جاءت حادثة الكحالة لتُفجّر “القلوب المليانة” بين فريق يتنقل بسلاحه في “دويلة” فصّلها على قياسه، بعد أن شرذم الدولة وفككها بممارسات ترهيبية، وآخر يسعى من خلال ما توفّر له من مساحة للتعبير عن رفضه لمنطق تهديد يحاصره من كل حدب وصوب ويجابه لغة السلاح دفاعاً عن ما تبقى من كبان للدولة.
وفي وقت تم نقل جثمان شهيد الكحالة فادي بجاني الذي سقط برصاص الغدر خلال حادثة انقلاب الشاحنة الى كنيسة مار انطونيوس، وسط تجمّع شعبي كبير وحضور فعاليات سياسية تمهيداً لمراسم الدفن التي تقام عند الرابعة، يترقب الأهالي ما ستؤول اليه التحقيقات في ملابسات ما حصل، فـ”قطوع الكحالة” لن يمر مرور الكرام، واطار المواجهة سيتسع، وما زيارة وفد من النواب كنيسة مار انطونيوس الكحالة لتقديم واجب العزاء باستشهاد بجاني أمس، والموقف الذي تم اطلاقه إلا دليل على “كسر الجرّة” نهائياً مع الفريق الآخر.
أعلن النواب تضامنهم مع أهالي الكحالة “الذين تعرضوا لاعتداء سافر وميليشياوي تحت نظر الأجهزة الأمنية والعسكرية الذين تقاعسوا عن ممارسة دورهم الحازم والمطمئن”، معتبرين أن” حادث الكحالة شكل مفترقا سياسيا وأمنيا خطيرا، برهن بصورة ساطعة لا لبس فيها ان المساكنة بين الدولة ودويلة حزب الله ومنظومته أصبح مستحيلا وان استمرار التغطية على ممارسة الحزب المذكور أصبح يشكل نحراً للدولة والشعب والمؤسسات”.
لم تعد أدبيات الشجب والاستنكار مؤاتية مع هول ما يرتكبه حزب ألله بحق سيادة الدولة وانتظام مؤسساتها، بحسب النواب الذين أكدوا “أنهم بصدد التواصل الواسع مع قوى الاعتراض لإعادة النظر بشكل شامل بمسار المواجهة مع منظومة الحزب وحلفائه، ليتم إطلاق مرحلة جديدة لمواجهة وطنية سياسية شعبية مكتملة العناصر والقوى”.
على الرغم من محاولة “لفلفة” خفايا ما تحمله الشاحنة ووجهتها، إلا أن الأمور يبدو أنها ستتخذ منحى تصعيدياً، خصوصاً أن “حزب الله” فتح نيرانه بالمباشر على من يدافعون عن أنفسهم بوجه رصاص غدر يخطف الأبرياء.