"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

قراءة في زيارة الحريري لوطنه!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأحد، 18 فبراير 2024

غادر الرئيس سعد الحريري بيروت، بعد زيارة استمرت أسبوعًا واحدًا، على الرغم من أنّ “تيار المستقبل” يحصي الجماهير التي “تدفقت” الى ضريح الرئيس رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط الجاري تحت عنوان “ممنوع تفل” بعشرات الآلاف ( يقول بعضهم، في غياب أيّ تقدير رسمي، إنّ 35 ألف شخص كانوا في الساحة فيما يقول البعض الآخر إنّ العدد تخطى الخمسين ألفًا).

مغادرة الحريري لم تُحدث أيّ مفاجأة، فهي كانت مرتقبة، إذ إنّ أكثر التحليلات عقلانية، تحدثت، منذ الساعة صفر عن أنّ الرئيس السابق للحكومة سيكتفي بإعلان استعداده للعودة عن قرار تعليق عمله في الحياة السياسية، بمجرد توافر الظروف التي تناسبه.

ولكن هذا لا يعني أنّ الحريري لم يتقدّم خطوة نوعيّة هذه المرّة، فهو بعدما رشّح نفسه لقيادة الإعتدال السني في لبنان، فتح معركة “داخليّة” هدفها إعطاء “تيّار المستقبل” الترخيص للدفاع عن “مكتسباته” في الوزارات والإدارات العامة، بعدما بدأ “الإستقواء” عليه، وفق ما سبق أن حصل في وزارة التربية.

ولعلّ الترجمة العمليّة لهذا الترخيص تجلت في كلام الحريري وفعله، فهو بعدما جمع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ورئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمّود بعد خلافات بينهما طفت على السطح، و”أمرهما” بوجوب التوافق والتعاون، أبلغ “المستقبليين” بقرار المواجهة، وترجم ذلك بعدم حصول لقاء بينه وبين الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي يحمّله الحريري مسؤولية الإجراءات في وزارة التربية التي شملت بعض المنتسبين الى “المستقبل” تتقدمهم السيّدة أمل شعبان.

ولم يسبق للحريري وجنبلاط أن ابتعدا عن بعضهما البعض المسافة التي فصلت بينهما هذه المرة، حتى أنّ “بيت الوسط” لم يفتقد فقط الى زيارة وليد جنبلاط بل الى زيارات رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” تيمور جنبلاط ومعاونه السياسي النائب وائل أبو فاعور اللذين كانا قد زارا الحريري في مقر إقامته في “ابو ظبي”، كما الى زيارة شخصيات في “اللقاء الديموقراطي” طالما كانت من “عظام رقبة” الحريرية السياسية مثل النائب مروان حماده.

وعلى الرغم من أنّ الحريري استقبل، للسنة الثانية على التوالي، وفدًا موسّعًا من نواب “القوات اللبنانية”، إلّا أنّ أيّ تواصل مباشر لم يحصل بينه وبين رئيس هذا الحزب سمير جعجع الذي سبق أن اتهمه الحريري بأنّه “افسد” علاقته مع القيادة السعوديّة، الأمر الذي كان جعجع قد نفاه وجميع من يتواصلون مع المملكة العربية السعوديّة.

وغاب عن “بيت الوسط” غالبية النواب السنة، ولا سيّما منهم هؤلاء الذين يرفعون شعار “الوسطية” أو “السيادية”.

ولم يخصص الحريري للرئيس فؤاد السنيورة موعدًا إلّا في الدقائق التي سبقت مغادرته بيروت. لقاء لم يكن، بدليل الثياب التي ارتداها كل من الحريري والسنيورة، “رسميًّا” بل “سبور” و”من قريبو”، وكأنّه كان قد جرى ترتيبه على عجل!

ولولا رئيس “حزب الكتائب اللبنانيّة” النائب سامي الجميل الذي يقنّن لأسباب أمنية تنقلاته، لكان الصف الأول من رفاق درب الحريري في قوى 14 آذار قد غابوا تمامًا عن “بيت الوسط” الذي بدا الدفق عليه كبيرًا من شخصيات طالما وقفت ضد هذا التجمع السياسي الكبير الذي تأسس على قاعدة “الوفاء لدماء الرئيس رفيق الحريري”: ايلي الفرزلي، وزير إعلام حكومة عمر كرامي الذي اغتيل في ظلها رفيق الحريري. وقد بدا الفرزلي كما لو كان “مكلّفًا” بأن يكون الناطق “شبه الرسمي” بما يعتمل في نفس الحريري. وزير داخلية تلك الحكومة سليمان فرنجية ومعه يوسف فنيانوس الذي قاد حملة كبيرة ضد التحقيق الدولي، حيث كانا مدعوّين الى العشاء، والإنتقال “الحميمي” الى مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري. وخلاف ذلك الكثير!.

وفي ظل هذه الصورة، رصدت الرادارات على مدار الأسبوع الذي بدأ مساء الأحد وانتهى مساء الأحد الذي تلاه، حركة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري. جميع سفراء الخماسية الدولية، باستثنائه هو، زاروا “بيت الوسط”. هو لم يفعل. بعد المقابلة التي أعطاها الحريري لقناتي “الحدث” و”العربيّة” السعوديّتين، وبعدما أعطيت تفسيرات سياسية، لم يحصل ما من شأنه “تخصيب” الإشارة الإعلاميّة”. وهكذا أتى الحريري وذهب وبقي وليد بخاري حيث كان في العام الماضي، بعيدًا من “بيت الوسط”، على الرغم من أنّ الحريري ردّ على هؤلاء الذين يتحدّون السعودية به وقال: قرار تعليق عملي السياسي هو قرار شخصي، ولا علاقة للملكة العربية السعودية به، إطلاقًا!

خلاصة القول: بالرغم من أنّ الحريري أثبت مجددًا أنّه الأقوى على الساحة السنيّة اللبنانيّة، وعلى الرغم من تأكيده أنّ عودته الى الحياة السياسية سوف تحصل في “وقتها المناسب”، إلّا أنّ سلوكه السياسي في زيارة الأسبوع بيّن أنّ كلامه في مكان وواقعه لا يزال في مكان آخر، ففي حين كان يشيد بإقدام الدول الخليجية عمومًا والسعودية خصوصًا على “تصفير المشاكل” رفع هو مستوى مشاكله نقطة نوعيّة بإحداث قطيعة مع وليد جنبلاط وحزبه في آن، وأبقى التوترات في العلاقة مع “القوات اللبنانية”، حليفة السعوديّة في لبنان.

وفي وقت تحدث عن وجوب لمّ الشمل، لم يبادر هو الى فعل الأمر نفسه، فبقي غالبية النواب السنة خارج مشهد زيارته.

وهذا يعني بوضوح أنّ الحريري عاد من حيث …أتى!

المقال السابق
سعد الحريري رجع… فَل!
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

مستقبل لبنان بعهدة شيعته!

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية