استخدم النظام جميع إمكاناته لجر الناس إلى صناديق الاقتراع، لكنه لم يفلح في مسعاه، وسجلت الانتخابات أقل نسبة مشاركة في تاريخ البرلمان
في مدينة يزد الإيرانية قد حلت فيها الأصوات الباطلة في المركز الثاني
مقاطعة الانتخابات قد تجاوزت أطياف معارضي النظام والإصلاحيين، بل إنها قد تغلغلت وسط أنصار النظام
لفتت صحيفة “اعتماد” الإيرانية إلى ظاهرة جديدة في الانتخابات النيابية التي شهدتها أدنى مستوى مشاركة في تاريخ الجمهورية الإسلامية في إيران( تحت عتبة الأربعين بالمائة).
وتمثلت هذه الظاهرة في ما يسمّى ب” الأصوات الباطلة”، التي لم يزكي فيها المقترعون أحدًا، وإنما تركوا الورقة بيضاء، أو كتبوا أسماء لا علاقة لها بالمرشحين.
وقالت الصحيفة: “إن هناك مواطنين شاركوا في هذه الانتخابات؛ خوفًا من تبعات عدم المشاركة أو حفاظًا على وظائفهم ومناصبهم، لكنهم في الوقت نفسه لم ينتخبوا، ويجب أن نصنّف هؤلاء ضمن فئة المقاطعين والمعترضين على الوضع الراهن”.
وأشارت الصحيفة، كذلك، إلى أن مدينة يزد الإيرانية قد حلت فيها الأصوات الباطلة في المركز الثاني، وهو ما أثار جدلًا وسخرية واسعين في وسائل التواصل الاجتماعي.
وانتقد رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني السابق، حشمت فلاحت بيشه، الدعاية الإعلامية الكبيرة للنظام للانتخابات البرلمانية التي أُجريت أمس الأول، الجمعة، وشهدت مقاطعة هي الأكبر في تاريخ النظام الإيراني الحالي، كما تظهر النتائج الرسمية.
وقال، في مقابلة مع صحيفة “ستاره صبح”، إن الدعاية التي رافقت هذه الانتخابات كانت غير مسبوقة؛ فقد استخدم النظام جميع إمكاناته لجر الناس إلى صناديق الاقتراع، لكنه لم يفلح في مسعاه، وسجلت الانتخابات أقل نسبة مشاركة في تاريخ البرلمان.
وإذ لفت البرلماني السابق إلى الأوصاف التي يطلقها النظام على هذه الانتخابات، ومنها “الملحمة” و”الإنجاز الشعبي العظيم”، أكد أن الانتخابات كانت بمثابة الهزيمة للنظام، وليس النصر.
كما تطرق فلاحت بيشه إلى إقصاء المرشحين من قِبل مجلس صيانة الدستور والإبقاء فقط على الموالين للسلطة، وقال إن هذه ليست انتخابات وإنما هي “تعيينات” قام بها النظام لأشخاص بعينهم مختارين بعناية.
النتائج
وأظهرت آخر النتائج المنشورة للانتخابات البرلمانية في طهران، أن هناك جولة ثانية للتصويت بينن مرشحي الإعادة، وأن 15 أو 16 مرشحًا فقط دخلوا البرلمان بشكل مباشر، من بينهم متطرفون في “جبهة الصمود” (بايداري)، مثل محمود نبويان، وحميد رسائي، ومرتضى آقا طهراني، ومهدي كوتشك زاده.
وتصدر محمود نبويان نتائج طهران، وهو المرشح الوحيد الذي تمكن من الفوز بأكثر من 500 ألف صوت، بحسب وسائل الإعلام المحلية الإيرانية.
ويعد نبويان ممثل طهران الحالي في البرلمان، وأحد الطلاب السابقين لمحمد تقي مصباح يزدي، الذي ينتمي للتيار المتطرف، وأحد المروجين للعنف لتصفية المنتقدين والمعارضين في إيران.
وحصل محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الحالي، على 409 آلاف صوت، وجاء في المركز الرابع.
وهذه الأرقام المعلنة قليلة للغاية، عند مقارنتها بعدد المؤهلين للمشاركة في الانتخابات وهو 10 ملايين ناخب في طهران.
وبهذه الطريقة، يبدو أن متصدر الانتخابات في طهران لم يحصل إلا على تأييد 5 بالمائة من الناخبين المؤهلين في العاصمة لدخول البرلمان.
ومن بين الأشخاص الآخرين الذين دخلوا إلى البرلمان، وزير الخ ارجية السابق، منوشهر متكي، ووزير الاتصالات السابق، رضا تقي بور، والقائد السابق لقوات الحرس الثوري، إسماعيل كوثري.
وسيتعين على المرشحين المتبقين التنافس على المقاعد الـ 14 أو 15 المتبقية في البرلمان في الجولة الثانية.
وأظهر فوز المتطرفين الأصوليين وفشل المعتدلين المعروفين أن مقاطعة الانتخابات قد تجاوزت أطياف معارضي النظام والإصلاحيين، بل إنها قد تغلغلت وسط أنصار النظام .
وأعلنت وكالة “فارس” للأنباء، أمس، السبت، أن 25 مليون شخص شاركوا في انتخابات البرلمان الإيراني وخبراء القيادة، وبلغت نسبة المشاركة 40%، وهي إحصائية يعتبرها جزء كبير من الإيرانيين وعدد كبير من الناشطين السياسيين والمدنيين، مزيفة، ويعتقدون أن عدد الأشخاص الذين شاركوا في التصويت أقل بكثير.
وبهذا يمكن القول إن الرقم القياسي لأدنى نسبة مشاركة في الانتخابات في إيران قد تمّ كسره، طبقًا لتقرير وكالة “فارس” بمشاركة 40 بالمائة من الشعب.
لكن وسائل الإعلام الرسمية، التي استخدمت كلمة “المتحمسين” لوصف نسبة المشاركة غير المسبوقة من جانب الشعب في الانتخابات، اعتبرت أن نسبة المشاركة البالغة 40 بالمائة مؤشر على فشل حملة المقاطعة التي تقودها المعارضة.
وكانت أدنى نسبة مشاركة في الانتخابات البرلمانية السابقة؛ حيث ذهب 42 بالمائة من الناخبين المؤهلين إلى صناديق الاقتراع في جميع أنحاء البلاد.