تبادلت كل من روسيا والولايات المتحدة الثلاثاء الاتهامات، خلال اجتماع لمجلس الأمن، بدعم “الإرهاب” على خلفية التصعيد المفاجئ للقتال في سوريا. بدوره قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الأربعاء إن الدور الروسي “يتضح جليا” في العديد من الصراعات الدائرة حول العالم. ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء أن الجيش السوري يشنّ “هجوما معاكسا” في محافظة حماة في وسط سوريا، تمكن خلاله من إبعاد الفصائل المعارضة المسلّحة التي حققت تقدما واسعا في شمال البلاد إثر هجوم بدأ الأسبوع الماضي.
أثناء اجتماع لمجلس الأمن انعقد بسبب التصعيد المفاجئ للقتال في سوريا، اشتبكت روسيا والولايات المتحدة في الأمم المتحدة الثلاثاء، حيث اتهمت كل منهما الأخرى بدعم “الإرهاب”.
واستولت قوات من المعارضة المسلحة على حلب الأسبوع الماضي في هجوم شنته هيئة تحرير الشام. كانت هذه الجماعة، المعروفة سابقا باسم جبهة النصرة، الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا قبل أن تقطع علاقاتها به في 2016. وهي خاضعة لعقوبات مجلس الأمن.
ودعا روبرت وود نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة إلى خفض التصعيد في القتال في سوريا وحماية المدنيين. كما عبر عن قلقه من أن الهجوم تقوده هيئة تحرير الشام.
واتهم وود قوات الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا بالتسبب في سقوط ضحايا مدنيين في الهجمات على المدارس والمستشفيات، قائلا إن “حقيقة إدراج الولايات المتحدة والأمم المتحدة هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية لا تبرر المزيد من الفظائع التي يرتكبها نظام الأسد وداعموه الروس”.
وفي تصريحات موجهة إلى وود، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا “ليس لديك الشجاعة للتنديد بهجوم إرهابي واضح على المدنيين المسالمين في المدن السورية المسالمة”.
ورد وود متهما نيبينزيا بأنه “ليس في وضع يسمح له بإلقاء محاضرات علينا بشأن هذه القضية” لأن موسكو “تدعم الأنظمة التي ترعى الإرهاب في جميع أنحاء العالم”.
وأضاف “الولايات المتحدة حاربت آفة الإرهاب على مدى عقود وستواصل فعل ذلك”.
بريطانيا: يد روسيا ضالعة
من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الأربعاء إن الدور الروسي “يتضح جليا” في العديد من الصراعات الدائرة حول العالم وحث خلال اجتماع لحلف شمال الأطلسي الدول الأعضاء على “الجدية” بشأن الإنفاق الدفاعي. وقال “نعيش أوقاتا عصيبة”.
وتابع لامي “نشهد الآن صراعات في جميع أنحاء العالم، الحرب هنا في قارتنا في أوروبا، والعدوان الهائل الذي نراه في كافة أنحاء الشرق الأوسط في ظل تدخل إيران الواضح في الشرق الأوسط، والصراع المتصاعد في السودان والآن في سوريا، هناك دولة واحدة لها يد في جانب كبير من هذه الصراعات، وهي روسيا”.
“هجوم معاكس” في حماة
يشنّ الجيش السوري “هجوما معاكسا” في محافظة حماة في وسط سوريا، تمكن خلاله من إبعاد الفصائل المعارضة المسلّحة التي حققت تقدما واسعا في شمال البلاد إثر هجوم بدأ الأسبوع الماضي، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأربعاء.
وقال المرصد إن هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها “فشلت… في السيطرة على جبل زين العابدين قرب مدينة حماة إثر معارك طاحنة مع قوات النظام التي شنت هجوما معاكسا بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، بدعم جوي”، ما مكنّ الجيش من إبعاد الفصائل “عن مدينة حماة نحو 10 كيلومترات”.
وبدأت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) وفصائل حليفة لها، هجوما واسعا في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، أسفر عن خروج حلب، ثاني كبرى مدن سوريا، بالكامل عن سيطرة القوات الحكومية للمرة الأولى منذ بدء النزاع في البلاد عام 2011.
وتمكنت الفصائل خلال هذا الهجوم، من السيطرة كذلك على قرى وبلدات في محافظتي حماة وإدلب (شمال غرب).
وكان المرصد السوري أفاد الثلاثاء بأن الفصائل المعارضة تقتر ب من مدينة حماة التي شهدت تحركات احتجاجية واسعة في بداية النزاع في العام 2011.
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) بأن “وحدات الجيش العربي السوري تواصل عملياتها ضد مواقع ومحاور تحركات التنظيمات الإرهابية بريف حماة الشمالي”.
وأشارت إلى أن هذه الوحدات “تخوض اشتباكات عنيفة بمختلف صنوف الأسلحة مع التنظيمات الإرهابية… شمال شرق مدينة حماة ومحور الريف الشمالي الغربي للمدينة”، وأنها أوقعت “قتلى ومصابين” في صفوف الفصائل المسلّحة.
والهجوم الذي بدأته هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها الأسبوع الماضي، هو الأوسع على الساحة السورية منذ أعوام. وأسفر القصف والمعارك منذ بدء الهجوم عن مقتل زهاء 600 شخص غالبيتهم مسلحون من الطرفين، إضافة إلى نحو 100 مدني، بحسب المرصد.
إلى ذلك، أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن المعارك المتجددة أدت الى نزوح نحو 50 ألف شخص في منطقة إدلب وشمال حلب، أكثر من نصفهم من الأطفال.
وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعا داميا أودى بأكثر من نصف مليون شخص، ودفع الملايين إلى النزوح وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.