منذ السابع من تشرين الأوّل الماضي، قتلت إسرائيل الآلاف من الفلسطينيّين واللبنانيّين والسوريّين في عمليات عسكريّة، ولم يرف رمش لأحد في “محور المقاومة”، إذ اعتبر جميع هؤلاء أنّ موت أبنائهم وآبائهم وأولادهم “بديهي”، ولكن ما إن سقط العميد في “الحرس الثوري الإيراني” سيد رضي الموسوي في غارة استهدفته في منطقة السيّدة زينب في ضواحي دمشق، حتى قامت القيامة وهدد الإيرانيّون ومعهم كل تنظيمات “محور المقاومة”، بدءًا ب”حزب الله” في لبنان وصولًا الى “أنصار الله” في اليمن، بالويل والثبور وعظائم الأمور، لأنّ هذا الإعتداء الإسرائيلي “تخطى الحدود”!
غريب هذا الحرص “المقاوجي” على دماء عسكري إيراني واحد، هو، في أفضل الأحوال، يمكن أن يعادل ظفر طفل واحد يستشهد تحت أنقاض منزله الوالدي، من دون أن نتوقف عند أكثر من مائة وثلاثين شابًا قضوا في الجنوب اللبناني، وهم في مقتبل العمر.
غريب لأنّه يُظهر، في مكان ما، دونية “مقاوجية” عربيّة، حيال الإيرانيّين، ولا سيّما منهم هؤلاء الذين يتولون ملفات المال والتسليح، إذ يبدو أنّه، في كلّ مرة يقضي منهم واحد، تقوم الدنيا في “محور المقاومة” ولا تقعد، حتى يبدو أنّ هؤلاء الإيرانيّين هم أسياد حقيقيّون، لا بد من المزايدة في ندبهم وفي التعهد بالإنتقام لهم.
ولا بدّ من أن يضيف الأمين العام ل”حزب الله” السيّد حسن نصرالله، على برنامج إحياء الذكرى السنوية لاغتيال العميد قاسم سليماني، قبل أربع سنوات في العراق، إسم العميد سيد رضي الموسوي، فهو أيضًا يستحق”التخليد”، بما أنّه رفيق سليماني وحامل وصيّته، من جهة وبما أنّه إيراني، من جهة أخرى. وعليه، فنصرالله، راح يدخل تعديلات على خطابه المرتقب في الثالث من كانون الثاني المقبل، من أجل أن يروي للبنانيّين الذين لا يعرفون الموسوي ولا يأبهون به، فضائله وبطولاته وفضله على “رفع رؤوس العرب”!
نحن لا نقلّل من قيمة دماء هذا أو ذاك، ولكنّنا بتنا كلّما قضى عسكري إيراني، نشعر برخص دمائنا اللبنانيّة والسورية والعراقيّة واليمنيّة والفلسطينيّة، حتى لو لم نكن نتفق معها في أسباب التضحية بالذات.
أن تقتل إسرائيل الجميع باستثناء الإيرانيّين، فهذه “بسيطة”، ولكن أن تمس شعرة واحدة من “الأسياد” الذين تجري فيهم الدماء الإيرانيّة، فهذه كارثة وفاجعة ومصيبة واعتداء سافر وتجاوز لكل حدود!
عيب!