شنت صحيفة “حزب الله” ( الأخبار) هجوما على قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون لافتة الى أنه عمليل للأميركيين مشبهة إياه بالعماد ابراهيم طنوس الذي حصلت انتفاضة شيعية على الجيش عندما كان تحت قيادته، في الثمانينات من القرن الماضي. وهذا الهجوم ليس فريدا من نوعه، فجميع المحسوبين على “حزب الله” رفعوا، في الأيام القليلة الماضية وتيرة الهجوم على الجيش وقيادته، بسبب “التحييد” خلال الحرب الراهنة.
وكتبت صحيفة “حزب الله” في مقالها الهجومي الآتي:
مسارعة «القوات اللبنانية» إلى تقديم اقتراح قانون بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون في منصبه ليست «هرطقة دستورية»، على ما كان فريقها السياسي يقول في زمن الوجود السوري، بل استجابة تلقائية من فريق يعمل في إمرة سفارة عوكر التي تتولى الآن قيادة الاتصالات مع الكتل النيابية (باستثناء كتلتي التيار الوطني الحر وحزب الله) للذهاب إلى جلسة نيابية خلال وقت قريب جداً، وإقرار التمديد بلا نقاش. وهو أمر يبدو أن احتمال حصوله كبير جداً، خصوصاً أن الأميركيين الذين يتمدّدون سريعاً في كل مؤسسات الدولة، يريدون إبقاء عون في موقعه إلى حين تعيينه رئيساً للجمهورية، أو إلى أن يصار إلى انتخاب رئيس جديد واختيار قائد جديد للجيش يكون ملزماً بالخضوع لفحص في عوكر كما كان يجري سابقاً الفحص في عنجر.
وإذا كان الجميع يبرّر للعماد عون علاقته الخاصة بالأميركيين بأن الولايات المتحدة هي مصدر كل ما يتصل بعمل الجيش، عتاداً وأسلحة ورواتب ومساعدات وتدريباً وتعاوناً أمنياً، فإن المه م هنا هو كيفية تعامل قائد الجيش نفسه مع هذا الأمر، إذ يكاد يلغي أي مسافة بينه وبين الأميركيين، ما يجعله محطّ شكوك لدى قسم كبير من اللبنانيين، علماً أن كثيرين من خصومه، ولا سيما من تعاقبوا على وزارة الدفاع أثناء ولايته، يشكون من أن قائد الجيش يتصرف على أنه فوق القانون وفوق المؤسسات وفوق الجميع. وهو عملياً ما يتّسم به سلوكه في قيادة الجيش وفي التصرف حيال التطورات الجارية في البلاد، بما في ذلك تعامله مع تداعيات العدوان العسكري على لبنان.
وإذا كان الفريق المحيط بالعماد عون اليوم، من عسكريين حاليين أو سابقين ومن سياسيين وإعلاميين، يعمل على تمهيد الطريق له وإقناعه بأنه «المنقذ»، فقد يكون مفيداً لقائد الجيش أن يراجع بنفسه الحقبة التي كان العماد إبراهيم طنوس قائداً للجيش فيها، خلال ولاية الرئيس الأسبق أمين الجميل، وكيف كانت صورة الجيش لدى اللبنانيين، وكيف قادت سياسة طنوس المؤسسة العسكرية إلى الانقسام والانهيار وحوّلتها إلى مجموعة جيوش يخضع كل منها لوصاية مرجعيات سياسية وطائفية مثّلت الانقسام الذي عاشه لبنان. وهو انقسام لم يسقط بعد، وكل الكلام الذي يردّده السياسيون عن المؤسسة العسكرية التي تمثّل ضمانة للبنان، لن يبقى منه شيء عندما يتحوّل الجيش إلى طرف في الأزمة. وفي هذه المرحلة، فإن الأزمة لا تقف عند حدود الخلافات بين اللبنانيين، بل تتعلق أساساً بالموقف من الوصاية الأميركية التي تسعى إلى الإمساك بكل شيء في البلاد، وبعدما بات المستشارون العسكريون والأمنيون الأميركيون بمثابة «قيادة موازية» للمؤسسة العسكرية، فيما يغرق إعلاميو السفارة وسياسيوها في الثرثرة عن تدخل إيراني في لبنان!