لو تفاهم حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر على سلاح “حزب الله” ودوه في “تشليح” الدولة اللبنانية لسيادتها ولقرارها المستقل ولحصريتها في صناعة الحرب والسلم، واختلفا على كل شيء آخر، لرفعنا لكل منهما القبعات تقديرًا واحترامًا!
لكنّهما بدل أن يكونا كمريم فضّلا أن يلعبا دور مرتا التي نهرها السيد المسيح قائلًا لها: “تهتمين بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد”.
نسي حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر الجنوب وعذاباته والتهديدات بحرب قد لا تبقي ولا تذر وأموال المودعين وانفجار المرفأ ونزف لبنان لطاقاته ومنع المسرحيات والفراغ الرئاسي المتراكم، وركزا على أطفال اللاجئين السوريين، في ضغط يهدف الى منع تس جيل هؤلاء في المدارس اللبنانية.
صحيح أن موضوع اللاجئين السوريين يشكل ثقلا كبيرا على المجتمع اللبناني، ولكن ليس هكذا تورد الأبل، يا سمير ويا جبران!
إنّ التعليم مثل الطبابة يمنع حجبه حتى عن أعتى الأعداء.
والأطفال، إلى أي جنسية أو عرق أو دين انتموا، ومهما كانت وضعيتهم القانونية في أي بلد، يمنع استعمالهم أسلحة لتحقيق أيّ هدف، مهما كان نبيلًا.
ولو اطلع ميكيافيل نفسه على ما اتفق عليه حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، بخصوص أطفال سوريا، لأصيب بالخجل!
إنّ الضغط من أجل إبقاء أطفال اللاجئين السوريين خارج المدارس لن يعيد عائلاتهم الى سوريا، لأنّ وجود جميع هؤلاء في لبنان ليس “هجرة تربوية”، بل له أسباب كثيرة ومعقدة!
إنّ التسرّب المدرسي من شأنه أن يشكل خطرًا على الأطفال أنفسهم وعلى المجتمع الذي يأويهم، لأنّهم في هذه الحالة سوف يكونون محور استغلال الشاذين والمجرمين والمافيات.
بدل الضغط لرمي أطفال اللاجئين في سوريا، إضغطوا ليكون في مناهجهم مادة تعلمهم حب وطنهم، ووجوب عودتهم اليه!
إنّ إبقاء هؤلاء الأطفال خارج المدارس سوف يجعلهم أساتذة في مادة واحدة: كره اللبنانيين عمومًا ومسيحيّيه خصوصًا!
ما في أحلى من الوطنية، ولكن عندما تنحرف الى هذا النوع من العشوائية، فكل رجائنا أن ينجينا الله منها!