"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

رياض سلامة وإيمانويل ماكرون وانفجار مرفأ بيروت بينهما

فارس خشّان
الخميس، 18 مايو 2023

رياض سلامة وإيمانويل ماكرون وانفجار مرفأ بيروت بينهما

منذ دخل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بقوة على الملف اللبناني، إثر انفجار مرفأ بيروت، استهدف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة واتهمه بإدارة عملية احتيال مصرفية ضخمة، وفق صيغة “هرم بونزي”.

ولم يصمت سلامة على هذا الإتهام، بل سارع الى توسّل وسائل الإعلام الفرنسية للرد على ماكرون وإظهاره كأنّه لا يعرف ماذا يقول.

وما إن أنهى سلامة حملته الإعلامية الهادفة الى “تسخيف” اتهامات ماكرون، حتى بدأت رحلته الصعبة مع فرنسا وعدد من الدول الأوروبية مثل ألمانيا وبلجيكا ولوكسوبورغ.

البداية كانت مع فتح النيابة العامة المالية ملف سلامة إنطلاقًا ممّا يملكه في فرنسا واوروبا، وانضمت لاحقًا نيابات عامة في دول أوروبية أخرى الى المسار نفسه الذي انتهى الى احتجاز ممتلكات له بقيمة 120 مليون اورو.

ومنذ قرار المصادرة، دخل ملف سلامة مسارًا جديًّا للغاية، لأنّ اعتراض حاكم مصرف لبنان عليه، بات ينقله من محكمة الى أخرى.

وكان يفترض بقاضية التحقيق الفرنسية الواضعة يدها على الملف أود بوروزي أن تُنهي تحقيقاتها التي قادتها الى بيروت قبل الثالث والعشرين من أيّار( مايو) الجاري، تاريخ بدء محكمة الإستئناف في باريس النظر في صوابية احتجاز ممتلكات سلامة.

هذه “الضرورة” أملت استدعاء سلامة الى جلسة تحقيق في باريس، ولكن حاكم مصرف لبنان الذي كان يدرك أنّ الهدف من الجلسة إبلاغه بالإتهامات الموجهة اليه، تحاشى أن يتبلّغ الإستدعاء، على أمل أن تُرجأ الجلسة الى ما بعد جلسة محكمة الإستئناف، ولكن القاضية الفرنسيّة، بالنظر الى الصلاحيات الممنوحة لها في القانون الفرنسي، قررت إصدار مذكرة توقيف بحقه وتعميمها دوليًا.

بطبيعة الحال، هذه المذكرة لا تلزم لبنان بشيء، لأنّ القانون اللبناني يحمي اللبنانيّين من تسليمهم الى دول أخرى، وفق ما سبق أن حصل مع كارلوس غصن، بعد فراره الشهير من اليابان.

في مقابل اندفاعة القضاء الفرنسي ضد سلامة المدعى عليه في لبنان أيضًا، يشهد الجميع، حتى تاريخه، هدوءًا قضائيًّا فرنسيًّا في التعاطي مع ملف انفجار مرفأ بيروت، على الرغم من أنّ النيابة العامة الفرنسية فتحت، بعد الإنفجار، التحقيقات في هذا الملف.

ويعرف القضاء الفرنسي، قبل غيره، أنّ التدخلات السياسية نسفت التحقيقات اللبنانية في ملف انفجار المرفأ، الأمر الذي كان يفترض به أن يدخل، بسرعة، على الخط، دفاعًا عن حقوق هؤلاء الضحايا الذين تحركت النيابة العامة الفرنسية، في البداية، من أجلهم.

ويشبه تعاطي القضاء الفرنسي الهادئ مع ملف المرفأ تعاطي الرئيس ايمانويل ماكرون معه، وهو الذي أسقط من المبادرة الفرنسية التي حملها الى بيروت، بعد الإنفجار، طلب “تدويل التحقيق”، بناء على “رغبة” أبداها النائب محمد رعد باسم “حزب الله”.

لا يمكن، بطبيعة الحال، اتهام القضاء الفرنسي بالتسييس، وهو الذي يعاني السياسيون الفرنسيون، الموالون قبل المعارضين، من “فائض استقلاليته”، ولكن هذا “التناغم اللبناني” بين حماسة القضاء وهدوئه من جهة وحماسة ماكرون وهدوئه، من جهة أخرى يثير الإهتمام.

وليس دقيقًا أنّ فرنسا، ولو أنّها تبدي حرصًا على تنفيذ الإصلاحات، معنية بمكافحة الفساد في لبنان، وفق ما يظهر من الإندفاعة القضائية في ملف رياض سلامة، خصوصًا وأنّ ماكرون يقود، منذ أشهر عدّة، وساطة تهدف الى تعويم الطبقة السياسية اللبنانية المتهمة بالفساد، من خلال إزالة العوائق المحلية والإقليمية التي تحول دون وصول رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية.

وفي مطلق الأحوال، ومهما كانت عليه الأمور، فإنّ السؤال الذي يردّده اللبنانيّون قبل غيرهم، مع صدور مذكرة التوقيف الفرنسية ضد رياض سلامة: كيف يؤمَن الى دولة حاكم مصرفها المركزي مطارد بتهم الفساد واللصوصية؟

المقال السابق
مشاعر السوريين في السعودية تتأرجح بين الغضب والأمل حيال مشاركة الأسد في القمة العربية

فارس خشّان

كاتب سياسي

مقالات ذات صلة

هكذا وصّف الجيش الإسرائيلي وظائف القياديين والمقاتلين الذين نعاهم "حزب الله" بفعل غارة الضاحية

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية