التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت، لم يعد مجرد واجب قضائي من اجل كشف الحقيقة وإحقاق الحق، فحسب بل اصبح رمزًا لانتهاء مرحلة فائض القوة، أيضًا!
وما كان محظورًا بالأمس، بفعل استعمال “حزب الله” لفائض قوته، اصبح متاحًا بمجرد تنفيس هذا الورم الخطر ليس على البلاد فحسب بل على الحزب نفسه، أيضًا!
لقد تعرض المحقق العدلي طارق البيطار لأعنف الحروب التي يمكن ان يواجهها قاض، فتواطأت الدولة التي يفترض بها توفير المناخ الآمن للقضاة، مع المعتدي. هدده وفيق صفا من قلب قصر العدل. أقام أصحاب النفوذ متاريس في الجسم القضائي من حيث تمّ القصف على البيطار، من اجل “تقريفه” و”تخويفه” و”إخراجه”. تدخل “حزب الله”، تنفيذًا لتهديد صفا، وخلق مجموعة لمصلحة محاربة البيطار ضمن أهالي الضحايا أنفسهم. وقفت الأجهزة الأمنية ضد البيطار، ونزعت الشرعية عن القرارات المستقلة التي يتخذها، في عملية انقلاب خطرة لمعايير العدالة واصول المحاكمات الجزائية وسائر القوانين المنبثقة من مفهوم الدستور وروحيته!
وبفعل “فائض القوة” اصبح التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت سخرية اللبنانيين والعالم. لم يشهد احد على هذه الوقاحة اللامتناهية، وقاحة المدعى عليهم على القاضي المختص.رفض هؤلاء الحضور وهاجموا القاضي وعاشوا “زعامتهم” كما لو أنً شيئًا لم يكن.
حاليًا تغيّر كل شيء. اصبح المدعى عليهم يتوجهون إلى التحقيق، مثلهم مثل أي لبناني آخر. هؤلاء يمارسون حقوقهم في الدفاع عن انفسهم، ولكن وفق مقتضيات القانون، وليس وفق تفلت شريعة الغاب.
قد يكون جميع المدعى عليهم أبرياء. وقد يكون بعضهم متورطًا، وقد يكونون جميعهم قد تواطأوا بالإهمال لصالح المجرم. مصيرهم غير مهم، طالما انه مرتبط بالحقيقة، ولكن ما كان بالنسبة للبنانيين والعالم اخطر من انفجار المرفأ محاولة “محور فائض القوة” تفجير القضاء من أساسه!
حاليًا لم ينتهِ كليًّا هذا المحور ولكنّه بدأ، رغمًا عنه، يتواضع!