"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث

رأس لبنان كبديل عن إيران!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأربعاء، 17 يوليو 2024

قبل أسبوع واحد من الموعد المقرر لإلقاء بنيامين نتنياهو كلمة في جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي، تقدم ملف ما يسمّى بالخطر الإيراني الى الواجهة، بمسعى أميركي- إسرائيلي مشترك. الجانب الأميركي، تحدث عن مخططات إيرانية موضوعة لاغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، غداة محاولة اغتياله الفعلية في بنسلفانيا. الجانب الإسرائيلي يتحدث عن أنّ “طوفان الأقصى” الذي بدأته “حماس” في السابع من أكتوبر ليس سوى جزئية في خطة شاملة وضعتها إيران لتهديم إسرائيل وإزالتها من الوجود، بدعم من “حزب الله” في الشمال والحوثيين والعراقيين في الشرق. وقبل انتقال نتنياهو الى واشنطن، تكثفت الإجتماعات الأميركية- الإسرائيلية الهادفة الى تنسيق رد مشترك على التهديدات الإيرانية لأمن إسرائيل واستقرارها.

ولا يبدو أنّ إيران غافلة عن هذا التوجه الجديد المعادي لها، ولذلك هي لم تسارع فقط الى إعلان نيّتها لمعاودة المفاوضات حول ملفها النووي فحسب، بل نفت أي نية لها باستهداف دونالد ترامب الذي سبق أن أصدرت حكمًا بإعدامه ووزير خارجيته مايك بومبيو، بملف اغتيال الجنرال قاسم سليماني، أيضًا.

ماذا يعني ذلك؟

بطبيعة الحال، لن يؤدي هذا التصعيد الأميركي- الإسرائيلي، على الأرجح، إلى اتخاذ قرار بشن حرب مشتركة على الجمهورية الإسلامية في إيران، فهذه المسألة لا تبدو على جدول اهتمام الأميركيين، سواء كانوا جمهوريين أو ديموقراطيين، ولكنّه يُخشى أن يمهّد الطريق لإعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لتوسيع حربها ضد “حزب الله” في لبنان، بعدما جرى تثبيت خطره كذراع متقدمة جدًا لإيران في المنطقة. الحوثيّون، على الرغم من الأضرار التي ألحقوها بعمل مرفأ إيلات، إلّا أنّهم متروكون لعناية الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين والعرب، وكذلك حال التنظيمات الموالية لإيران في العراق. إسرائيل معنية مباشرة ب”حزب الله” الذي ألحق ويلحق بها خسائر نوعية في الشمال ويسبب لها مشاكل كبيرة مع عشرات آلاف السكان الذين جرى إخلاؤهم، منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، من مدنهم وبلداتهم ومنازلهم وأعمالهم.

مع انتقال نتنياهو الى واشنطن، تكون المرحلة الثالثة من الحرب على غزة قد أصبحت أمرًا واقعًا، في حال لم تتقدم أكثر مفاوضات الهدنة التي لم يوقفها استهداف محمد ضيف ومساعده رافع سلامة، في خان يونس، وبالتالي يصبح بمقدور الجيش الإسرائيلي تخصيص موارد بشرية وتقنية وتسليحية هائلة للجبهة الشمالية.

وفق آخر استطلاع أجري في إسرائيل، تبيّن أن شعبية شن حرب على لبنان، على الرغم من انخفاضها قليلًا، لا تزال مرتفعة جدًا، إذ تبيّن أنّ 62 بالمائة من الإسرائيليّين يدعمونها، ولكن نتنياهو، يتحمّل أعباء التصدي لهذه الموجة الشعبية، على الرغم من أضرارها المباشرة عليه، حتى يحقق هدفين، الأول تكتيكي، وهو انتقال الحرب في غزة الى مرحلتها الثالثة، والثاني استراتيجي، وهو الحصول على ضوء أخضر أميركي.

ثمّة جائزة ترضية لا بد من أن يحصل عليها نتنياهو، في ضوء انتقاله في الأيّام القليلة المقبلة الى واشنطن حيث سيلقي كلمته في الرابع والعشرين من تموز الجاري. العمل جار على بلورة هذه الجائزة. ثمّة من يتخوّف، فعلًا، في ضوء ما تتضمنه البيانات الصادرة عن اللقاءات الأميركية- الإسرائيلية من أن يكون الضوء الأخضر في خصوص لبنان، هو هذه الجائزة. ولقد أعطى المراقبون أهمية كبيرة لوجود قائد المنطقة الشمالية أوري غوردين الى جانب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، خلال اجتماعات العمل مع قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي الجنرال مايكل إريك كوريلا الذي انتقل الى إسرائيل، مساء الثلاثاء.

خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، بمناسبة ذكرى عاشوراء، لا يسهّل الأمر. الرجل لم يرفع مستوى تهديداته فحسب، بل ذهب الى أبعد من ذلك أيضًا، فهو أعلن، بوضوح أنّه لن يوقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية ولن يسمح، بالتالي، للوسطاء الدوليين بالعمل على حل دبلوماسي، قبل أن توقف إسرائيل عدوانها، بمختلف أشكاله على قطاع غزة. وهذا يعني أنّ انتقال الحرب الى مرحلتها الثالثة لن يدفع بحزب الله الى وقف إطلاق النار شمالًا.

وعليه، يدخل لبنان، في هذه الأيّام، واحدة من أدق مراحل الحرب، فإسرائيل وصلت الى المرحلة الأخيرة من حرب الاستنزاف “المؤلمة”، وهي أمام خيارين لا ثالث لهما، إمّا ترتيبات أمينة وعسكرية تمكّنها من إعادة سكانها بأمان “لأجيال” الى مدنهم وبلداتهم الشمالية، وإمّا حرب هي نفسها لا تعرف إلى أين يمكن أن تأخذها إن لم تتحصن بضوء أخضر أميركي سوف يسعى نتنياهو للحصول عليه، على أساس أنّ الحرب على لبنان هي حرب “وقائية” ضد “قدرات إيران”!

المقال السابق
"اعرفوا أسرارهم من طهاتهم".. تجنّبوا تناول هذه المأكولات في المطاعم
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

"حزب الله" خسِر وخسّرنا!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية