"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

سلمان رشدي وبؤسنا مع "حزب الله"!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأربعاء، 24 يوليو 2024

اليوم حُسِم الأمر. هادي مطر الذي حاول، في الثاني عشر من آب 2022، أن يقتل سلمان رشدي، على المسرح، في الولايات المتحدة الأميركية، ينتمي إلى “حزب الله”. لم يعد هذا الانتماء مجرد معلومات أو تخمينات أو استنتاجات، بل أصبح ملفًا قضائيًّا مكتملًا، سوف يحاكم على أساسه هذا الشاب اللبناني الأصل.

في كتابه الأخير وعنوانه “السكين” رفض سلمان رشدي، وهو يروي قصة الهجوم الذي تعرض له أن يسمّي مطر. أطلق عليه اسم “ألف”، باللاتينية، ووصفه بالغبي وقال إنّه لا يستطيع أن يفكر به إلّا على أساس أنّه مجرد “حمار”. يستغرب سلمان رشدي أن يكون مهاجمه هذا، قد أقدم على فعلته، من دون أن يتكبد مشقة الاستعلام عن الرجل الذي سوف يقدم على اغتياله، وهو، في هذا السياق ينقل اعترافات “ألف”، بأنّه بالكاد قرأ صفحتين من كتاباته وشاهد فيديووين أو ثلاثة له على يوتيوب “مما يعني أن رواية آيات شيطانية لا علاقة لها بالهجوم عليّ”.

ولكنّ استغراب رشدي، بعد ثبوت انتماء هادي مطر، الى “حزب الله”، لم يعد له أيّ معنى، فالقناعة التي ينطلق منها المنتمون الى “حزب الله” والداعمون له والمؤيّدون له، لا ترتبط بالاستنتاج الشخصي وبالحكم الذاتي على الأمور، بل بالفتوى هنا والتكليف الشرعي هناك. وقرار تصفية سلمان رشدي، كان قد اتخذ بفتوى وجرى تثبيته بتكليف شرعي.

وما يهمّنا في هذا السياق، لا يتمحور حول سلمان رشدي، على أهميّته، لأنّه هو وجد في العدالة الأميركية ملاذًا آمنًا، فهادي مطر موقوف والتحقيقات حول جريمته اكتملت والمحاكمة سوف تبدأ في منتصف تشرين الأول المقبل. ما يهمّنا في الواقع هم أولئك الذين يتعرضون لتهديدات يومية لأنّهم يعارضون “حزب الله” وجميع من جرت تصفيتهم، في وضح النهار، بعد تهديدات مماثلة تلقوها، بالسر حينًا وبالعلن أحيانًا، من دون أن يجدوا مرجعية قضائية واحدة قادرة على وضع واحد من القتلة وراء القضبان.

في الواقع، هادي مطر ليس اسما. معه حق سلمان رشدي عندما يقرر تجاوز اسمه وعدم تدوينه في كتاب بدأ الملايين بقراءته، بمجرد توزيعه في المكتبات، إذ إنّه في نهاية الأمر، حالة!

وهذه الحالة هي التي يتم تمجيدها في بلادنا المرمية غصبًا عنها في “جبهة المقاومة الإسلامية” بقيادة مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي. حالة تقرر التلاعب بحاضرك ومستقبلك وهويتك، وإذا لم تذعن لها، انقلبت عليك، ووضعتك في قائمة الاغتيال التي لا بدّ من تنفيذ مقتضياتها، عندما تتوافر الظروف الملائمة لذلك. حالة لا تتوانى عن الكلام عن الأخلاق والدين والضمير، لتحقيق مصالحها، وهي من أجل مصالحها أيضًا، تُسقط بسكين، بعبوة ناسفة، برصاصة، وبمجموعة زعران، كل القيم المكرّمة على “منابر الإستغلال”.

هذه الحالة القاتلة، هي التي ترفع اليوم لواء المقاومة، وفلسطين، وغزة. تستثمر في العدو من أجل أن ترتد على جميع من يعارضها، ويتحوّل كل من يحاول أن يقف في وجهها، بكلمة، بموقف، بطرح، بتغريدة، مجرد عميل وخائن وخاطئ ويستحق القتل!

حالة لا تعرف أن تناقش، لأنّها تقوم على “الولاء الأعمى” وليس على “الوعي الإدراكي”. حالة لا تبتدع الأفكار، بل تكرر ما يصلها من شعارات.

لن تتوقف هذه الحالة عن فرض نفسها بمزيد من الدماء والضحايا، إلّا يوم يُدرك الجميع أنّ الحل يبدأ من حيث بدأ سلمان رشدي، فمهاجمه الحقيقي ليس إسمًا- حتى لو كان له إسم- بل حالة “جاهلة” و”غبية” و”حماريّة”!

المقال السابق
نتنياهو "ينتصر" في الكونغرس الأميركي ويحصد دعمًا هائلًا!
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

نعيم قاسم ومعادلة "نصف استسلام"!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية