"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

إسرائيل لا "تشتري" سلاح "حزب الله"

رئيس التحرير: فارس خشّان
الثلاثاء، 29 أبريل 2025

بعد توصل لبنان وإسرائيل الى تفاهم لوقف إطلاق النار، وفي ضوء الإنقلابات الجيو- سياسية وأهمها سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، ووصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض حاملًا معه وعدًا للجالية اللبنانية في الولايات المتحدة بإحلال سلام دائم بين لبنان وجيرانه، انقسم اللبنانيون بين مؤيّد لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل يُدخل لبنان الى “نادي اتفاقيات إبراهيم” ورافض.

إنقسام اللبنانيين هذا لم يكن له في الواقع أيّ معنى، فإسرائيل هي التي لم تعد تطلع الى تطبيع علاقاتها مع لبنان، تماما كما تتجاهل الإستعدادات التي يبديها الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع لعقد اتفاق سلام معها.

وبات واضحًا، في الأسابيع الأخيرة أنّ إسرائيل أصبحت في مكان آخر، فهي تريد أن توفّر “امنها الإستراتيجي” بقوتها العسكرية، وليس بفعل اتفاقيات سلام مع دولتين تصفهما بالضعيفتين والعاجزتين عن الإلتزام بتعهداتهما.

وتصب الممارسات الإسرائيلية في هذا المنحى المتجاهل لخيار السلام مع بيروت ودمشق على الرغم من التغييرات الكبيرة الحاصلة فيهما على مستوى السلطة كما على مستوى التطلعات الإقليمية.

سوريًّا، اختارت تل أبيب التصعيد، فاحتلت المنطقة المنزوعة السلاح وتوغلت في أكثر من نقطة استراتيجية في البلاد، وقصفت مخازن الأسلحة الاستراتيجية، وكلّفت مجموعة ضغط للعمل داخل الولايات المتحدة الأميركية من أجل التسويق لتقسيم سوريا الى مناطق نفوذ: علوية مدعومة من روسيا، درزية مدعومة من إسرائيل، كردية مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، وسنية مدعومة من تركيا، فيما تُبقي إسرائيل هيمنتها على المنطقة المنزوعة السلاح بما يوفر لها “الأمن الإستراتيجي”.

لبنانيًّا، استغلت إسرائيل الخلل الكبير في ميزان القوة، سواء في مواجهة الدولة اللبنانية التي تحاول العودة الى الحياة، وهي المصابة بألف مصيبة ومصيبة، أو في مواجهة “حزب الله” الذي أصيب بخسائر فادحة تركت ندوبها الكبيرة على قدراته العسكرية كما على حضاناته الرسمية والشعبية، لتنفيذ تفاهم وقف إطلاق النار، وفق ما ترتأيه مناسبًا مستغلة الضمانات الأميركية التي حصلت عليها، قبيل الموافقة على التفاهم. وعليه، احتل الجيش الاسرائيل خمس تلال استراتيجية في لبنان وأقام عليها تحصينات عسكرية ومنشآت تجسس الكترونية وبشرية، وأنجز، بقوة النيران، منطقة أمنية على الحدود، وأخذ راحته في مراقبة كل ما يحصل في لبنان، عبر الاستطلاع الجوي المتواصل، واستمر في اغتيال من يراه خطرًا محتملا عليه، فقتل، حتى تاريخه، ما يزيد عن 150 ناشطًا في “حزب الله”، ونفذ غارات على امتداد بلاد الأرز، كانت أحدثها تلك التي استهدفت، عصر الأحد الأخير، “هنغار أسلحة” وفق تقييمه و”خيمة نشاطات” وفق “حزب الله”، في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وكان لافتًا للإنتباه، أنّ الغارة الأخيرة على حي الجاموس في الضاحية، أتت غداة ما نُقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، عن أنّ لا تسليم لسلاح “حزب الله” قبل أن تطبق إسرائيل كل الشروط المطلوبة منها، أي تحرير التلال الخمسة، والإنسحاب من 13 نقطة على الخط الأزرق، ووقف طلعاتها الجوية في المجال اللبناني، وتحرير أسرى “حزب الله” لديها.

هذا التطور، فسّره المراقبون على أنّه رسالة ميدانية من إسرائيل تفيد بأنّها ترفض رفضًا تامًا وضع سلاح “حزب الله” في دائرة المقايضة، فهي “لن تدفع ثمنه”، وبالتالي، إذا لم تتمكن السلطات اللبنانية من تفكيكه، فهي سوف تفعل ذلك بقدراتها العسكرية المتوافرة.

وكان واضحًا أنّ إسرائيل، وقبل أسبوع على تنفيذ الغارة على الضاحية الجنوبية- وهي ليست سوى بداية في سلسلة ضربات- قد مهّدت الرأي العام فيها، من خلال تحليلات ومقالات وتقارير إعلامية مكثفة، لإمكان عودة الحرب ضد “حزب الله”، لأنّها ترفض أن يستعيد قوته العسكرية والمالية، في مواجهة دولة لا تزال أضعف من إرادة هذا الحزب، وبالتالي قابلة للسقوط مجددًا تحت هيمنته.

وعليه، فإنّ إسرائيل تفضل البقاء على حالة الحرب النشطة ضد “حزب الله” على عقد أي اتفاق سلمي مع الدولة اللبنانية في واقعها الراهن، لأنّ الحزب، والحالة هذه، سوف يستغل الوقت والخلافات الداخلية، من أجل استعادة قوته، وحينها ينقلب على السلطة اللبنانية ويرمي اتفاقياتها في سلة المهملات!

المقال السابق
توقعات اسرائيلية: الإتفاق الإيراني- الأميركي وشيك
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

هل تُعيدنا "هواجس" إسرائيل الى حرب"استكمال التدمير"؟

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية