تتسابق مجموعة من الكتل النيابية للجلوس تحت أضواء الإستحقاق الرئاسي، مقدمة نفسها، على أنّها صانعة مفاتيح للأبواب الموصدة بإحكام!
ولم تنتبه هذه المجموعة إلى أنّ توريط لبنان بحرب غزة قد حطم كل الأضواء، ولم تعد ثمة أهمية لا لرؤساء ولا لوزراء ولا لنواب ولا لمناصب قضائية وأمنية وإدارية ومالية ومصرفية واقتصادية، وأنّ “حزب الله” أسقط عن لبنان كل مفهوم الدولة!
يتابع اللبنانيون هذه المجموعة السياسية التي توهم نفسها بأنّها تملك القدرة على لعب أدوار ريادية في صناعة القرار، بكثير من الإستخفاف، وأحيانًا، بكثير من الإحتقار!
لا يوجد لبناني يتمتع بالحد الأدنى من الحس السليم يعير هؤلاء السياسيون اهتمامًا. من يتابعهم إنّما يمني النفس بأن تخرج منهم كلمات يمكن استعمالها في التهكم عليهم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ليس المطلوب من هؤلاء أن “يتضبضبوا”، بل المطلوب منهم أن يصارحوا اللبنانيين بحقيقة عجزهم عن إنجاز أبسط مسألة لا يرضى عنها “حزب الله”.
و”حزب الله”، منذ انتهاء ولاية آخر رئيس ماروني، أي ميشال سليمان، لا يرضى بشيء لا يخدم “أيرَنة لبنان”. ميشال عون لم يكن رئيسًا مارونيًّا بل كان وحيدًا في قائمة رضي عنها مجلس تشخيص النظام في إيران. هو أتى، عندما وافق الآخرون على اختياره إيرانيًّا. كذب مؤيّدوه “السياديون”- في إطار الإستسلام- على اللبنانيين عندما أوهموهم بأنّ عون، عندما يصبح رئيسًا، سوف “يتلبنن”.
ومنذ بدأ الإستحقاق الرئاسي، قال حاكم لبنان الفعلي، أي الأمين العام ل”حزب الله” حسن نصرالله أنّه يريد رئيسًا للجمهورية من “عيار” ميشال عون وأميل لحود، فطرح سليمان فرنجية.
الإختلاف كبير بين كل من لحود وعون وفرنجية، ولكن يجمعهم قاسم مشترك، وهو خدمة “الأجندة الإيرانية”.
المبادرة الفرنسية الرئاسية التي جرى إحباطها، في وقت سابق، كانت قد حظيت بضجة كبرى، لأنّها كانت تخضع لتوجيهات نصرالله. لاحقًا، عندما تغيّرت، وجرى إيفاد جان ايف لودريان الى لبنان، باسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث حمل معه طرح “المرشح الثالث”، لم يعد يُنظر إلى مساعيه بجدية أكثر مما كان ينظر الى اعتصام النائبين ملحم خلف ونجاة عون، في القاعة العامة لمجلس النواب.
الكتل نفسها التي سبق أن سخرت من “مبادرة” خلف وعون، تحاول، راهنًا، أن توهم اللبنانيين بقدرتها على إحداث الفرق، ولكنّها، عفوًا أو عمدًا، تحوّلت مجرد خادمة عند “حزب الله” بإيحائها بأنّه يمكن أن يقبل بمرشحين لم يخترهم مسبقًا مجلس تشخيص النظام في إيران!
لو لبس هؤلاء “المبادرون” ثوب المهرجين، لكانوا أبلوا بلاء حسنًا. على الأقل كانوا قد نالوا أجر محاولة إضحاك اللبنانيين الهاربين من متابعة الحقيقة المرّة التي تهب عليهم من الجنوب!
ليس هناك مهرج أسوأ من ذاك الذي يرتدي ثيابًا رسمية!