فنّد الصحافي دورون كورين في مقالة نشرها في صحيفة “هآرتس” الإعتداءات التي تستهدف المسيحيين في إسرائيل وتتولّاها مجموعات صهيونية متطرفة.
وجاء في المقالة الآتي:
المضايقات المتزايدة التي يقوم بها المتدينون اليهود ضد المسيحيين - رجال دين، كهنة، مبشّرون، حجاج، ومحبّو التوراة في البلد- يجب القول عنها إنها “أسوأ من حماقة، فهي جريمة”. بالإضافة إلى العار المتأتي من إذلال أحبائنا، وبالإضافة إلى مشكلة العقل الأرثوذكسي الذي يتعارض مع نبؤات الكتاب المقدس بشأن المستقبل الذي يحمله عشاق إسرائيل من دول كثيرة إلى القدس - فإن هذا يهدد علاقتنا بالعالم ويضر كثيراً بتأييده لنا. هذا التأييد ضروري لأمننا - على سبيل المثال، تأييد عشرات الملايين من المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة لنا، والذين يؤثرون في القرارات الرئاسية، وفي أعضاء الكونغرس. مدير عام وزارة السياحة يوسي فتّال حذّر من نشاطات، مثل التجمع الاحتجاجي للحاخامين، الذي جرى قبل أسبوعين بالقرب من حائط المبكى [حين هاجم متدينون يهود تجمعاً للمسيحيين بالقرب من الحائط جاؤوا لإحياء الصلاة، بحجة أن عليهم الصلاة في كنائسهم]، ووصف هذه الأعمال بأنها “بصقة على صورة إسرائيل”.
التجمع المذكور نظّمه حاخامون من الحردلين [حريديم قوميون] من حزب الصهيونية الدينية. نائب رئيس بلدية القدس آرييه كينغ أشرف على المتظاهرين الذين هتفوا “أيها المبشر عد إلى بلدك”. وقاد التظاهرة الحاخامان تسفي طاو (الذي جرى التحقيق معه مؤخراً بتهمتيْ اغتصاب) وأفيغدور نفنتسال، ووقّع بيان التظاهرة تسعة حاخامين، بينهم دوف ليؤر (حاخام حزب قوة يهودية، وكان في الماضي حاخاماً في مجلس يهودا والسامرة)، ويسرائيل أريال (رئيس يشيفوت “المقدس” في الحي اليهودي) ومردخاي شنايبرغ (مقاول وزعيم حسيدوت أشلوغ [حركة حريدية متطرفة]) وحاييم شتاينر (كبير حاخامي يشيفوت “مركز هاراف”).
غير أن الصراع ضد “المبشّرين”، الذي يقوده أيضاً نشطاء عنصريون، مثل بنتسي غوبشتاين [من اليمين المتطرف، من تلامذة مئير كهانا، ومن مؤسسي منظمة لهافا لمنع الزواج المختلط]، يدل بصورة أساسية على الضعف الروحاني لليهودية التي فقدت ثقتها بنفسها في أرض إسرائيل، تحديداً. وهذا الصراع هو جزء من موجة ازدياد المضايقات للمسيحيين في القدس في الأشهر الأخيرة، بما فيها البصق على رجال الدين الأرمن ومهاجمتهم بغاز الفلفل، والتبول على باب الكنيسة، وكتابة “الموت للأرمن” على جدرانها، وتخريب المقبرة البروتستانتية في جبل الزيتون، وأعمال شغب في الحي المسيحي، وتخريب كنيسة مريم المقدسة في جبل الزيتون والدير الماروني في معالوت.
الخبيرة بالموضوع المسيحي يسكا هرني ذكرت في آب/أغسطس الماضي أنهم: “يبصقون لدى مرور الكاهن على الطريق، أو على ثوبه، وأحياناً على وجهه،” وبحسب كلامها، عندما كان يحدث هذا أيضاً مع السياح، كانت تترجاهم لكي يقدموا شكوى إلى الشرطة، لكنهم كانوا يقولون لها: “لقد علّمنا يسوع أن نحب مَن يكرهنا.” لكن يوجد سياح آخرون كانوا يصورون ما يجري ويعرضونه على شبكات التواصل الاجتماعي.
التجمع الأخير حمل عبارة: “الذين وجّهوا لنا الإهانات يرفعون رؤوسهم”… لكن لم يكن هناك مسيحي واحد من بين الحجاج والكهنة أهاننا، أو أهان إسرائيل، الإهانة الوحيدة هنا هي من المتظاهرين أنفسهم، ومن حاخاميهم. …
صوت نادر ووحيد ضد هذه الظاهرة، صدر عن الحاخام الأكبر لليهود الشرقيين في القدس شلومو عمار، الذي أعلن معارضته لاضطهاد المسيحيين “باللعنات والشتائم والتجديف”، وأعلن أنها “خطيئة كبرى وتدنيس للمقدسات”…
في هذه الأثناء، رئيس بلدية القدس موشيه ليؤن صامت، ووزير السياحة حاييم كاتس يدرك الضرر الكبير بالسياحة، لكنه يصمت. رئيس الحكومة يعرف إلى أي حد يضر اضطهاد المسيحيين بإسرائيل، ويصمت. أغلبية الحاخامين يسكتون، أو ينظّمون تظاهرات ضد المسيحيين، ويحلمون بطردهم من البلد مع المسلمين ومع الإصلاحيين، ويأملون بتقديم الذبائح في بيت المقدس، على الرغم من تحريمها منذ 2700 عام.