"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

رحلة في رحاب الأوبرا مع السوبرانو الفرنسيّة- اللبنانيّة ريما طويل!

كريستين نمر
السبت، 16 مارس 2024

رحلة في رحاب الأوبرا مع السوبرانو الفرنسيّة- اللبنانيّة ريما طويل!

يكفي أن تتمتّع بإحساس مرهف وخيال واسع حتى تتمكّن من التحليق على جناحي صوت السوبرانو وقائدة الأوركسترا الفرنسية – اللبنانية ريما طويل، التي سعت من خلال أعمالها طيلة ٣٩ عامًا إلى التوغّل في عمق الإنسان وأفراحه وأتراحه فغنّت للطفولة والحبّ والسلام والأمومة والأرض والمرض والنازحين وأصحاب الهمم والتاريخ والوطن…

لقد دفع شغف ريما طويل بالغناء الأوبرالي إلى تقديم أعمال بأكثر من عشر لغات مختلفة من بينها لغتها العربية الأم التي يخشى كثيرون من الاقتراب “الأوبرالي” منها.

Screenshot 2024-03-15 at 19.03.57

ولم تجد سوى شغفها هذا ليحرّرها من المآسي التي تلاحقت عليها في السنوات الأخيرة، إذ أثقل الموت قلبها وجسمها بعد أن وارت في الثرى رفيق دربها وداعمها الأول الطبيب الإنساني كميل، ومن بعده شقيقتها وتوأم روحها كليمانس، لتكرّ السبحة ويحرمها الموت من ثمانية من أفراد عائلتها.

إلا أنّ الموت لم يثنها عن مواصلة مشوارها، فعادت ووقفت من جديد متعالية على حزنها وألمها لتقول لمحبيها بأنّ ثمّة رسالة عليها إتمامها.

في هذا اللقاء الذي أجراه معها “نيوزاليست” حول أعمالها السابقة وخطواتها المقبلة التي يترقّبها هواتها الكثر، أخبرتنا ريما طويل عن نشأتها ضمن بيئة عائلية موسيقية، هي التي ورثت قوّة الصوت عن والدتها، وكذلك عن الأثر البارز لوالدها في تنمية موهبتها.

إلتحقت ريما طويل التي تعزف البيانو منذ نعومة أظافرها بالكونسرفاتوار الوطني في سن السادسة عشرة حيث درست الغناء الكلاسيكي، ولكن عشقها للغناء الأوبرالي، دفعها بعد نيلها إجازة في علم الموسيقى من جامعة الروح القدس الكسليك، إلى الالتحاق بمدرسة لاسكالا في ميلانو - إيطاليا، إثر مسابقة وصلت مع إثنين غيرها إلى النهائيات من بين ٦٠٠ متبارٍ.

أما انطلاقتها الفنيّة فكانت من باريس التي انتقلت إليها بعد زواجها من الطبيب كميل الطويل. ومن عاصمة الأنوار انطلقت إلى عالم الغناء الأوبرالي، بحيث غنّت على أكبر المسارح العالمية، إلى جانب عمالقة الأوبرا ومنهم خوسيه كاريراس في مهرجان بيت الدين (٢٠٠٢) وبلاسيدو دومينغو في مهرجان بعلبك (٢٠٠٥).

Screenshot 2024-03-15 at 19.03.21

“بزوغ” فكرة “أوريانتارياس

ولأن اللغة الأقرب إلى قلبها تبقى لغتها الأم، قررت ريما طويل خوض تجربة الأوبرا العربية، التي “بزغت” في العام ٢٠٠٧ أثناء دراستها مقاطع غنائيّة باللغة التشيكيّة، وتروي: “بعد معاناة مع هذه اللغة دامت لأشهر حيث تمكّنت أخيرًا من اتقان مخارج حروفها الثقيلة والمعقّدة، لمعت الفكرة، وقلت لزوجي لماذا لا أغني باللغة العربية القابلة للتكيّف مع أنغام الموسيقى الكلاسيكيّة وخصوصًا مع اللهجة اللبنانية التي هي شبيهة إلى حدّ كبير بالإيطالية مقارنة باللغات الأوروبية الأخرى، فهي لغة عالية في ذبذباتها، إلا أن زوجي لم يستسغ الفكرة في البداية إلى أن أقنعته بأنني أريد استخدام الأداء الأوبرالي أي من دون مايكروفون وسأغني على أنغام أوركسترا كلاسيكية وبرفقة كورس، تماماً كما أغنّي فيردي وبوتشيني وتشايكوفسكي “.

وتضيف: “كان ذلك بمثابة تحدٍّ لي حيث عملنا على المشروع حتى رأى النور في العام ٢٠١٠ مع “أوريانتارياس” أو “ألحان من الشرق” وكان من أوائل مؤيدى هذه الفكرة ومشجّعييّ إضافة إلى زوجي، الأديب اللبناني أمين معلوف، الذي غنّيت لوالده الصحافي والشاعر رشدي المعلوف إضافة إلى نخبة من الشعراء والأدباء اللبنانيين نذكر منهم جبران خليل جبران وهنري زغيب وبيرون رملي ورشدي معلوف بهجت رزق، وفارس خشان ورودي رحمه وكميل الطويل والملحنين سليمان القدسي وفانسان شارييه…

وبعد عمل دؤوب ومشوّق، دخل المشروع عالم الفن الأوبرالي من بابه الواسع ورأت كلمات: “سلام وغرام” و “قرطاجة” و “حبيبي” و”سيوف النار” و”فينيقيا” و”إمي” وغيرها من أدعية صدحت بصوتها النور، فعادت نقطة التواصل الفني من جديد بين لبنان والغرب.

أما الهدف من الغناء بلغة الضاد تقول السوبرانو ريما طويل: “كان لكسر الحواجز الثقافيّة وفتح أبواب بلدي لهذا الفنّ العريق، علّ المعنيّين في لبنان يولون أهميّة أكبر لهذا النوع من الغناء الذي يجيده ويتذوّقه كثر في لبنان الذي أدين له بما وصلت إليه، فمن حسن حظي أني ولدت في بلد يتميّز شعبه بتعددية حضارية وثقافية، كما أني أدين لفرنسا بلدي الثاني لما قدّمه لي من استقرار وتعدديّة ثقافيّة وانفتاح”.

Screenshot 2024-03-16 at 15.29.30

قيادة الأوركسترا

وإلى جانب هذه المسيرة الحافلة بالغناء قررت ريما خوض تجربة قيادة الأوركسترا، “بعد تشجيع كبير من زوجي” كما تقول، ولفتت إلى أن “إدارة فرقة موسيقية أمر في غاية الصعوبة والدقّة ويتطلّب معرفة معمّقة بالموسيقى إذ تقع على عاتقي مسؤولية توزيع الأدوار على الموسيقيين، وكوني مغنيّة محترفة، فقد ساعدني ذلك كثيرًا”.

أو “صبر الأم”STABAT MATER

وحاليًا تحضّر طويل لحفل سيقام تخليدًا لذكرى الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول من أجل السلام ودعمًا لـ”مسيحيي المشرق” في باريس في التاسع عشر من اذار / مارس الحالي في كنيسة “سانت أونوري ديلو” في الدائرة السادسة عشر حيث سيقود الفرقة الموسيقية هوغ رينيه و ستغني مع نخبة من مغنيي الأوبرا، وتقول: “أحاول من خلال هذا الحفل توجيه رسالة إلى مسيحيي الشرق وإلى كل مظلومي ومضطهدي العالم، فأنا لا أملك غير صوتي لأعبّر عن رفضي لكل ما يحدث من قتل ودمار وحروب ومآسٍ”.

أما لماذا شارل ديغول: تقول طويل ” لأنه كان متعبّدًا للسيدة العذراء”، و “Stabat Mater” أو “صبر الأم” هي عبارة لاتينية تعود إلى القرون الوسطى تصف معاناة السيّدة العذراء وصبرها خلال آلام ابنها يسوع على الصليب.

كما ستحيي في الرابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، في كاتدرائية المادلين في باريس، غناءً وإدارة أوركسترا، حفلًا تكريميًا كبيرًا لمعلّمتها جانيت قيومجيان التي توفيّت في العام الماضي.

المقال السابق
"المرشدة العظمى".. لقب ابنة كيم المراهقة
كريستين نمر

كريستين نمر

محرّرة وكاتبة

مقالات ذات صلة

"مفترس في هارودز" وثائقي يتهم محمد الفايد باغتصاب موظفات وابتزازهن

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية