"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

تحليل إسرائيلي: كيف ننشئ واقعاً جديداً في مواجهة حزب الله؟

نيوزاليست
الأحد، 28 أبريل 2024

تحليل إسرائيلي: كيف ننشئ واقعاً جديداً في مواجهة حزب الله؟

أورنا مزراحي- القناة ن 12

أظهر الارتفاع في وتيرة الحرب على الحدود مع لبنان خلال عيد الفصح [اليهودي] أهمية تغيير الوضع في الشمال. وحتى الآن، فإن الاهتمام بـ”اليوم التالي” على الحدود مع لبنان قليل نسبياً، على الرغم من الحرب الآخذة في الاتساع، والتصاعُد في مواجهة حزب الله، والتي يدفع سكان الشمال ثمنها الباهظ. وقد تحولتْ الاشتباكات مع حزب الله إلى أمر روتيني، ومن دون وجود حل في الأفق المنظور، ومن دون مسعى لإيجاد وسيلة ممكنة قبل الانزلاق إلى حرب واسعة النطاق ضد الحزب، يمكن أن تتحول بسرعة إلى حرب متعددة الجبهات، وعنيفة للغاية. إن هذا السيناريو يتعارض مع المصلحة الإسرائيلية في التركيز خلال الفترة المقبلة على تحقيق الأهداف في غزة، وتحرير الأسرى، ومنْع عودة سلطة “حماس”.

وقد خرقت الحرب اليومية على الحدود اللبنانية الهدوء النسبي الذي تحقق عقب حرب لبنان الثانية (2006)، وتحولت شيئاً فشيئاً إلى “حرب استنزاف”، وخلفت خسائر وأضراراً لدى الجانبَين. لقد أراد حزب الله مساعدة “حماس” عبر إشغال الجيش الإسرائيلي في جبهة إضافية لـ “جبهة المقاومة” بقيادة إيران، وفي إمكانه أن يتفاخر بالإنجازات التي حققها على الأرض، المتمثلة في إلحاق الضرر بمواقع الجيش الإسرائيلي وقواعده، وشنِ هجمات بواسطة أدوات قتالية تشمل المسيّرات، وتدمير بنى تحتية ومبانٍ مدنية ومنازل للسكان ومزارع، فضلاً عن وقوع خسائر في الأرواح.

وفي المقابل، يبدو أن الجيش نجح في إلحاق ضرر أكبر بحزب الله، الذي تعرضت بناه التحتية والعسكرية وقياداته وسلاحه لضربات قاسية وواسعة النطاق، ليس فقط بالقرب من الحدود، بل أيضاً في عمق لبنان (وخصوصاً في المنطقة العسكرية واللوجستية للحزب في بعلبك على بُعد 100 كيلومتر من الحدود).

كما تكبد الحزب خسائر كبيرة في الأرواح، تشمل مجموعة من قادة كبار في الحزب (الحزب اعترف رسمياً بمقتل نحو 300 عنصر، لكن يبدو أن الرقم أكبر كثيراً). لكن إسرئيل تجد صعوبة في ترجمة الإنجازات إلى نتائج أمنية على طول الحدود، والأهم أنها لم تنجح في إنشاء واقع يسمح بعودة النازحين من الشمال إلى منازلهم.

صحيح أن الحرب تسببت بنزوح سكان جنوب لبنان شمالاً، وهذه ظاهرة معروفة من الماضي، لكنها تثير اهتماماً قليلاً، على الرغم من أن المقصود هو 100,000 نازح لبناني. لكن بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي، فقد كان قرار الإخلاء غير مسبوق، وقد قرر مصير نحو 60,000 شخص يسكنون 43 مستوطنة قريبة من الحدود، اضطروا إلى الاحتفال بعيد الفصح في مقر إقامتهم الموقتة بعيداً عن منازلهم، وهُم لن يوافقوا على العودة إلاّ عندما يقتنعون بأن شيئاً جذرياً تغير من جانب حزب الله، ويشعرون بالأمان الذي يقدمه إليهم الجيش الإسرائيلي من أجل ممارسة حياتهم الطبيعية من دون خوف.

وفيما يلي محاولة للإجابة عن أسئلة ذات صلة في مسعى للمساهمة في التفكير في الموضوع:

ما هي فرص التدهور إلى حرب واسعة النطاق في الشمال؟ هناك إمكان لا يستهان به، لكن القرار في هذا الشأن هو أساساً في المرمى الإسرائيلي، فأساليب قتال حزب الله تُظهر حرصه على المحافظة على الطابع المحدود للقتال في الشمال، وكذلك اهتمام إيران بإغلاق جولة المواجهة المباشرة الحالية مع إسرائيل في التوقيت الحالي (وكل واحد له أسبابه الخاصة التي ليست بالضرورة مرتبطة). والصعوبة الأساسية ناجمة عن ربط حزب الله نهاية الحرب في الشمال بنهاية الحرب في غزة، وهذا الربط يجب قطْعه، لكن لا يوجد أحد في إسرائيل يهتم بذلك.

هل من مصلحة إسرائيل نشوب حرب واسعة النطاق مع حزب الله؟ من الواضح أن التهديد الأخطر لإسرائيل من طرف حزب الله يمكن إزالته، أو على الأقل تقليصه بصورة كبيرة فقط بواسطة حرب واسعة النطاق، لكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أنها ربما تتحول إلى حرب متعددة الجبهات، وتتطلب مناورة برية في لبنان، وستعرقل الحياة اليومية في الجبهة الداخلية كلها. فمنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، تغيّر جدول الأولويات، وصار يتوجب على الجيش إنجاز المهمة أولاً التي بدأها في غزة، بالإضافة إلى الحاجة الملحة إلى معالجة مشكلة المخطوفين، ويجب عدم الاستهانة بفرصة القضاء على سلطة “حماس” في غزة، الأمر الذي سيكون له تأثير في قدرة “جبهة المقاومة”، بصورة عامة، وحزب الله على تحدي إسرائيل مستقبلاً. لذلك، يتعين على إسرائيل الامتناع من المبادرة إلى حرب شاملة ضد حزب الله في هذه المرحلة، وتأجيلها إلى موعد مناسب لاحقاً.

ما هو الواقع المرغوب فيه الذي يسمح بعودة نازحي الشمال؟ المطلوب طبعاً في البداية وقف إطلاق للنار، لكن الأهم من هذا كله هو عدم العودة إلى الوضع السابق للحرب، مع الوجود البارز لحزب الله على طول الحدود. والخوف الكبير للسكان هو من محاولة تسلُل للـ “المخربين” إلى مستوطناتهم، شبيهة بالهجوم من غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر. لذلك، فمن المهم إبعاد ناشطي حزب الله الذين انسحب جزء كبير منهم إلى الوراء خلال القتال، بصورة نهائية. ويجب أن نضع على طرفَي الحدود نظاماً أمنياً جديداً، تتواجد في إطاره قوات عسكرية موثوقة ومسلحة جيداً (لبنانية ودولية) قادرة على منع وجود أطراف “إرهابية” وعمليات عسكرية تابعة لحزب الله أو تنظيمات أُخرى (فلسطينية أو لبنانية). وفي الجانب الإسرائيلي، يجب تكثيف وجود عمليات الجيش الإسرائيلي مع مكونات دفاع فعّال. والمطلوب أيضاً تحسين مكونات الأمن للمدنيين؛ إقامة قوات صفوف التأهب، وتطبيق توسيع برنامج حماية السكان. وعلى المستوى المدني، يجب تخصيص أموال لترميم الأضرار التي خلفتها الحرب، وإعادة إعمار المنازل والمباني العامة والمزارع المتضررة، بالإضافة إلى برامج وأموال لتشجيع الاستيطان من جديد في الشمال.

ماذا يجب أن تفعل إسرائيل الآن من أجل إنشاء هذا الوضع الجديد؟

يجب بسرعة صوغ استراتيجيا واضحة تتعلق بـ “اليوم التالي” في الشمال، والعمل من أجل تحقيقها مع تأجيل حرب استباقية شاملة في الوقت الحالي. والمطلوب هو استراتيجيا تمزج الخطوات العسكرية بخطوات سياسية وداخلية من أجل زيادة فرصة عودة النازحين، وتغيير الواقع الأمني نحو الأفضل قبل التورط في حرب أُخرى في الشمال في توقيت غير ملائم بالنسبة إلينا: على المستوى العسكري: طالما لم يجرِ التوصل إلى وقف إطلاق النار، يجب على الجيش الإسرائيلي الاستمرار في العمليات العسكرية والإصرار على ضرب أرصدة حزب الله وإبعاده عن الحدود. وفي المقابل، فإن المطلوب التخطيط مسبقاً لانتشار الجيش الإسرائيلي والموارد المطلوبة لإعطاء السكان الشعور بالأمان في “اليوم التالي”، بما في ذلك تغيير سياسة الرد على الاستفزازات والانتهاكات لوقف إطلاق النار من الجانب اللبناني.

على المستوى السياسي: يجب العمل على ترجمة الإنجازات العسكرية على الأرض إلى عمل سياسي، يجب على إسرائيل مطالبة الولايات المتحدة وفرنسا بتسريع جهودهما مع الحكومة اللبنانية، واستغلال الضغط الداخلي المتزايد على حزب الله من أجل صوغ تفاهمات لوقف إطلاق النار. ويجب الدفع بالمسعى السياسي لوقف الربط الذي أقامه حزب الله بين وقف النار في الشمال ووقف إطلاق النار في غزة. والهدنة في غزة، التي في إطارها ستجري صفقة لإعادة المخطوفين، يمكن أن تكون فرصة من أجل الدفع بتسوية في الشمال، لكن يجب ألاّ نوافق على أن تتحول إلى شرط في ضوء تقدير أن القتال في غزة يمكن أن يستمر وقتاً طويلاً.

على صعيد المنظومة الإسرائيلية: من المهم تسريع الخطط لإعادة إعمار الشمال، ولا سيما أن معالجة الأمر تجري ببطء. وقد اتضح أن رؤساء السلطات المحلية في الشمال الذين جرى استدعاؤهم إلى مكتب رئيس الحكومة (في11 نيسان/أبريل) كان لديهم كثير من الاعتراضات على خطة “الشمال” التي قُدمت إليهم بعد تأخير كبير، وبعد أن جرى إعدادها من دون التنسيق معهم.

المقال السابق
ما أدلة الراعي على أنّ المسؤولين اللبنانيين لا يؤمنون بالله!
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

مراسلون في الجنوب يتمنّعون عن ذكر الحقائق الميدانية خوفا من حزب الله

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية