لسنوات طويلة، كانت كلمة “حزب الله” في لبنان بالنسبة لخصومه، مرا دفة للتعطيل والتهديد والتهويل وكمّ الأفواه، سواء عن طريق الاتهام بالعمالة أو تشويه سمعة أو اختطاف أو حادث سير مدبّر او الاستعانة بكاتم للصوت أو تفجير سيارة أو انفجار مزلزل…
واليوم، بعد مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وكافة قادة الصفين الأول والثاني، (عددهم ٣٧)، وتضعضع الحزب الذي يبدو جليًا من خلال خطاب مسؤوليه الحاليين، انقسمت آراء اللبنانيين، فمنهم من وجد أخيرًا نفسه في دولة قابلة للحياة، بالمقابل، لا يزال كثر يحملون رواسب الرعب القديم، عاجزين عن تصديق أنه من الممكن العيش في كنف دولة ذات سيادة يحميها القانون والدستور.
كما يرى آخرون أن التغيير لم يأتِ على قدر الأماني المعقودة، خاصة بعد مشاركة مئات الآلاف في تشييع الأمينين العامين لحزب الله حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، وسط مخاوف من أن ما حصل أعاد من رفع معنويات بيئة الحزب، وبالتالي سيعيد الحزب تشكيل نفسه سريعًا، ليعود الى ممارسة ما اعتاد عليه.
“كنا نعيش في ظلّ فصيل مسلّح أقوى من الدولة ومتفوّق على جيشها من حيث القدرة العسكرية والبشرية، هذا أقلّه ما تمّ إيهامنا به لعقود” يقول رودولف زيدان، الذي غادر لبنان إلى فرنسا بعيد انفجار المرفأ في ٤ آب ٢٠٢٠، ويضيف: “الآن بدأنا نعيد الثقة بدولتنا، لكن بصورة حذرة جدًا، لذا علينا أن نفكّر ألف مرة قبل أن نقرّر العودة إلى لبنان”.
وتقول رندا نصر الدين المقيمة في آفينيون في جنوب فرنسا: ” لا يمكن إقصاؤنا… هذا الزحف الشعبي الذي شاهدناه الأحد الماضي ما هو إلا دليل على أننا كنا وسنبقى الأقوى… وشعار “إنا على العهد” تبيّن أنه واقع وليس قولًا”.
وتقول لينا رزق، التي تعمل في إحدى الشركات الفرنسية بعد أن تركت لبنان منذ قرابة الثلاث سنوات، “رغم إقامتي في الخارج إلا أنني ما زلت أخشى كتابة أو نشر أي منشور ضدّ حزب الله، فعائلتي لا تزال في لبنان، وأخاف أن يتمّ الانتقام منهم بدلا مني، كما أنني لا أريد أن أحرم من الذهاب إلى لبنان، فأقلّ تعبير للرأي على وسائل التواصل الاجتماعي يتبعه مئات رسائل التخوين والاتهام بالعمالة”..
مما لا شكّ فيه أنّ الوضع الجديد والواعد للبنانيين، بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة يرافقه تحدّيات جمّة، خاصة في ظلّ هذه الحملات التحريضية الواسعة من قبل مناصرين وصحافيين للـ”حزب” وتهويلهم بحرب أهلية وشيكة، ولعبهم على وتر الظلم والغبن اللاحق بطائفة دون أخرى، لذا يبقى التعويل لاستعادة وإعادة بناء الثقة بين أفراد المجتمع الواحد على منظمات المجتمع المدني وعلى أشخاص مؤثرين شرط أن يكون ولاؤهم للوطن فقط.