشمالي من القرية، الواقع على الحدود الأصلية بين سورية ولبنان. وأساس هذه المطالب اللبنانية أن الخط الأزرق يعبر خلال القرية، بحسب تحديد فريق ترسيم الخرائط التابع للأمم المتحدة سنة 2000، والخرائط التي في حوزته، وبالتالي، فإن الجزء الشمالي من القرية يقع فعلاً ضمن الأراضي اللبنانية، على الرغم من أن إسرائيل احتلتها من سورية سنة 1967، وقد تزايدت شكاوى اللبنانيين بعد أن أقامت إسرائيل، في أيلول/سبتمبر 2022، سياجاً شماليَّ القرية لمنع التسلل من لبنان. والذين أقاموا الجدار كانوا سكان القرية، بتنسيق مع الجيش، آخذين بعين الاعتبار مصلحة السكان الذين عانوا كثيراً جرّاء تقسيم القرية، وعدم قدرتهم على دخولها وفقاً للأوامر العسكرية. إن إغلاق حدود القرية شمالاً سمح بتوحيدها ودخولها من جانب الزوار. وتجدر الإشارة إلى أن اللبنانيين يطالبون أيضاً، إلى جانب القسم الشمالي من القرية، بمناطق تقع في الجهة الشرقية منها.

مزارع شبعا

مناطق زراعية غير مأهولة في سفوح جبل الشيخ، بين قرية الغجر وقرية شبعا في لبنان (في منطقة المثلث الحدودي) والتي تعود إلى قرية شبعا، بحسب ادعاء اللبنانيين. ومن ناحية إسرائيل، فتُعد هذه المنطقة استراتيجيةً وحيوية للسيطرة على الحيز المعادي، وكان من الأدلة على ذلك خطف الجنود الإسرائيليين في تلك المنطقة سنة 2006. إذاً، فإن الهجوم الأول لحزب الله خلال الحرب الراهنة في اتجاه هار دوف، التي تحولت إلى هدف رئيسي خلال أعمال القتال الأخيرة، لم يتأتَّ من فراغ.

وبعكس الموقف اللبناني الرسمي، يدّعي حزب الله أن عليه تحرير مناطق أُخرى داخل الأراضي الإسرائيلية، في إشارة إلى القرى الشيعية الـ7 في الجليل الأعلى، والتي هُجر سكانها، وتم احتلالها من جانب إسرائيل خلال حرب الاستقلال. ويُشار هنا إلى أنه في جميع المواقف الرسمية الصادرة عن اللبنانيين في ما يتعلق بالنزاع الحدودي، لم يأت أحد مطلقاً على ذكر هذه القرى، لكن المتوقع أنه حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق ترسيم حدودي بين إسرائيل ولبنان، فإن حزب الله سيواصل المطالبة بهذه القرى والتعامل معها بصفتها قرى لبنانية محتلة، في إطار جهوده للمحافظة على مكانته كـ “حامٍ للبنان”، واستخدامها كذريعة لمقاتلة إسرائيل.

إجراء مفاوضات بشأن ترسيم الحدود تحت النار

كما ذكرنا، فإن مسألة ترسيم الحدود ظهرت في إطار الجهود الدبلوماسية لإنهاء القتال بين حزب الله وإسرائيل، وقد أثارها الجانب اللبناني، ولربما الوسطاء أيضاً، بصفتها جزءاً من المقابل الذي يمكن لإسرائيل تقديمه لكي تدعم وقف إطلاق النار. لكن في ضوء التصعيد المتواصل وإمكانات التدهور نحو حرب واسعة النطاق، يبدو أنه لن يكون من الصحيح من جانب إسرائيل أن تشمل المفاوضات قضية الحدود البرّية، من أجل الوصول إلى وقف لإطلاق النار، على الرغم من أهمية التوصل إلى حل من هذا النوع، لعدة أسباب:

العامل الزمني: من المتوقع أن تكون المفاوضات طويلة ومعقدة بسبب الخلافات العميقة في الآراء، والتي تتمحور، بصورة أساسية، بشأن 3 نقاط: رأس الناقورة “B1”، وقرية الغجر، ومزارع شبعا، وهي نقاط لن يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها خلال فترة قصيرة، وخصوصاً في الوقت الذي يتشدد فيه الجانب اللبناني في موقفه، بينما إسرائيل مهتمة بالتوصل إلى حل فوري لإعادة السكان الذين تم إجلاؤهم من المستوطنات الواقعة على الحدود الشمالية في أسرع وقت ممكن. ويجب أن تقنع هذه الحجة الأميركيين أيضاً، الذين لديهم مصلحة كبيرة في الدفع في اتجاه وقف إطلاق النار السريع لمنع التدهور إلى حرب إقليمية.

تحقيق إنجاز لحزب الله، وخسارتنا لـ”ورقة مساومة”: إن نقل المسؤولية عن هذه الأراضي، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق بشأن تقليص مساحتها، إلى أيدي اللبنانيين على امتداد الحدود، في ظل القتال الحالي، سيساهم في إثارة شعور لدى حزب الله بتحقيق إنجاز، ويعزز مكانته بصفته حامياً للبنان، ويدعم مطلبه بالإبقاء على سلاحه ضد من يطالبون بنزعه وتسليمه إلى الجيش اللبناني إلى جانب ذلك، وستخسر إسرائيل ورقة مساومة في المفاوضات المرتقبة لاحقاً بشأن تطبيق القرار رقم 1701، وخصوصاً في ما يتعلق بسعيها لدفع حزب الله إلى ما وراء الليطاني. وينطبق الأمر أيضاً على الحل الجزئي بشأن النقاط التي يوجد اتفاق مبدئي عليها (كما هو الحال بالنسبة إلى النقاط الـ7 على سبيل المثال). وبينما سيقدّم حزب الله هذا النوع من الحلول بصفته “انتصارا” له، فإن الخلاف وأسباب استمرار المواجهة ستظل على حالها.

عدم وجود عنوان رسمي في الجانب اللبناني لتوقيع الاتفاق في ظل الفراغ السياسي الذي يشهده لبنان؛ فمنذ الانتخابات الأخيرة التي شهدها البلد في أيار/مايو 2022 والدولة تدار من جانب حكومة تصريف أعمال، وبدءاً من انتهاء ولاية ميشال عون (نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2022) لم يُنتخب رئيس للجمهورية، وهو الجهة المخولة بتوقيع اتفاقيات من هذا النوع (إذ وقّع عون اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في اليوم الأخير من ولايته). كما يمكن أن تنشأ تحفظات من جانب معارضي الاتفاق مع إسرائيل بشأن صلاحية حكومة تصريف الأعمال الحالية لخوض مفاوضات في هذا الشأن مع إسرائيل.

خلاصة القول؛ إن التوصل إلى اتفاق بشأن ترسيم الحدود البرّية بين إسرائيل ولبنان يمثّل عنصراً مهماً في تشكيل واقع جديد في تلك المنطقة، ومع ذلك، فمن غير الصحيح إجراء هذه المناقشات المعقدة في هذا الموضوع ما دام لم يتم التوصل إلى موافقة حزب الله على وقف القتال الذي بادر إليه. وبناء عليه، فإن على إسرائيل أن تؤجل إدراج هذا الموضوع في تفاهمات المرحلة الأولى بشأن وقف إطلاق النار، والموافقة على التفاوض بشأن ترسيم الحدود البرّية في مرحلة لاحقة.

المقال السابق
الجيش الإسرائيلي يواصل التحشيد الحربي ضد لبنان: مقاتلو لواء غولاني رفعوا هذا الأسبوع الجاهزية على الجبهة الشمالية
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

بالصوت والصورة/ "جبهة المقاومة" تنصّب "الشيطان الأكبر" حكمًا بينها وبين "الشيطان الأصغر" في لبنان وسوريا

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية