تنتهي ولاية رياض سلامة في حاكمية مصرف لبنان يوم الإثنين المقبل، بعد ثلاثين سنة أمضاها في هذا المنصب. نهاية هذه الولاية ليست وردية على الإطلاق بل سوداء، فعلى المستوى اللبناني تأتي في ظل انهيار مالي غير مسبوق في العصر الحديث، وعلى المستوى الشخصي تأتي في ظل صدور مذكرات توقيف دولية ضده عن كلّ من فرنسا وألمانيا، بتهم تبييض الأموال بالتعاون مع “عصابة أشرار”. وقبل أيّام على انتهاء ولايته أطلّ رياض سلامة على قناة تلفزيونية لبنانية في محاولة جديدة منه لتبييض صفحة طواها الزمن المأساوي وليس هو!
أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة انه “أعلن منذ سنة أن هذه آخر ولاية له في مصرف لبنان وأنه بعد أيام سيطوي صفحة من حياته”، لافتاً الى أن “مصرف لبنان وخلال 27 سنة ساهم بإرساء الاستقرار والنمو الاقتصادي وتخفيف الفوائد”. وفي حديث لبرنامج “حوار المرحلة” عبر الـLBCI، لفت سلامة الى أن “الناتج المحلي ارتفع إلى 55 مليار دولار وودائع القطاع المصرفي ارتفعت إلى ما يفوق الـ170 مليون دولار خلال ولايته”.
وفي ما يتعلق بنواب المركزي، قال سلامة: “مهمة نواب المركزي استلام المؤسسة واتمنى أن تبقى صامدة كما هي، والأزمة تتمثل بمطالبات وضعوها أمام الحكومة، ولا علاقة للبنك المركزي بالعلاقة بيني وبين النواب”. وأضاف: “نواب الحاكم لم يقولوا أنني خالفت القوانين، والقرارات التي تخرج عن المجلس المركزي كالتعاميم ينفذها الحاكم، وهو مسؤول أيضًا عن تنفيذ قانون النقد والتسليف”.
في سياق آخر، ردّ حاكم المصرف المركزي على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وقال: “المركزي يعالج نتائج سياسيات الحكومة التي أدت إلى عجز في الكهرباء، والسياسات التى أدت الى الضغط وبخطة الكهرباء التي صرفنا عليها 25 مليار، وسياسة الدعم، وسلسلة الرتب والرواتب التي حذرت منها وتعثر الدولة في عهد دياب التي كان التيار جزءا منها”.
وفي سياق منفصل، شدد سلاة على أنه “لا أحد يمارس الديكتاتورية في المجلس المركزي، وأول خطوات الإصلاح الجدية تبدأ بإلغاء إمكانية استدانة الدولة من مصرف لبنان”.
وأشار الى أنه “في آذار 2023 ارتفع دولار السوق إلى 140 ألف ليرة وأقفلت المحطات والصيدليات وكان هناك ضرورة لاتخاذ مبادرة وصرحت عن استعدادنا لسحب الليرة من السوق، وخسر مصرف لبنان وهناك قوانين تبرر هذا الأمر، فالمركزي لم يأخذ دولارات المودعين”.
وتطرق الى موصوع منصة “صيرفة” وأكد أن “الهدف من صيرفة كان أن يكون لدى المركزي دور في السوق وخلق الشفافية، ومصرف لبنان استطاع أن يكون اللاعب الاساسي في السوق النقدي وضبطه، واستفاد المواطن منها والقطاع العام من خلال دولرة المعاشات”، مش يراً الى أن “مصرف لبنان نجح أن يكون اللاعب الأساسي في الاقتصاد النقدي وفي ضبط السوق، و”صيرفة” ساهمت في النمو الاقتصادي كما استفاد عدد كبير من الناس، ولا منطق لاتهام “صيرفة” بأنها منصة لتبييض الأموال”.
في السياق ذاته، وعن مشروع نواب الحاكم بإنشاء منصة بديلة عن “صيرفة”، أوضح سلامة ان “إنشاء منصة من دون تدخل مصرف لبنان يحتاج وقتاً، ويجب أن يبقى مصرف لبنان في السوق لأن لا يوجد عرض للدولار بل طلب ما يهدد الليرة، والأوضاع مستقرة اليوم”.
وكشف ان “اليوم هناك رصيدًا إيجابيًا في الاحتياطي الإلزامي الذي يبلغ 14 مليار دولار و305 مليون ما عدا الذهب، إضافة لحوالي 9 مليار و400 مليون دولار تستعمل في الخارج”.
ورداً على سؤال، جدد حاكم مصرف لبنان التأكيد على أنه ” لا يريد إلغاء صيرفة التي جعلت المركزي لاعبا أساسيا في السوق”.
اما عن اتهامه بالتلاعب بالسوق، فقال: “هل لدينا “فرقة موتوسيكلات” تشتري الدولار؟ لا أحد يستطيع ان يلعب بالسوق، فالسوق لديه ثقة بكلامي، وعندما أقول انني سأتدخل فحينها يتغير سعر الصرف، فهو أصبح تحت قبضة مصرف لبنان”. وأضاف: “المؤسسات استمرارية، وماريان الحويك هي من عملت على منصة “صيرفة”، وأي آلية يمكنها أن تتطور ولكن الأهم معرفة السياسة التي سيعتمدها المركزي”.
وأمل سلامة عدم حصول اضطرابات في السوق بعد مغادرته، وقال: “أتأمل أن تستمر الآليات التي ساهمت في استقرار السوق، ولكن لا علاقة لي بعد الآن في اتخاذ القرارات”.
أما في ما يتعلق بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فأكد سلامة أنه “تم إنجاز كل ما طلب منهم من صندوق النقد الدولي، بدءًا من التدقيق في موجودات مصرف لبنان، ومرورًا بتنفيذ الإصلاح المصرفي، لافتاً الى أن “هناك من لا يريد الاتفاق مع الصندوق”.
وفي هذا السياق، قال: “نريد أن يراعي الاتفاق مع صندوق النقد مصلحة لبنان، وسعادة الشامي لاقى عوائق من الحكومة ومجلس النواب وحمّل مصرف لبنان كل المسؤولية”، لافتاً الى أن “موضوع Alvarez and Marsal غير مطلوب من صندوق النقد، واستلمنا من المالية المسودة التي هي موجودة على google وهذا ليس تقريرا بل مسودة أولية”.
واكد سلامة: “مصرف لبنان يلعب دوره إذ لا حسابات لها علاقة بأشخاص سياسيين بل حسابات مرتبطة بالقطاع العام والمصارف”،
واردف قائلا:“من زمان المنظومة “غسلت إيدها مني” وليس خفيًا أنني “كبش محرقة”
واضاف سلامة: “جرى “كبّ شعارات” لتضييع الناس وإظهار أنني “أزعر سارق أموال المودعين” لكن الحقيقة مغايرة كليًا، إذ لا مصرف مركزي يستطيع الصمود أمام ال أزمة التي واجهناها”.
قضائيًا، أشار سلامة إلى أنه “تبيّن أنّ التسريبات التي حصلت بالأخص من القضاء في الخارج كان وراءها مجموعة استهدفتني لأسباب معيّنة، فهذه المجموعة كلّفت محاميًا لم يكن صادقًا في تقريره الذي على اساسه قدّم شكواه مع جمعيات “غبّ الطلب” وفي ظرف أسبوعين ادعت عليّ”.
وأضاف: “جاءت ماريا ارينا إلى لبنان وادعت العفة وهاجمتني ولهذا ادعيت عليها، والقاضي الأوروبي الذي يرى كل هذه الحملات كيف يمكن أن يحكم بموضوعية؟”
وقال: “لا أعتقد أن ما يحصل يعتبر طبيعيا، بدءًا من التحقيقات المستمرة منذ عامين وصولًا الى الحملات الإعلامية، إذ أننا نشهد اليوم “ديكتاتورية الإعلام””.
إلى ذلك، شدد سلامة على أن “الهجوم الإعلامي المنظم ضدي هو لوضع ضغوط على القضاة لاتخاذ قرارات معينة فكيف لمحامٍ أن يقول إنني أخذت ما بين مليار ومليارين فهناك فرق كبير بين الرقمين!”
وسأل: “أين يتعاطف القضاء اللبناني معي في ظلّ وجود 14 دعوى ضدي ومراسلته للخارج لحجز أموالي”.
وأكد سلامة ألا “يوجد في مصرف لبنان أي مبالغ لـ “فوري”، ولن أجيب على أي سؤال حول فوري لأنني أجبت على هذا الموضوع في القضاء، ولا علاقة لي ولا لماريان الحويك بها”.
وأوضح أن “أموال ماريان الحويك ليست من مصرف لبنان ولا مني شخصيا، وهي اجتهدت في مصرف لبنان وكان معاشها كمعاش أي مدير في المصرف، وعلاقتنا وظيفية فقط”.
وقال سلامة: “لم أمثل أمام القضاء الفرنسي كما فعلت ماريان الحويك لأنني لم أتبلّغ حسب الأصول، والمحامي في فرنسا طلب من القاضية أود بوريزي تبليغي وفق الأصول لكنها رفضت وطلبت إصدار مذكرة توقيف دولية، وما زلنا في مرحلة التحقيقات في اوروبا ولا دعاوى، ولو تبلغت كما يجب لكنت مثلت فأنا مستعد للذهاب إلى سويسرا لاستجوابي، كما أمثل أمام القضاء اللبناني ولا مشكلة لدي، وفي الواقع القضائي المحلي والخارجي ما زلنا في مرحلة التحقيقات ولكن للأسف الإعلام أصدر الأحكام الاتهامية”.