"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

ثورات وطنية وكوابيس "الهلال"!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الخميس، 14 مارس 2024

في مثل هذا اليوم، قبل تسع عشرة سنة، صنع اللبنانيّون يومًا مجيدًا من أيّامهم الوطنية، فكان الرابع عشر من آذار. يومها تخطت الغالبية الشعبيّة طوائفها ومصالحها وتوافدت على ساحة الشهداء في وسط بيروت، رافعة مطالب جوهريّة: تحرير لبنان من الوصاية الإحتلاليّة للنظام السوري، منع الإفلات من العقاب في ضوء اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتطبيق القرار الدولي 1559 الذي دعا فيه مجلس الأمن الدولي الى خروج القوات الأجنبية من البلاد ونزع سلاح الميليشيات على مختلف انتماءاتها، سواء كانت لبنانيّة أو فلسطينية.

وفي مثل هذا اليوم أيضًا، قبل ثلاث عشرة سنة، احتدمت الثورة في سوريا ضد النظام المخابراتي- المافيوزي الذي يتحكم بالبلاد والعباد، وكان ثمة مطلب واحد على لسان هؤلاء الذين افترشوا الطرق والساحات: إقامة الدولة على أساس دستور ديموقراطي!

وكان لافتًا أنّ القوى نفسها التي تآلفت لإفشال “ثورة لبنان”، كررت التجربة في سوريا، لتحقق النتائج نفسها، ضد ثورتها!

وهكذا انقلب حلم واحد جمع شعبين الى كابوس موحّد، فالقوى التي تحالفت ضد الثورتين انتقمت بإسقاط الشعبين معًا في الجحيم، لأنّ أهدافها الحقيقية ليست صناعة المستقبل بل إقامة المتاريس خدمة لصراع إقليمي تقوده إيران.

وقد توهّم البعض في لبنان، في الأسابيع الأولى لاندلاع “ثورة 17 تشرين الأوّل” 2019، بأنّ سبب فشل ثورتي 2005 اللبنانيّة و2011 السورية، محصور ب”خطايا” ارتكبها القادة الذين أفرزتهما، ولكنّ “الأنقياء” منهم اكتشفوا في وقت لاحق بأنّ “محور الممانعة” يسهر، بكل ما يملك من عزم وقدرات وإمكانات الوعيد والإغراء، على اغتيال الأحلام!

وتبيّن التجارب أنّ الثورات التغييريّة في هذا الشرق يستحيل أن تحقق، ولو الحد الأدنى، من أهدافها لأنّها “وطنية”، في حين أنّ الطرف الذي يواجهها هو “إقليمي”!

ف”ثورة 14 آذار” وبعدها “ثورة 17 تشرين الأوّل” في لبنان، و”ثورة الياسمين” في سوريا و”ثورة إمرأة. حرية. حياة” في إيران و”ثورة أكتوبر” في العراق، تعاملت كل واحدة مع نفسها على أساس أنّها “وطنية”، فأدخلت نفسها في ميزان قوى مختل، إذ إنّ أعداءها تآلفوا في حركة عابرة للوطنية وقمعوها.

ولن تستطيع هذه الثورات، إذا عادت واندلعت في وقت لاحق - وهذا احتمال بديهي- من الإفلات من الفشل، إلّا إذا تعاطت مع نفسها على أساس عابر للوطنية، وهذا ليس مستحيلًا، فالثورات في هذا الشرق، سواء كانت لبنانية أو سورية أو عراقية أو ايرانية، تحمل الحلم نفسه، إذ إنّ الواقفين وراءها ليسوا أشخاصًا يريدون أن يقلبوا حاكمًا ليحكموا هم ، بل فئات شعبية متنوعة يجمعها هدف نبيل واحد: إقامة دولة المواطن!

لقد نجح “محور الممانعة” في السنوات الماضية في عزل الثوار الوطنيين عن بعضهم البعض، من خلال الترهيب هنا والتخوين هناك، فخاف اللبناني من أن يلتقي السوري والعراقي والإيراني، وخشي على مصالحه من التعاضد مع من يمكن لنجاحه أن يعينه هو على النجاح، وتقدمه أن يعينه هو على التقدم، وانعتاقه أن يعينه هو على التحرر!

ولقد سجل لبنان وسوريا أقل نسبة تعاطف علني مع الثورة الإيرانية، مع إدراك الجميع أنّ بداية الخلاص ليست في بيروت أو دمشق أو بغداد، بل في طهران!

لقد أقنع الترهيب “الممانع” الثوّار الوطنيّين بأنّ سلامتهم كأفراد تنبع من رضوخهم لمنطق “الحدود” في مواجهة من لا يعترفون بالأصل بأيّ حدود!

وأنتج هذا الخوف من التلاقي وتبادل الدعم ضعفًا عامًا ممّا مكّن المنقضين عليهم من تحقيق نجاحات باهرة.

شعوب “الهلال الشيعي” لم تعانِ من أنظمتها فحسب بل كانت معاناتها الأكبر من اغتيال أحلامها، أيضًا.

إنّ إعادة الإعتبار للأحلام، تقتضي، كلّما سنحت الفرصة، الإنكباب على التفكير في ما يمكن أن يساعد في تحقيقها، إن هي عادت وزارت الطامحين إليها في ليلهم الطويل!

المقال السابق
جمهورية الفراغ
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

مستقبل لبنان بعهدة شيعته!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية