لازار بيرمان- تايمز اوف اسرائيل
قبل أكثر بقليل من سنة، واجهت إسرائيل معضلة على حدودها الشمالية، تتجاوز التهديد الذي كان يشغل قادة دفاعها على مدى العقدين الماضيين. فقد أقامت جماعة حزب الله “الإرهابية” اللبنانية خيمتين داخل الأراضي الإسرائيلية، وكانت إسرائيل عازمة على إزالتها.
لكنها وبنفس القدر كانت عازمة على تجنب الحرب مع حزب الله، الذي افترضت إسرائيل أنه سوف يمطر البلاد بآلاف الصواريخ يوميا. وكانت إسرائيل مقتنعة بوجود معادلة ردع بينها وبين ذلك الجيش القوي المدعوم من إيران.
وظلت الخيام قائمة لعدة أشهر، حيث أرسلت إسرائيل رسالة إلى حزب الله عبر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تطلب منها إزالة تلك الهياكل. ودفع بعض المسؤولين في إسرائيل إلى استخدام القوة، ولكن في النهاية، بدا أن التحركات الدبلوماسية جنبًا إلى جنب مع التهديدات اللفظية الغامضة قد أقنعت حزب الله أخيرًا بالانسحاب.
والآن، بعد هجمات حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ــ وعام من إطلاق الصواريخ والصواريخ المضادة للدبابات من حزب الله، تغير مزاج إسرائيل بشكل كبير، كما تغير توازن القوى. بعد عشرة أيام من بدء العملية البرية التي يشنها جيش الدفاع الإسرائيلي في لبنان، من الصعب أن التصور مؤخراً ان إسرائيل تعاملت مع حزب الله باعتباره عدواً يتعين عليها أن تقاربه بحذر.
في يوم الخميس، أدخل جيش الدفاع الإسرائيلي للمرة الأولى صحافيين إسرائيليين إلى قرية في جنوب لبنان، في إشارة واضحة إلى شعوره بأنه فرض سيطرته العملانية على المنطقة.
وتوجد علامات أخرى كثيرة على هذا الواقع الجديد. فقد فتحت إسرائيل سلسلة من المنافذ في السياج الحدودي للسماح لمركبات جيش الدفاع الإسرائيلي بالعبور إلى لبنان، والآن أصبحت هذه الفتحات غير محمية على الإطلاق. وقد نقلت الصحافيين إلى أراضي العدو في سيارات هامر مكشوفة، دون خوف من القناصة أو الألغام.
وبدا جنود الاحتياط من الكتيبة 8207 من لواء “ألون” التابع للفرقة 91، الذين كانوا متمركزين داخل القرية الشيعية، مرتاحين وسعداء، ومتحمسين لالتقاط الصور أو توبيخ الصحفيين على إشاعة أجواء تتصف بالسلبية.
لا شك أنه ما يزال لدى حزب الله بعض القدرة على القتال. فقد أصيب جندي من الكتيبة بجروح خطيرة يوم الأربعاء، وأصيب ثمانية آخرون بجروح طفيفة في اليوم السابق. وأعلن “جيش الدفاع الإسرائيلي” صباح اليوم مقتل الرقيب أول (احتياط) روني غانيزات من الكتيبة 5030 في لواء ألون وإصابة جندي احتياطي آخر بجروح خطيرة.
ولكن هذا بعيد كل البعد عن الدفاع المنظم والمهني للغاية الذي توقعه كثيرون. وقال الجنود إنهم واجهوا هجمات غير منسقة من قبل خلايا صغيرة، والتي يتم القضاء عليها حتما. وقال جنود في لواء آخر لصحيفة تايمز أوف إسرائيل إن مقاتلي حزب الله المتبقين في قطاعهم محبطون في الغالب، على الرغم من أنهم يقومون بشن الكمائن الدورية.
لقد تم تحقيق قدر كبير من التدهور لقوات حزب الله على طول الحدود خلال العام الماضي، حيث استخدم جيش الدفاع الإسرائيلي المدفعية والغارات الجوية لاستهداف مواقع العدو في القرى اللبنانية القريبة. كما نفذ “جيش الدفاع الإسرائيلي” عشرات الغارات الهادئة لتقليص قدرات حزب الله بشكل أكبر.
وتحت الضغط، انسحبت قوة رضوان النخبوية التي تم تدريبها لغزو شمال إسرائيل عن الحدود.
وفي الأسابيع الأخيرة، صعّدت إسرائيل من حربها ضد حزب الله إلى مستوى آخر. فبإبداع ودم بارد، تمكنت سلسلة متواصلة من هجمات جيش الدفاع الإسرائيلي (وربما الموساد) من تدمير القيادة العليا “للجماعة الإرهابية” وتقليص ترسانتها الصاروخية.
الآن، وأنا أقود سيارتي على طول الحدود مع لبنان، لا أجد في السياج الذي صُمّم لإبطاء تقدم حزب الله في حال محاولة غزو إسرائيلي سوى دليل على مدى سوء تقدير إسرائيل لخصومها حتى الساعة 6:29 صباحاً من يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول. ولم تكن لفائف الأسلاك الشائكة وبراميل الأمم المتحدة الزرقاء التي كانت تحذر من عبور خط ترسيم الحدود لتفعل شيئاً يذكر لإبطاء تدفق الآلاف من مقاتلي رضوان إلى الكيبوتسات والقواعد العسكرية القريبة.
وقد كشف جنود جيش الدفاع الإسرائيلي في لبنان عن استعدادات حزب الله لهذا السيناريو بالذات.
وقال قائد لواء ألون العقيد يانيف مالكا وهو يقف داخل مبنى صغير من طابق واحد: “هذه القرية عبارة عن موقع محصن. ولسوء الحظ، لا يوجد مبنى واحد في هذه القرية بأكملها لم نجد فيه نوعًا من الذخيرة أو قطعة من المعلومات الاستخباراتية.
كان هذا المنزل يحتوي على معدات عسكرية جيدة الصيانة لمقاتلين من حزب الله، بما في ذلك مخبأ للصواريخ. وفي حقل قريب، عثرت القوات على قاذفات تستهدف بلدة أفيفيم الحدودية الإسرائيلية.
كل المباني المحيطة بها تشبه هذا تمامًا، ” كما قال مالكا. ”