سأل صحافي فرنسي رئيس “حزب القوات اللبنانيّة” سمير جعجع عن سبب انعزاله في مخبئه، فأجابه:” من البديهي الإشارة إلى أنني أصبحت هدفاً لحزب الله. نعرف أنّهم ليسوا حمقى فهم حين يقتلون المعارضين، يبرّرون فعلهم بتغيير الوضع، ولا سيّما أن القوات اللبنانية أصبحت اليوم تشكّل الأغلبية بين المسيحيين، منذ الانتخابات التشريعية في العام 2022 ، غير أن لجوئي إلى هذا المكان ليس بالأمر الجديد ولا المستغرب، فقد سكن أسلافي الجبال بشكل دائم”.
أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ، في حديث أجرته معه مجلة Valeurs Actuelles من خلال حوار أجراه الصحافي الفرنسي مارييديك رافريه في معراب ” أنه لم يعد ينتظر شيئاً من فرنسا. كما رسم ضبابية ضاغطة في المشهد المستقبلي للبنان والمنطقة جراء أحداث غزة الجارية. الى ذلك، شدّد على ” أنّ جذورنا في لبنان راسخة”.
جعجع الذي أوضح أنه مستهدف من قبل حزب الله لأنه تحوّل إلى زعيم أكبر حزب لبناني بفعل ثقة اللبنانيين في الإنتخابات النيابية الأخيرة، شرح دور فرنسا في لبنان، ومقاربتها الإستحقاقات السياسية اللبنانية على قاعدة “فليكن”.
وعن رؤيته لمستقبل لبنان أجاب “من الصعب توقع مستقبل لبنان، حتى وإن كان هناك اتجاه بانتهاء حرب غزة، اذ سيتغيّر ميزان القوى في الشرق الأوسط. ما لا نعرفه هو مدى هذا التغيير في الوضع : قليلاً أم كثيراً…؟
وعم ا اذا كان متفائلاً قال: “لست متأكداً. قبل 7 تشرين الأول، كانت توجد إشارات إيجابية كثيرة في الاقتصاد. توقعنا زيادتها في عيد الميلاد ولكن تلاشى الزخم وجمّدت الحرب الساحة اللبنانية ولكن لا تزال بلادنا واحة للحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط رغم كل المآسي الماضية”.
وشرح في هذا السياق أنه “بالرغم من 30 عامًا من الاحتلال السوري (1976-2005)، وهيمنة حزب الله منذ العام 2005، مع التشديد على إنه سلاح إيراني بامتياز ، يريد أن يفرض أجندته على لبنان، إلا أنه لم ينجح بذلك، وانتهى به الأمر بشلّ البلاد بالشكل الذي نعرفه ونعيشه اليوم… ولكن جذورنا لا تزال موجودة… ولو أنها حالياً في مرحلة سبات”.
وسئل إن كان لدى فرنسا القدرة والإرادة لمساعدتكم على “إيقاظ” جذوركم؟
علّق جعجع قائلا ً “من الناحية العاطفية، لا أزال أنتظر فرنسا، إنما من الناحية العملية، فإنني لم أعد أتوقع أي شيء. لنأخذ الإستحقاق الرئاسي على سبيل المثال بذلت فرنسا في البداية، جهوداً كبيرة لضمان انتخاب اللبنانيين لمرشح حزب الله، سليمان فرنجية. بالنسبة لي كمواطن لبناني يحب فرنسا، يعتبر هذا الأمر غير مقبول”.
وسُئل: هل تلوم الحكومة الفرنسية؟
فاستشهد رئيس القوات بما كتبه صحافي بريطاني مؤخراً : “فرنسا في لبنان: فليكن”. في كل مرة تتخذ فيها فرنسا موقفاً في لبنان، فهو يتم إتخاذه بعيد عن أدنى فكرة عن الوضع والواقع. فقد دعمت في السابق، السوريين. “فليكن” الأمر كذلك. والآن حزب الله. “فليكن” الأمر كذلك. لا تأخذ فرنسا بعين الإعتبار إلا توازن القوى. ومن هذه الزاوية، إذا نظرنا إلى لبنان من بعيد، تتكوّن فكرة لدينا أن حزب الله لديه أسلحة، وأنه قوي وتدعمه إيران، ولذلك يجب عدم مضايقته. وبالتالي فلا بأس أذا تعارض دعم مرشحها مع سيادة لبنان وإصلاحاته ومؤسساته. وفي حينه هذا الأمر لم يكن مقبولا. منذ ذلك الوقت، بدّل الفرنسيون رأيهم”.
وتابع ” الناس يعانون. كيف ننقذ هذا البلد؟ بالتأكيد ليس عن طريق انتخاب مرشح حزب الله باعتبار أن ذلك سيؤدي حتماً إلى إزدياد الأمر سوءًا .في الزيارة ما قبل الأخيرة لجان إيف لودريان (المبعوث الخاص للإليزيه إلى لبنان)، كنا قد اتفقنا على اسم بديل يتمثل في شخص الاقتصادي الماروني جهاد أزعور، الوزير السابق ورئيس صندوق النقد الدولي لدائرة الشرق الأوسط. وقد رفض حزب الله ذلك ومانعه ، بينما كنا نحن على استعداد للتحرّك والذهاب بهذا الإتجاه”.
أما عن رأي الولايات المتّحدة الأميركية فأجاب جعجع “لا أعتقد أننا نعني الكثير لها. لم نكن يوماً طبقها المفضل. لإنه بإعتقادها طبق مخصص للفرنسيين”.
وسُئل: لماذا أنت منعزل في مخبئك؟
فقال:“من البديهي الإشارة إلى أنني أصبحت هدفاً لحزب الله.نعرف أنهم ليسوا حمقى فهم حين يقتلون المعارضين، يبرّرون فعلهم بتغيير الوضع، ولا سيّما أن القوات اللبنانية أصبحت اليوم تشكّل الأغلبية بين المسيحيين، منذ الانتخابات التشريعية في العام 2022 ، غير أن لجوئي إلى هذا المكان ليس بالأمر الجديد ولا المستغرب، فقد سكن أسلافي الجبال بشكل دائم”.