"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

تقدم الصواريخ وتراجع "حزب الله"!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

أظهر “حزب الله”، للمرة الأولى مرونة غير مسبوقة، فهو، وخلافا لما كان يشترطه سابقا، لم يوافق فقط على فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، بل أعطى أيضا الضوء الأخضر، لرئيس مجلس النواب نبيه بري المكلف منه، حتى يجري مفاوضات، في شؤون تفصيلية، تحت النار. سابقا، كان يشترط أن يتم البحث في الأمور التفصيلية، بعد وقف إطلاق النار. هذا كان “الخط الأحمر” الذي رسمه الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، في آخر كلمة له!

يقدم الجيش الإسرائيلي عن نفسه صورة المنتصر في الحرب البرية التي يخوضها ضد “حزب الله” في جنوب لبنان.

هذه الصورة مكوّنة من جزئيات كثيرة:

1- قائد لواء غولاني عدي غانون، يعلن في مقابلة مع المراسل العسكري للقناة 14 العبرية أنّ سكان شمال إسرائيل بات بإمكانهم العودة الى منازلهم، فالمخاطر التي كانت تحدق بهم، سابقا، قد انتهت كلها.

2- قائد الكتيبة 74 التابعة للواء غولاني اورين تشاندلر يقول لصحيفة “معاريف” العبرية إنّ الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يصل الى بيروت، و”نحن مندهشون من ضعف حزب الله”.

3- الجيش الإسرائيلي يسحب كل حواجزه من الخط الأمامي في شمال إسرائيل ويلغي اعتبارها منطقة عسكرية ويتيح فيها حرية الحركة.

4- الوحدات العاملة في جنوب لبنان تنصب مدافعها داخل القرى الجنوبية وتساهم بقصف ميداني في هجوم القوات على الخط الثاني في جنوب نهر الليطاني، في عملية تهدف الى إبعاد “حزب الله” الى ما بعد الضفة الشمالية، و”إلغاء” كل تحصيناته الحربية، هجومية كانت أو دفاعية.

5- سماح قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي لشركات إعادة تأهيل البنية التحتية بالدخول الى مناطق شمال إسرائيل، بما في ذلك مدينة كريات شمونة لبدء ورش من شأنها أن تتيح عودة سريعة للسكان.

6- تأكيد قيادة الجيش الإسرائيلي أنّ “حزب الله” بات عاجزا عن إطلاق الصواريخ المضادة للمدرعات، وهي سريعة ولا يمكن اعتراضها، على المستوطنات الحدودية.

7- انخفاض عدد الصواريخ التي يطلقها “حزب الله” على شمال إسرائيل، الى ما دون معدل مائة صاروخ يوميا، بعدما كانت بمعدل مائتي صاروخ، فيما كان مقدرا لها أن تكون، قبل بدء عملية “سهام الشمال” بحدود ثلاثة آلاف صاروخ يوميًا.

لا أحد يمكنه تأكيد أو نفي دقة هذه الجزئيات التي يكوّن فيها الجيش الإسرائيلي صورة النصر. “حزب الله” ينفيها جملة وتفصيلا ويعتبرها جزءا من “الحرب الناعمة” التي تستهدفه الى جانب “الحرب الخشنة” التي تطارد مقاتليه أينما حلوا وبيئته بكل ما تملك.

كان هذا الإحصاء الصاروخي ليكون صحيحًا، ولكن “حزب الله” في اللحظة الحاسمة، أي بمواكبة تقديم ملاحظاته هنا ورفضه هناك لما ورد في المقترح الأميركي، عشية وصول الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الى لبنان، قلب المشهد. لم يرفع نسبة صواريخه الى داخل إسرائيل فحسب، بل أخرج من مخازنه تلك النوعية التي راحت يستهدف بها تل أبيب، أيضا!

وسط هذه الصورة، يواصل الجيش الإسرائيلي “ترميد” ما أمكنه في الضاحية الجنوبية لبيروت وصور وبعلبك ومدن وبلدات شمال نهر الليطاني، وملاحقة كوادره الأساسية أينما حلوا، وفق ما سمّاه المعنيون الإسرائيليون بالجبهة اللبنانية: منهجية تفكيك حزب الله.

تهدف هذه “المنهجية” إلى إضعاف “حزب الله” على كل المستويات، بحيث يصل في نهاية الحرب إلى وضعية “متساوية” مع المكوّنات اللبنانية، وتجعل الجيش اللبناني المدعوم من اليونيفيل القوة الأهم في لبنان، الأمر الذي يمكنه ليس من تنفيذ صارم للقرار 1701 تحت رقابة دولية فحسب، بل يعين القوى السياسية الأخرى في لبنان من أن تكون لكلمتها وزن في صناعة القرار السياسي، أيضا!

وتعتقد إسرائيل أنّ “حزب الله” ومن وراءه إيران المعنية بهذا الحزب وباستمراريته، قد يقبل، ومن أجل الحد من الخسائر، بالمقترح الأميركي الذي تمّت صياغته بالاشتراك معها، عندما انتقل وزير التخطيط الإسرائيلي رون ديرمر المقرب جدا من بنيامين نتنياهو، الى الولايات المتحدة الأميركية حيث عقد اجتماعات تنسيقية مع إدارتي جو بايدن ودونالد ترامب الانتقاليتين، ومع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين.

وبالفعل، أظهر “حزب الله”، للمرة الأولى مرونة غير مسبوقة، فهو، وخلافا لما كان يشترطه سابقا، لم يوافق فقط على فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، بل أعطى أيضا الضوء الأخضر، لرئيس مجلس النواب نبيه بري المكلف منه، حتى يجري مفاوضات، في شؤون تفصيلية، تحت النار. سابقا، كان يشترط أن يتم البحث في الأمور التفصيلية، بعد وقف إطلاق النار. هذا كان “الخط الأحمر” الذي رسمه الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، في آخر كلمة له!

هل يعني ذلك أنّ وقف الحرب الإسرائيلية على “حزب الله” بات وشيكا؟

الجواب عن هذا السؤال قد يكون معقدًا، لأنّ الحزب، بموجب المقترح الأميركي الموجود بين يديه، عليه أن يستسلم، إذ إنّ الشروط الموجودة فيه، تمنعه، في وقت لاحق، حتى لو استعاد عافيته وعاد واستقوى على الداخل اللبناني، من القيام بأي دور عسكري في جنوب لبنان، ولهذا هو يطالب بإدخال تعديلات على المقترح الأميركي- الإسرائيلي وقد جرى وضعها بعهدة هوكشتاين، ويضغط لتتم النقاشات حولها، في ظل وقف لإطلاق النار، ولكنّ إسرائيل ليست، وفق ما يظهر، في هذا الوارد، فهي أبلغت المعنيين، في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، بأنّها غير مستعدة للخوض في أي مناورات دبلوماسية، لأنّ التقدم الذي أحرزته المفاوضات الهادفة الى إنهاء الحرب، إنّما صنعه الميدان وليس “ذكاء الدبلوماسيين”!

يقال، عمومًا، إنّ الشيطان يكمن دائمًا في التفاصيل. في الحالة اللبنانية، إستمرار الحرب قد يتربع، هو الآخر، في الملاحظات!

المقال السابق
هوكشتاين بعد لقاء بري: إيجابي ولكن ..متريث
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

الفوارق الحديثة بين لبنان سوريا

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية