"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

"سفاح الجيزة"... هل سيكون بداية التحوّل إلى القتل المتسلسل في الدراما المصرية؟

نيوزاليست
الخميس، 21 سبتمبر 2023

"سفاح الجيزة"... هل سيكون بداية التحوّل إلى القتل المتسلسل في الدراما المصرية؟

قد نشهد قريباً في العالم العربي، موجة نزوح درامية صوب أعمال الرعب والقتل المتسلسل، بعد نجاح مسلسل “سفاح الجيزة” التي تعرضه منصة شاهد. هذه الغيرة المهنية، موجودة دوماً بعد نجاح أعمال في اتجاه معيّن، وعلى سبيل المثال لا الحصر، بعد نجاح مسلسل “باب الحارة” في موسمه الأول، شاهدنا لاحقاً عشرات الأعمال التي تتناول البيئة الشامية، وبعد نجاح أعمال “الدراما العربية المشتركة”، بتنا نتابع دوماً أعمالاً مشتركة بين ممثلين من مصر ولبنان وسوريا.

هي غيرة قد تكون جيدة، شرط أن تكون جديّة في الطرح شكلاً ومضموناً.

السفاح

يلاحظ المتابع لمسلسل “سفاح الجيزة”، (كتابة محمد صلاح العزب وإنجي أبو السعود وعماد مطر، إخراج هادي الباجوري) والمكوّن من ثماني حلقات، أنه عمل متقن من حيث الإخراج والتصوير والأداء التمثيلي العالي للمشاركين فيه، بخاصة الدور الذي قدّمه أحمد فهمي الذي لعب دور القاتل المتسلسل، علماً أنه اشتهر بأدوار كوميدية وحقق نجاحاً فيها، لكن هذا الدور الدرامي أثبت إمكاناته العالية بلعب شخصيات عدة.

وتدور أحداث العمل المستوحى من قصة حقيقية، حول قاتل مصاب بمرض نفسي، قتل أربعة أشخاص هم زوجته وصديقه المقرب وسيدتان، إضافة إلى اتهامه بالتزوير وانتحال العديد من الشخصيات.

لكن السيناريو أتى مختلفاً ربما لأغراض درامية، لكن حين تقول إن العمل يستند إلى أحداث حقيقية، عليك الالتزام بذلك، وبناء الحبكة الدرامية على هذا الأساس، وعدم المبالغة في تقديم القاتل المتسلسل أو السفاح على أنه أسطورة.

مبالغة

في العمل، قتل محيي وجابر ويوسف، وهذه أسماء القاتل المتسلسل أكثر من سبع ضحايا، وبعض الجرائم لم تكن مبررة، كقتل الفتاة التي أتت إلى المصنع لاستلام بضاعة منه، وقتل السائق الذي كان ينتظرها وقتل عمته بلا سبب منطقي. وهنا لا بد من طرح سؤال أساسي، هل المبالغة في تقديم الدراما، شرط أساسي بتحقيق نسبة مشاهدة عالية، أم أن نسبة المشاهدة تزداد، في حال قُدمت للمشاهد جرعات درامية لا تخطر على البال.

وقع صناع العمل في هذا الفخ، وحاولوا تضخيم الهالة حول القاتل، لكن الحقيقة في شيء آخر. من خلال متابعة العمل يبدو واضحاً، أن القاتل لم يكن شديد الذكاء، لكن الشرطة هي من قصرت في جمع الأدلة وربما تهاونت مع جرائم الاختفاء، وهنا ربما كان من الأفضل انتقاد المؤسسة الأمنية التي قصرت في التعاطي مع الجريمة.

وما يظهر أيضاً، الحوارات الركيكة التي دارت بين الضابط (باسم سمرة) والقاتل (أحمد فهمي). حوارات كلاسيكية لطالما شاهدناها في الدراما سابقاً، لم يكن هناك حبكة إجرامية واضحة، ولم يكن هناك حل لشيفرات إجرامية.

ضعف الرقابة الأمنية

كما ظهر واضحاً أن السفاح يتنقل بين منطقتين شعبيتين قريبتين من بعضهما البعض، والمنطق يقول إن تشارك المعلومات بين المركزين الأمنيين، قد يساعد في إلقاء القبض على المجرم، لكننا لم نلحظ مثلاً، أن الشرطة حاولت رصد مكالمات الضحايا أو تحديد مواقعهم، أو حتى تحديد موقع القاتل عبر الهاتف، بعدما بدأت الشكوك تحوم حوله.

ومن الهفوات أيضاً حين طلب السفاح من الضابط، أن يلتقيا في مكان ما، فاستعمل الضابط تقنية Live Location ليعلم بقية عناصر الشرطة بالمكان المتوجه إليه للقبض على المجرم. كان يجب التركيز على التحقيقات بشكل أكبر في العمل، وهنا تبرز قوة المسلسلات الأجنبية من هذا النوع، حين نرى ضباط الشرطة يتعاملون مع تقنيات أحدث في القبض على المجرمين.

إضافة إلى ما تقدّم، لم نعرف الكثير عن المجرم، كيف نشأ ومتى بدأ هذا السلوك الإجرامي لديه، كل ما قدّمه المسلسل، أن القاتل شاهد أمه تقتل أباه في صغره، لكن كيف تحول من طفل عادي إلى قاتل متسلسل لا نعلم، ولماذا غالبية ضحاياه من النساء مثلاً؟

الشكل الفني

في سياق متصل، يمكن القول إن العمل جيد جداً من حيث الشكل، وربما يكون من أفضل الأعمال التي قدّمت في الآونة الأخيرة، بخاصة أنه مرتبط بحدث تعرف الناس عنه الكثير، ما ساعد في انتشاره. قدم المخرج صورة جميلة للعمل، بخاصة في اختياره مواقع التصوير، والإضاءة الخافتة التي استعملها خصوصاً في مشاهد القاتل، ونجح هادي الباجوري في نقل الخوف والقلق والرعب إلى المشاهد من خلال رؤيته الإخراجية.

على صعيد التمثيل، قدّم أحمد فهمي دوراً ممتازاً، وتميّز ببرودة أعصاب وبساطة من دون مبالغة في تقديم الدور، وكان ينتقل في الشخصية كما يحلو له ما بين حالات الغضب والقتل الهدوء، ونجح في إثبات أن الكوميديا ليست خياراً نهائياً.

كما تميزت كل الفنانات اللواتي شاركن وقتلن في العمل، بخاصة حنان يوسف التي لعبت دور أم القاتل. ولا بد من ذكر تميز الموسيقى التصويرية التي وضعها كريم جابر. وخلال إحدى حلقات مسلسل استعمل موّال “العدل فوق الجميع” بصوت بدرية السيّد، ما أعاد انتشاره على منصات التواصل الاجتماعي. ويقول مطلع الموال “العدل فوق الجميع وبيعشقه المخلوق وابن الغفير والوزير من التراب مخلوق”.

السيناريو

أما من حيث السيناريو فهو شيق وعصري، لكنه يحتاج إلى التطوير ليصبح أكثر محلية، بخاصة أن المبالغة الهوليوودية دخلت عليه كمشهد مطاردة الشرطة للقاتل أو حمل القاتل طفلاً لمنع الضابط من التصويب عليه، إضافة إلى إهمال الحالة النفسية للقاتل في العمل، والتي كان من الممكن أن تساعد أكثر في إيضاح الصورة عن الجرائم التي حصلت.

مسلسل “سفاح الجيزة” من بطولة أحمد فهمي وباسم سمرة وصلاح عبدالله وميمي جمال وركين سعد، وهو مقتبس من أحداث حقيقية وراح ضحيتها أربعة أشخاص هم زوجة السفاح وصديقه المقرب وسيدتان. ويدعى القاتل الحقيقي قذافي فراج عبد العاطي عبد الغني، من مواليد محافظة الجيزة، سقط في قبضة الأمن بعد خمس سنوات مُتهماً في جرائم قتل ونصب واحتيال.

القصة الحقيقية

وكان النائب العام المصري قد أحال المتهم إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل مع سبق الإصرار خلال الفترة ما بين عامي 2015 - 2017. ولا يزال السفاح خلف القضبان وذلك بعدما أصدرت محكمة النقض في عام 2021، قراراً برفض الطعن المقدم من دفاع المتهم على قرار إحالة أوراقه إلى المفتي، وذلك في ما نُسب إليه من قتله أربعة أشخاص، زوجته وسيدتان ورجل عمداً مع سبق الإصرار وإخفائه جثامينهم بدفنها في مقابر أعدها لذلك، ويعتبر الحكم هو حكم نهائي بات لا يجوز الطعن فيه مرة أخرى.

يذكر أن المصطلح الإنجليزي serial killer ومفهوم القاتل المتسلسل يُنسب إلى العميل الخاص السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت ريسلر الذي استخدم مصطلح القتل المتسلسل عام 1974 في محاضرة في أكاديمية شرطة برامشيل في بريطانيا.

افترض المؤلف آن رول في كتابه Kiss Me، Kill Me (2004)، أن الفضل في اللغة الإنجليزية لصياغة المصطلح يذهب إلى المحقق بيرس بروكس من شرطة لوس أنجليس، الذي أنشأ نظام برنامج القبض الجنائي العنيف ViCAP عام 1985 وهناك أدلة كثيرة على استخدام المصطلح في أوروبا والولايات المتحدة في وقت سابق.

المقال السابق
مهسا أميني وإيلون ماسك مرشحان لجائزة ساخاروف
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

"مفترس في هارودز" وثائقي يتهم محمد الفايد باغتصاب موظفات وابتزازهن

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية