"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

تحت عنوان غزة..مؤشرات إلى رعاية إيرانية لعملية تسليم البيئة السنية اللبنانية الى "الجماعة الإسلامية"

ابراهيم ناصر
الأربعاء، 24 يناير 2024

تحت عنوان غزة..مؤشرات إلى رعاية إيرانية لعملية تسليم البيئة السنية اللبنانية الى  "الجماعة الإسلامية"

إبراهيم ناصر

لا شك في ان هجوم “حركة حماس” على غلاف غزة في السابع من تشرين الأوّل الماضي، وما تبعه من حرب وحشية وتدميرية على القطاع يعتبر حدثًا دوليًّا بامتياز يأخذ حيزًا واسعا من اجندات زعماء العالم واعلامه ويشد اليه انظار الرأي العالمي المنقسم بين هذا الطرف وذاك وتتفاعل مع مآسيه ويومياته مشاعر أطياف واسعة من الناس، ولا شك أيضًا في أنّ الأطراف المعنية في ما يحدث أكانت قوى إقليمية أم دولية تتعامل مع الاحداث الجارية بكثير من الحذر واليقظة خوفا من التداعيات أو تعويلًا على جني المغانم، اذ من المعلوم أنّ التحوّلات الكبرى تحدث عادة مترافقة مع الحروب. من هذا المنطلق يمكن التساؤل عن اعتبار الظرف الحالي مناسبا بالنسبة للأصولية السنية ممثلة بتنظيم الجماعة الإسلامية لاختراق البيئة السنية اللبنانية وبظل الرعاية الايرانية.

من المعروف تاريخيًّا الحجم العالي للتأييد والتعاطف مع الفلسطينيين وقضيتهم داخل البيئة السنية الشعبية في لبنان. وعلى وقع المذبحة التي يتعرض لها أبناء قطاع غزة فان المشاعر الملتهبة في نفوس أهل هذه البيئة لا بد من ان يتم التعبير عنها بأي شكل من الاشكال اما سلميًّا وتحت سقف القوانين أو بالوقوع تحت مغريات مشاريع ميليشياوية مشبوهة تتهيأ للاستثمار بالمآسي الدائرة.

ومن المعلوم أيضا ميل البيئة السنية الشعبية العام الى التديّن المحافظ حيث يلاحظ ازدياد مظاهر التديّن وانتشار الثقافة الدينية ما يمنح الاصوليات الدينية مزايا تفضيلية لاختراق تلك البيئة إذا ما توفرت لمحركيها الإرادة والظروف والموارد.

التحوّلات الكبرى تحدث عادة مترافقة مع الحروب

ولا تنقص إيران الإرادة السياسية لتفعيل مثل هذا المشروع فيما الظروف تبدو مثالية محليًّا وإقليميا على ضوء الحرب الإسرائيلية على عزّة. فمن خلال رعاية تمكين الجناح الاخواني ضمن البيئة السنية اللبنانية يمكن لإيران وحزب الله تحقيق جملة من الأهداف:

• تحصين الساحة اللبنانية وإقفالها لمصلحة المحور الإيراني عبر الدفع لوضع الشارع السني تحت تأثير أصولية إسلامية مشابهة أيديولوجيا لتلك المُطْبِقة على الشارع الشيعي ما يفتح الطريق لبسط السيطرة على لبنان وبوسائل دستورية وينفي في الوقت نفسه الحاجة لتحالف مكلف وصعب مع طرف سياسي مسيحي فاعل لا بل الانتقال الى الاستقواء بتحالف الاصوليتين السنية والشيعية الى حشر المسيحيين في نوع من الذمّية قد تفضي الى الغاء دورهم السياسي التاريخي في لبنان، والى ضمورهم الاقتصادي والثقافي والديموغرافي.

• قطع الطريق على النفوذ الخليجي وبشكل خاص السعودي في لبنان تحسبا لدور محوري قد تكون المملكة مدعوة لتأديته في الحلول التي ستطرح لفلسطين بعد الحرب وحيث يخطط ان لا يكون لحماس على الأقل مباشرة أي نوع من الادوار المهمة

• خلق البيئة الآمنة لقيادات حركة حماس وكوادرها لمتابعة عملها السياسي والأمني من لبنان ما يسمح لمحور الممانعة من مواصلة تأثيره في المسألة الفلسطينية بعد خسارة الدور المباشر في الأراضي الفلسطينية وانكفاء حركة حماس عنها كنتيجة عالية الاحتمال للحرب الدائرة راهنا بعدما ترك محور الممانعة حركة حماس وحيدة في مواجهة كامل قوة الآلة العسكرية الإسرائيلية.

من خلال رعاية تمكين الجناح الاخواني ضمن البيئة السنية اللبنانية يمكن لإيران وحزب الله تحقيق جملة من الأهداف

هذا السيناريو ليس تمرينا فكريا في التنبؤ السياسي، بل ان العديد من الوقائع على الأرض تشير الى احتمالاته ولو أنّها توالت منذ تشرين الأوّل الماضي الى اليوم، مبعثرة وعلى مستوى متواضع. فبالإضافة لبعض العمليات العسكرية المتفرقة على الحدود الجنوبية للبنان تحت اسم كتائب الفجر او القسام لبنان، جاء بيان الرابع من كانون الأول الماضي لحركة حماس للإعلان عن تأسيس طلائع طوفان الأقصى في لبنان والتراجع السريع عن بعده العسكري، بعد موجة من الرفض والاستنكار من قبل قوى لبنانية عديدة ليلمّح الى النوايا المبيّتة. كانت أيضا لافتة أهمية الحشد الجماهيري غداة تشييع القيادي في حماس صالح العاروري ورفاقه في محلة الطريق الجديدة من بيروت وذات الأغلبية السنية الساحقة وما رافق مراسم التشييع من مظاهر ميليشيوية ومسلحة وإطلاق كثيف للرصاص. وفي إشارة واضحة لركوب موجة الحرب على غزة لتبرير الانفلاش الميلشيوي في الأوساط السنية أقرّ علي أبو ياسين، رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، في حديث صحافي خلال الشهر الجاري بما أسماه إعادة تفعيل “قوات الفجر” الجناح العسكري للحركة بعد السابع من تشرين الأول للقيام بمهاجمة إسرائيل عبر الحدود اللبنانية وذلك بالتنسيق مع حزب الله وكتائب القسام ملمحا الى انه بات للحركة ما يشبه جهاز معلومات واستخبارات مهمته ترشيد العمل العسكري “المقاوم” وحماية القيادات والكوادر من محاولات الاغتيال الاسرائيلية. وفي حين وصف أبو ياسين علاقة الجماعة بحركة حماس بالعضوية الى حد الاندماج اكتفى بتوصيف العلاقة مع حزب الله بالتنسيق الذي تحكمه فقط ضرورات الميدان، وذلك لإبعاد شبهة التبعية للحزب عن جماعته.

ان ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة من قتل وتدمير وتشريد وتجويع يدعو الى التعاطف والتضامن مع هذا الشعب المعذّب والى رفع الصوت عاليا للمطالبة بوقف المجازر بحقه ولنيله كامل حقوقه السياسية وهذا يستدعي بالوقت نفسه الوقوف في وجه الأطراف والمحاور التي لا تزال تصرّ على المتاجرة بالدم الفلسطيني بحثا عن مغانم سلطوية هنا او توسيع نفوذ هناك.

المقال السابق
ضياء عودة/ العين على القصر".. أسماء الأسد و"مكتبها السري" تحت سيف العقوبات

ابراهيم ناصر

باحث سياسي واجتماعي

مقالات ذات صلة

نقاش بالصوت والصورة/ التقدم الإسرائيلي البري في جنوب لبنان من النكران الى الإستخفاف

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية