أمضت ممثلة الأفلام الإباحية، ستورمي دانييلز، ما يقرب من 5 ساعات في قاعة المحكمة الجنائية في مانهاتن، الثلاثاء، للحديث عن علاقة جنسية تقول إنها أقامتها مع الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عام 2006.
وهذه التفاصيل الجنسية العميقة التي صرحت بها أمام القاضي والمحلفين وبحضور ترامب في أول محاكمة جنائية لرئيس أميركي سابق، ربما تؤثر على مسار القضية برمتها، وفق صحف أميركية..
وفي واحدة من أهم اللحظات في محاكمة ترامب التاريخية، كانت شهادة دانييلز، مفصلة للغاية لدرجة أن محاميي الدفاع طالبوا بإبطال المحاكمة، باعتبار أن فحوى شهادة دانييلز يقع خارج إطار المحكمة وتنطوي على “ضرر كبير” للمرشح الجمهوري للبيت الأبيض.
ودانييلز (45 عاما) محور قضية “شراء الصمت” التي يتهم فيها ترامب بتهمة تزوير مستندات محاسبية لإخفاء مبلغ 130 ألف دولار تم دفعه لها إبان الحملة الانتخابية لعام 2016 للتستر عن العلاقة.
وقبل أن تظهر أمام المحكمة، اعترضت محامية الدفاع عن ترامب، سوزان نيتشلز، قائلة إن شهادتها ليست مفيدة في قضية تتمحور حول السجلات المالية.
وقال القاضي، خوان ميرشان، الذي يرأس المحاكمة، للمدعين العامين خلال استراحة إن العديد من التفاصيل “غير ضرورية”.
واعترض محامو ترامب مرات عدة أثناء إدلاء دانييلز بشهادتها، خاصة عندما أضافت إجابات لم يطلبها المدعون.
وفي المقابل، قالت المدعية، سوزان هوفينفر، إن الشهادة ضرورية لإكمال القصة وإثبات مصداقية دانييلز، وقالت إن الشهادة سوف تتضمن تفاصيل أساسية “وليس وصفا للأعضاء التناسلية أو أي شيء من هذا القبيل”، ومع ذلك، انطلقت دانييلز في وصف العديد من جوانب اللقاء الجنسي المزعوم وقوعه أثناء ببطولة للغولف.
وتقول واشنطن بوست إن الممثلة أدلت بتفاصيل “أكثر بكثير مما كان ينبغي للقاضي، خوان ميرشان، أن يسمح بسماعه”.
وشهدت دانييلز بأن ترامب دعاها إلى غرفته في الفندق بعد أن التقيا في بطولة الغولف للمشاهير في عام 2006. وق الت إنها قبلت ذلك بتشجيع من وكيل الدعاية الخاص بها، وإن ترامب استقبلها في جناحه مرتديا بيجامة حريرية، وأنها طلبت من ترامب أن يغير ملابسه، وقد استجاب لها بأدب.
وأشارت الممثلة إلى أن ترامب عرض عليها عدة صور وأغلفة مجلات في جناحه الفندقي، وقالت إنها طلبت رؤية صورة زوجته ميلانيا، مشيرة إلى أنها: “إنها جميلة جدا” ورد بأنهما لا ينامان حتى في نفس الغرفة، وفق تفاصيل شهادتها التي أوردتها “أن بي سي”.
وبعد ذلك، وردا على أسئلة المدعية العامة، هوفينغر، التي تقود الاستجواب، تحدثت دانييلز عن اللحظة التي قالت إنها خرجت فيها من الحمام لتجد ترامب عاريا على السرير.
وقالت إنها لم تشعر بالتهديد، لكن نيته “كانت واضحة تماما” وأن “ميزان القوى كان مختلا”.
وقالت دانييلز: “أعتقد أنني فقدت الوعي”، مضيفة أن هناك الكثير من التفاصيل التي لم تتذكرها، لكنها أصرت على أنها لم تكن مخدرة أو مخمورة.
وشهدت قائلة: “الشيء التالي الذي أعرفه هو أنني كنت على السرير.. كنت أحدق في السقف. لم أعرف كيف وصلت إلى هناك”.
وأضافت “انتهى بي الأمر بممارسة الجنس معه”، مشبهة الوضع بـ”فقدان الوعي”. وأردفت “شعرت بالخجل لأنني لم أوقفه، ولم أقل لا.. أخبرت عددا قليلا جدا من الناس”.
وفي أجواء الاستجواب المتوترة، بدا القاضي منزعجا من بعض أسئلة المدعية العامة، في حين طلبت نيتشلز، محامية ترامب، عدم تناول العلاقة الجنسية، قائلة إن “هذا أمر ضار للغاية”.
“محاكمة باطلة”
وخلال الاستراحة، طالب تود بلانش، محامي ترامب، بإبطال المحاكمة بعد شهادة دانييلز، واتهمها بتقديم تفاصيل خارج نطاق المحاكمة والإيحاء بشكل خاطئ بأن اللقاء الجنس المزعوم ربما لم يكن بالتراضي، وقال إن أسئلة الادعاء كانت تهدف إلى إحراج ترامب والإضرار بهيئة المحلفين، وفق ما نقلته وول ستريت جورنال.
وقال بلانش: “كل هذا لا علاقة له بهذه القضية، وهو ضار للغاية، والسبب الوحيد الذي دفع لطرح هذه الأسئلة، إلى جانب الإحراج التام، هو التأثير على هيئة المحلفين وعدم النظر في الأدلة المهمة”.
واتفق القاضي، ميرشان، على أن بعض جوانب شهادات دانييلز “كان من الأفضل تركها دون ذكر”، لكنه رفض بطلان المحاكمة.
وقد سبق للقاضي أن اتهم الرئيس السابق بالازدراء 10 مرات، وفرض عليه غرامة قدرها 10 آلاف دولار. وهدد مرتين بسجنه.
والثلاثاء، أثار ترامب مرة أخرى غضب القاضي بعدما قال الأخير إن الرئيس السابق كان “يشتم بصوت مسموع” و”يهز رأسه”.
وطلب القاضي من المحا مي التحدث إلى ترامب، وقال “إن لديه القدرة على تخويف الشاهدة، ويمكن لهيئة المحلفين أن ترى ذلك.. لا أريد إحراجه. أنت بحاجة إلى التحدث معه. لن أتسامح مع ذلك”.
وقال إنها كشاهدة، “كان من الصعب بعض الشيء السيطرة عليها”، مضيفا أنه “فوجئ بأن محاميي ترامب لم يقدموا المزيد من الاعتراضات أثناء إدلائها بشهادتها”.
وقال ميرشان: “على الدفاع أن يتحمل بعض المسؤولية عن ذلك”.
شكوك في النوايا
وركز استجواب فريق ترامب لدانييلز على ما إذا كانت تكن كرها للرئيس السابق، وما إذا كانت قد كسبت المال من اللقاء الجنسي المزعوم.
وأشار نيتشلز إلى قضية تشهير رفعتها دانييلز على ترامب في كاليفورنيا، رفضتها المحكمة وأمرتها بدفع أكثر من 293 ألف دولار في شكل رسوم القانونية لترامب.
وقالت نيتشلز، في استجوابها إلى أن دانييلز كانت تحاول “ابتزاز الأموال” من ترامب، وفق نويويورك تايمز.
وفي المقابل، قالت الممثلة إنها لم تكن تهتم بأموال الصمت، لأنها في ذلك الوقت كانت تحصل على أجر جيد مقابل عملها السينمائي وكانت تمتلك منزلا في تكساس.
وسألها محامو ترامب عما إذا كان سيفيدها دخول ترامب السجن، وهي مدينة له برسوم قانونية كبيرة بعد رفض دعوى التشهير، وقالوا: “أليس صحيحا أنك تأملين أنه إذا أدين ترامب، فلن تضطرين أبدا إلى دفع الأموال المستحقة عليك؟“.
ونفت دانييلز أن يكون لديها الدافع المالي للإدلاء بشهادتها، لكن الممثلة التي ألفت كتابا عن لقائها الجنسي المزعوم مع ترامب، أقرت بأنها جنت المال منه.
ثغرة قانونية وتقول واشنطن بوست ن بإمكان فريق ترامب أن يستأنف قرار “عدم بطلان المحاكمة”.
وتقول إنه إذا دانت هيئة المحلفين ترامب، فقد يحاول محامو دفاعه استئناف الإدانة، والطعن أمام محكمة أعلى بأن ميرشان سمح بالإدلاء بشهادات ضارة وغير ضرورية في المحاكمة.
وقالت آنا جي كومينسكي، أستاذة القانون في كلية الحقوق في نيويورك، إن أي اقتراح أو اعتراض يقدمه الدفاع ويرفضه قاضي المحاكمة يوفر فرصة للاستئناف.
لكن الفوز بالاستئناف ليس بالأمر السهل.
وكتبت كومينسكي في رسالة بالبريد الإلكتروني لواشنطن بوست: “السؤال الحقيقي هو، حتى لو أخطأ القاضي في قراره، هل سيوفر ذلك أساسا لإلغاء الحكم عند الاستئناف؟ هذا هدف أكبر”.
ويأتي الخلاف بشأن شهادة دانييلز بعد أسابيع من تعرض مكتب المدعي العام في نيويورك لضربة قضائية، عندما أسقطت أعلى محكمة في نيويورك إدانة قطب الإنتاج السينمائي، هارفي واينستين، في ق ضايا اغتصاب واعتداءات جنسية.
وأشارت المحكمة إلى ارتكاب المحكمة أخطاء إجرائية تتعلق بالسماح للمحلفين برؤية وسماع الكثير من الأدلة التي لا تتعلق بشكل مباشر بالتهم التي واجهها المنتج.
وفي قضية ترامب، أصر ميرشان على أن الحكم الأخير ليس له أي تأثير على المحاكمة الحالية..
وبعد الجلسة قال ترامب في تصريح للصحفيين “كان اليوم مهما وكشف الكثير”، مشددا على أن “الملف بصدد الانهيار”.