يتمدد الانهيار السياسي ليضرب غالبية مؤسسات الدولة، وآخرها مؤسسة “قوى الأمن الداخلي” على الصراع المحتدم بين وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، ومدير عام قوى الأمن اللواء عماد عثمان، ليزيد الشرخ بين أبناء الطائفة الواحدة ، الا أن الخطورة تكمن في تداعيات ذلك على الإستقرار الأمني المهدد بفعل نزاع قضائي شكلياً ولكنه سياسي بحت، بدلاً من تعزيز الأواصر بين الأجهزة المولجة بحماية لبنان في تلك المرحلة الدقيقة .
تفجر الخلاف منذ التشكيلات الأمنية والعسكرية داخل مؤسسة قوى الأمن ، ومع اعطاء مولوي الاذن للقضاء بملاحقة عثمان فيما اسماه ملفات فساد، بعدها كانت هناك محاولات وضغوط لإقالته من منصبه وتعيين بديل له، فيما وجهت إتهامات إلى وزير الداخلية بأن ما يقوم به نابع من طموحه في الوصول إلى سدة رئاسة الحكومة، لا سيما أنه منح الإذن بملاحقة عثمان على خلفية منحه أذونات بحفر بئر ارتوازية، فيما تمنّع عن منح الإذن بملاحقة مدير عام الأمن العام السابق الذي استدعي بقضية تفجير مرفأ بيروت.
التزم مولوي الصمت في نفي أو تأكيد اعطائه الاذن للقضاء بملاحقة عثمان الذي تسرب عبر الاعلام و فجر سلسلة اعتراضات من قبل نواب سنة اعتبروا ان القرار يندرج في خانة التوظيف والاستثمار السياسي، فيما دخل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان على خط الخلاف لرأب الصدع بين الرجلين، ومن المفترض أن يزور مولوي دريان صباح غد على أن يزوره عثمان بعده، والعمل جارٍ على عقد لقاء نهائي بينهما.
عكس ما حصل بين الطرفين حجم “القلوب المليانة”، وتجلى صراع النفوذ ليعكس صورة عن دولة مهددة بما تبقى منها بالتفكك “الأمني” بفعل منطق المصلحة الذي يحكم أبناء البيت الذي يُفترض أن يكون الدرع الحامي لكيانها وشعبها، إلا أن التناحر الأخير ما هو الا انعكاس لممارسات مسؤولين همهم الأول والأخير “كرسيهم” ، في سباق محموم يخوضونه غير آبهين بتداعاته على بلد منهار.
تجدر الإشارة الى أن الدعاوى بحق اللواء عثمان، لا ترتقي الى مستوى المحاسبات القضائية الكبرى، انما تدخل في سياق المساءلة، ويعود بعضها إلى عام 2021، حين ادّعى مفوّض الحكومة لدى العسكرية فادي عقيقي على عثمان، وأحاله أمام قاضي التحقيق العسكريّ فادي صوّان الذي عيّن جلسة للاستماع إليه في ملفّ منح رخص غير قانونيّة لحفر الآبار، ومنح أذونات بناء مخالفة، وحينها لم يحصل على إذن من وزير الداخلية محمّد فهمي، بالإضافة إلى ادّعاء من مدّعي عام جبل لبنان غادة عون على عثمان في جرم إعاقة تنفيذ قرار قضائيّ واتّهامه بمنع مفرزة الضاحية الجنوبية من معاونة القاضية عون في تحقيقات فتحتها في ملفّ الدولار المدعوم والصيارفة غير الشرعيّين، وفي شباط 2022، ادّعت عون وبالجرم المشهود على عثمان، بتهمة إعاقة تنفيذ قرار قضائيّ هو مذكّرة إحضار حاكم مصرف لبنان في حينها إلى مكتبها لاستجوابه كشاهد، بعد اشتباك بين دورية أمن الدولة وأفراد من قوى الأمن مولجين بحماية سلامة، إلّا أنّ مولوي رفض حينها إعطاء الإذن وتوقّفت الملاحقة.