"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

سعادة الشامي/ الإصلاح الاقتصادي في لبنان: إمكانياته ومساره

الرصد
الأحد، 2 يوليو 2023

*نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها #لبنان وفي ضوء العمل على تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي متكامل، يتساءل البعض إن كان الإصلاح المطلوب لا يزال ممكناً من داخل المؤسسات الحالية والنظام القائم وخاصة بعد التعثر الحاصل في إقرار القوانين والإجراءات التي تساعد على إنقاذ البلد من محنته.

إنّ هذا لسؤال صعب ومركّب نظراً للتركيبة اللبنانية وتعقيداتها ولكنّه مشروع في الوقت نفسه وخاصة بعد أن خبرتُ عن كثب، ومن موقع مسؤوليتي كمكلّف بتحضير برنامج تصحيح اقتصادي ومالي، وكرئيس للفريق المفاوض مع صندوق النقد الدولي على هذا البرنامج، العوائق والصعوبات التي تؤخر تطبيق الإجراءات اللازمة للبدء بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.

قبل محاولة الإجابة عن هذا السؤال، لا بدّ لنا أن نطرح سؤالاً آخر: ما هي عادةً السبل المتاحة لإحداث تغيير جذري في بلد يعاني من أزمات عميقة أكانت اقتصادية أم سياسية أم اجتماعية؟ بمعنى آخر، ما المسار الأفضل للإصلاح الاقتصادي؟ هناك جدلية كبرى حول هذا الموضوع ولا سيّما في الدول التي كانت بأمسّ الحاجة لإجراء تحوّل اقتصادي كبير، كالدول التي تحوّلت من النظام الشيوعي في أوروبا الشرقية ووسط آسيا إلى النظام الاقتصادي الليبرالي بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في أوائل التسعينيات، والتي وُضعت في إطار “العلاج بالصدمة” (shock therapy) أو “العلاج التدريجي” .(gradual approach)

لا جواب نهائياً عن هذا السؤال، فالتجارب لم تثبت بشكل قاطع أفضلية أو تفوّق أي من هذين المسارين وإن كانت كفة “العلاج بالصدمة” في المجال الاقتصادي راجحة. لكن يبقى ترجيح أحد المسارين على الآخر رهناً بعدة أمور ومنها حجم الاختلالات والتشوّهات الموجودة وحدّتها من جهة، والنظام السياسي وسهولة اتخاذ القرار من جهة أخرى، وكذلك نوعية المؤسسات والإدارة وفعاليتها في تنفيذ القرارات المتخذة ضمن الخطة المتبعة، كما مدى استعداد هذه المؤسسات وقدرتها على الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات.

أمّا اعتماد عملية الإصلاح بالتدرج، فهو قد يؤدي، عموماً، الى إطالة فترة المعاناة والركود الاقتصادي في بلد متنوّع ومنقسم حيث يعود القرار لكتل وأحزاب سياسية متناقضة في نظرتها إلى المسائل الاقتصادية، كما يمكن أن يؤخر الإصلاح، لأنه سيصطدم عند كل منعطف او انتقال إلى مرحلة أخرى، بصعوبات جمّة، وسيتطلب وقتاً طويلاً للاتفاق على الخطوات اللاحقة. في هذا الحالة تصبح إمكانية حصول انعكاس في الإنجازات المحققة (policy reversal) أكثر احتمالاً. وإن كان الاقتصاد يعاني من اختلالات كبيرة على الصعيد الماكرو اقتصادي سواء في المالية العامة والسياسة النقدية، أو في ميزان المدفوعات وسعر الصرف وغيرها، فربّما من الأفضل أن يكون العلاج سريعاً لإحداث تغيير جذري وفوري لإقناع المواطنين والقطاعات الاقتصادية المختلفة بجدية القرارات الاقتصادية، ممّا يؤثر على توقعاتهم التي تنعكس بدورها على القيام بالخطوات اللاحقة. في حال فقدان الثقة بين الشعب وصانعي القرار فإنّ الأفضلية تكون للإصلاح السريع لأنه يضيف نوعاً من المصداقية على عمل السلطات.

هذا العلاج السريع أو “العلاج بالصدمة” قد لا يشكّل المسار المناسب إن كانت قدرة المؤسسات المكلفة بالإصلاح ضعيفة، نظراً للقدرة الاستيعابية المحدودة التي تقيّد القيام بتدابير سريعة وفعالة وتفرض تباعداً في تنفيذ الإصلاحات لتسهيل تنفيذها. ثمة عنصر آخر يجب أخذه في الاعتبار وهو نوع النظام الموجود ومدى إمكانية الوصول إلى اتفاق على السير بسياسات اقتصادية قد تكون موجعة، بالإضافة إلى ذلك، إنّ مدى تأثر صانعي القرار بردود الفعل الشعبية من جراء السياسات الاقتصادية المتخذة وإمكانية محاسبة الرأي العام لممثليه في الانتخابات المقبلة على أساس هذه السياسات، ينعكس حتماً على قابلية السلطة السياسية لاتخاذ القرار.

إن وجود أزمة متعددة الوجوه كالتي يعاني منها لبنان في الوقت الحاضر وفي ضوء الحاجة الى نفضة إصلاحية جذرية على كل الصعد، يجنح الرأي الى القول بأن التغيير المطلوب يتطلب علاجاً سريعاً وذلك لكثير من الأسباب المدرجة أعلاه. فالاختلالات كبيرة جداً، واتخاذ القرار عملية معقدة وطويلة نظراً لتعدد المكونات المجتمعية التي لا ترى الأمور حتى البديهية منها بنفس المنظار، وكذلك لعدم وجود أي ثقة بين المواطن والدولة. من هنا تكمن الحاجة إلى صدمة إيجابية تفعل فعلها وتبدّل المزاج العام بشكل يفسح المجال أمام المضي قدماً بالإصلاح.

ولكن كيف لهذه الصدمة الإيجابية أن تأتي في ظل النظام الحالي. لا يمكن اللجوء الى الإنقاذ السريع و”العلاج بالصدمة” إلا من خلال انتفاضة شعبية تلتف حولها نخب مجتمعية تمثل كل الأطراف والجهات والأطياف والأحزاب السياسية لتفرض التغيير وتنقذ البلد من أزماته المتكررة وتعيد الثقة المفقودة بين المواطن والدولة. يمكن أن يتأتى التغيير نتيجة صدمة كبيرة تطال جميع اللبنانيين بأشكال شبه متساوية حتى لا تشعر شريحة ما بأنها هي المتضررة الوحيدة بينما الشرائح الأخرى قد لا تتأثر بنفس المقدار أو أنها قد تكون مستفيدة من صدمة كهذه، نظراً للواقع المؤسف الذي وصل إليه لبنان بعد الأزمات المتكررة مما أدى الى فقدان التضامن الوطني، والأمثلة على ذلك كثيرة وإن لا مجال للدخول فيها الآن.

من الصعوبة بمكان إنجاز أي إصلاح جذري من خلال عملية قلب للنظام القائم أو تغييره لأن طبيعة هذا النظام لا تسمح بذلك حتى وإن كان هناك طرف ما قادر لوجستياً على فرض التغيير المطلوب لأن النتائج غير مضمونة وقد تكون الكلفة مرتفعة من ناحية احتمال حصول فوضى اجتماعية بغياب إجماع وطني وبوجود زعماء السياسة وأمراء الطوائف الذين سيقفون بوجه أي تغيير جذري يمكن أن يهدّد مصالحهم أولاً ومصالح جماعاتهم بالدرجة الثانية. إن النظام الحالي ووضع المؤسسات التي هي صورة عن هذا النظام والقائمة على مبدأ المحاصصة المذهبية والحزبية والمصالح الراسخة تجعل من الصعب تحدي النخب السياسية القائمة وكسر دائرة الفساد والمحسوبية. وبالتالي لا أرضية صالحة لقيام ثورة جامعة في لبنان تلتفّ حولها نخب وازنة من جميع الطوائف. أما إذا قررت فئة واحدة القيام بتحرك ما مهما كان شكله فربّما يستجلب ذلك حركة مضادة قد تأخذ أشكالاً غير سلمية لا يمكن لأحد أن يتنبأ أين ستؤول نتائجها أو أن يقدّر عواقبها.

إن كان الإنقاذ الاقتصادي السريع غير ممكن في ظل النظام الحالي على المدى القصير للأسباب أعلاه، فهل يجب أن نقبل بالوضع الراهن كما هو؟ أم لا بدّ من محاولة العمل من خلال المؤسسات الموجودة؟ بالطبع لا يجوز السكوت والتغاضي عن الوضع الاقتصادي والمعيشي المزري الذي نعيشه اليوم ويجب العمل على القيام بإصلاحات ولو بطيئة وتدريجية من داخل المؤسسات الموجودة. هذا لا يلغي احتمال أن تقوم في هذه الأثناء حركة ما تؤدي إلى تغيير جوهري في بنية النظام ولكن البقاء مكتوفي الأيدي الى أن يحدث شيء من هذا النوع أمر غير مقبول بل يشكل تقاعساً وطنياً حيال الظروف القاسية التي يعيشها اللبنانيون مهما اعترى ذلك من صعوبات وعقبات.

ولكن لا ينبغي أن نتوهّم أن الإصلاح من ضمن المؤسسات القائمة سهل المنال لأن دون ذلك عوائق كبيرة كما أثبتت التجارب والمحاولات خلال السنوات الفائتة. إن النظام الحالي بجميع مكوناته، يمثل تحدياً كبيراً أمام أي عملية إصلاح تتمّ دفعة واحدة. إنّ التفاف بعض اللبنانيين حول أمراء الطوائف في سبيل الحصول على منفعة أو خدمة ما لأنّه ما من طريقة أخرى لذلك، بالإضافة إلى غياب قوى شعبية باستطاعتها أن تلتف حول خطة إنقاذ متكاملة تشكل عقبة كبيرة أمام أي عملية إصلاح. كما أن وجود ما يسمّى الديموقراطية التوافقية التي تشترط التوافق بين جميع مكونات المجتمع هو بدعة ونقيض للديموقراطية بمفهومها العالمي الذي يعتمد على حكم الأكثرية، رغم ما يعتري هذه الأخيرة من شوائب. ولكن يجب الإقرار بأن إرساء ديموقراطية في لبنان تعبّر بالفعل عن المصلحة الحقيقية للمجتمع من خلال نخب غير طائفية وغير حزبية ضيقة تضع مصلحة الوطن في صلب اهتمامها أمر صعب المنال والتحقيق.

بالتالي، وبما أنه لا يجوز السكوت عن الوضع الحالي، فلا بد من العمل من داخل المؤسسات ولكن بشكل عقلاني يأخذ في الاعتبار الصعوبات الموجودة دون أن يعني ذلك القبول بها. بمعنى آخر، يجب أن تُحدّد الأهداف بشكل مدروس من ضمن خطة مبنية على أولويات محددة حتى نصل الى النتائج المرجوّة. يحب أن تكون الأهداف واقعية ولكن أن تبقى طموحة كفاية (ولكن غير عصيّة على التطبيق) حتى تحفز العمل الجدي والمثابرة على النجاح. أما إن كانت الأهداف غير قابلة للتحقيق في ظل القيود القائمة، فإن ذلك سيثبط العزائم ويتسبب بحالة يأس تعيدنا الى نقطة الصفر. فالإصلاح هو عمل مستدام وتراكمي وليس عملية تنجز في مرة واحدة ونعلن الانتصار.

في هذا السياق، يجب أيضاً أن نحدد الأهداف من ضمن سلم أولويات يمكن للبنانيين أن يتوحّدوا حولها الى أقصى حد ممكن. إن تحسين مستوى معيشة الجميع من خلال برنامج إصلاح اقتصادي ومالي هو من ضمن هذه الأهداف التي يمكن أن يلتف حولها الكثير من المواطنين لأنه يلامس حياتهم ومعاناتهم اليومية. هذا يتطلب عملاً جدياً ومضنياً وخاصة لعدم وجود ثقة بين المواطن وأي شخص في موقع المسؤولية حتى لو كان هذا المسؤول يقوم بعمل جيد ولا ينتمي إلى الطبقة السياسية التقليدية. إن إحجام اللبنانيين عموماً والتكتلات البرلمانية والسياسية وبعض الاقتصاديين ومراكز النفوذ في القطاع الخاص عن تأييد برنامج التصحيح الاقتصادي والمالي الذي عملنا عليه لهو خير دليل على ذلك. ولكن يمكن كسر هذه النمطية وإعادة بناء الثقة إذا اتُّخذت قرارات واقعية تأتي بنتائج جيدة على الأرض.

في هذا الإطار ومن ضمن الأولويات، يجب البدء بإعادة هيكلة بعض المؤسسات المعنية مباشرة بالإصلاح وذلك لخلق بيئة مؤاتية للتغيير يمكن أن تساعد في تمهيد الطريق لتحسين النظام الحالي في المدى الطويل. صحيح أن الإصلاحات السياسية ضرورية لتحفيز #الإصلاح الاقتصادي ولكن في الوقت نفسه فالإصلاحات الاقتصادية تساعد هي أيضاً في الإصلاح السياسي. فعندما تتحسن الظروف الاقتصادية، ويشعر الجميع بأنهم قادرون على الوصول إلى حقوقهم الأساسية، سواء كانت مدنية أو اقتصادية أو اجتماعية، بناءً على كفاءتهم، ينتفي عندها الولاء غير المشروط لزعيم أو جماعة أو طائفة، ولكن لا شك في أن هذا مسار طويل لأنه يتطلب تغييراً في مقاربة الأمور وفي الثقافة المجتمعية.

من الناحية العملية يجب اختيار مؤسسات محددة لتبدأ منها عملية الإصلاح على أن تشكل هذه المؤسسات دراسة حالة تشجع على الإصلاح وتكون مثالاً يحتذى به (show case) للانتقال الى مؤسسات أخرى. من البديهي أن نبدأ بالمؤسسات الجد مهمة لنجاح برنامج التعافي والنهوض الاقتصادي كوزارة المالية والبنك المركزي. وعلى سبيل الواقعية، من الأسهل أن نبدأ من مؤسسة تتمتع بنوع من الاستقلالية كمصرف لبنان نظراً لدوره الوازن في السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف وكذلك لعلاقة المصرف بالمؤسسات المالية الدولية التي يمكن أن تساعد في عملية الإصلاح.

بالمناسبة، يمكن للتغيير الذي سيحصل في حاكمية مصرف لبنان أن يفسح بالمجال أمام تغيير جذري في عمل المصرف من خلال إعطاء الحاكم الجديد والجهاز المساعد الصلاحية والاستقلالية التامة في ما خص تسيير السياسة النقدية بعيداً عن أيّ تدخل سياسي في عمل المصرف إن كان لناحية السياسات المتبعة أو من ناحية التوظيفات التي يجب أن ترتكز على مبدأ الكفاءة والجدارة ممّا يجعل من البنك المركزي مؤسسة مثالية. ولكن في نفس الوقت، يجب أن يخضع الحاكم الجديد للمساءلة الدورية من خلال الرقابة العامة والداخلية من قبل المجلس المركزي كما يجب العمل على إرساء سياسات وإجراءات للتخفيف من تضارب المصالح والابتعاد عن كل الأمور غير المتعلقة حصراً بالسياسة النقدية واستقرار القطاع المالي.

قد يقول البعض إن هذه الخطوات أحلام صعبة التحقيق نظراً للاختلافات السياسية الموجودة ولصعوبة الاتفاق على أي مبادرة إصلاحية في الوقت الحاضر. من هنا، يجب النظر في إيجاد مخرج ما حيث يمكن للزعماء السياسيين أن يتفقوا على أمر قد يخدم أو أقله لا يضر بمصالحهم كبير ضرر. إن تحييد القوى الأمنية الى حد ما عن التجاذبات السياسية والأهواء والمصالح الضيقة أثبت صوابية وإمكانية حصول اتفاق على أمور أخرى. فليس من الصعب التوافق على تحييد البنك المركزي عن التجاذبات والأهواء السياسية الآنية لما فيه مصلحة الجميع. فإن لم يكن ممكناً أن تتوافق القوى السياسية على تحييد ولو مؤسسة واحدة في البداية عن الصراعات القائمة والمصالح الضيقة فعبثاً نحاول. ولكن إذا نجحت هذه المهمة فعندها ننتقل الى المؤسسات الأخرى الهامة كوزارة المالية وتلك التي تُعنى بتحسين عمل الإدارة كمجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي وغيرهما.

أما الأولوية الثانية فهي تعزيز المؤسسات التي تفرض سيادة القانون وتمكينها، بدءاً بالقضاء وصولاً إلى إنفاذ القانون. فالقضاء المستقل هو شرط مسبق لبناء نظام من الضوابط والتوازنات التي بدونها لا يمكن أن تكون هناك مساءلة أو شفافية أو إنصاف. هذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة للجميع وهو في المبدأ موضوع غير خلافي على الإطلاق، ويجب أن تتضافر جميع الجهود لتمكين القضاء من القيام بمهمته بشكل أفضل حتى لو مُيّز هذا الجهاز عن غيره في الإدارة الحكومية نظراً لدوره المفصلي في هذا الوقت.

وتتمثّل الأولوية الثالثة بالبدء بتعزيز الحوكمة ومحاربة الفساد من خلال إجراءات وسياسات يجري العمل عليها الآن وكذلك تطبيق استراتيجية التحول الرقمي وإتمام معظم المعاملات الحكومية عن بعد ومن دون تدخل مباشر من العاملين في القطاع العام. هذه الأنظمة يمكن أن تعزز الشفافية وكذلك الفعالية في القطاع العام.

هنا يطرح السؤال: من هي الجهة التي يمكن أن تقود التفاهم بين المكونات السياسية المختلفة للبدء بإصلاح بعض المؤسسات من ضمن سلم أولويات قابل للتنفيذ؟ لا شيء واضحاً الآن وإن كانت الآمال معلقة على الوجوه الجديدة التي أنتجتها أحداث 17 تشرين الأول عام 2019 من دون أن تتمكن ما عُرفت بقوى التغيير من إحداث خرق ما على مستوى مشروع إصلاحي متكامل أو حتى أن تبرز في طليعة الداعمين للبرنامج الإصلاحي الكفيل بوضع لبنان على السكة الصحيحة. ولكن هذا لا يعني بالضرورة انتفاء هذا الاحتمال كلياً بعد الاتفاق مع بعض الإصلاحيين الآخرين ومؤسسات المجتمع المدني والتواصل مع كل القوى الموجودة دون أي استثناء وتردد، حتى وإن اختلفت هذه المكوّنات على الأمور الأخرى. ولكن هذا يتطلب وجود مجموعات ضغط من المجتمع المدني والنقابات وجماعات حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين ووسائل الإعلام (من ضمن استراتيجية إعلامية) لندفع بعملية الإصلاح قدماً.

إذا بدأنا بهذه الإصلاحات القابلة للتحقيق، يمكن أن نخلق نوعاً من الزخم (momentum) لتحقيق إصلاحات أخرى في مؤسسات مختلفة. هذه ليست مهمة سهلة ولكنها بالطبع ليست مستحيلة إذا وجدت الإرادة والتصميم على إخراج البلد من أزمته. مع صعوبة الوضع، فإن لبنان ما زال يزخر بطاقات بشرية هائلة على الرغم من الهجرة الكثيفة لذوي الكفاءة، إذ يبقى اللبنانيون كأشخاص رواد أعمال ومبدعين يتمتعون بمقدرة هائلة على تحدي الصعاب ولكن هناك حاجة ماسة لتأتي كل الجهود الفردية من ضمن المؤسسات التي يجب العمل عليها بوتيرة جدية ومستدامة.

النّهار

المقال السابق
مكتب للتحقيق في "جريمة العدوان" ضد أوكرانيا في لاهاي

الرصد

مقالات ذات صلة

"المرأة الغامضة" وراء الشركة المرخصة لأجهزة "البيجر" المتفجرة

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية