__في ملف فارغ من أيّ دليل أو قرينة يستمر توقيف أمل شعبان بهجوم شرس عليها من النائب العام المالي علي ابراهيم المحسوب على “الثنائي الشيعي” لأسباب يعتقد أنّها مرتبطة بمصالح مافيات لبنانية- عراقية، في وقت يستمر العبث بملف التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت، إذ يجرى تباعًا إبطال مذكرات التوقيف الصادرة بحق المحميين من “الثائي الشيعي” كما حصل، اليوم مع الوزير السابق يوسف فنيانوس الذي لم يعد مطلوبًا من العدالة، بقرار صادر عن جهة صادرت صلاحيات المحقق العدلي في الملف طارق البيطار. وقد استرد المحامي العام التمييزي القاضي صبوح سليمان مذكرة توقيف فينيانوس من دون تنفيذ، وقد اتى قرار سليمان انطلاقا من المبدأ نفسه الذي سبق للمحامي العام التمييزي عماد قبلان أن أوقف تنفيذ مذكرة توقيف النائب علي حسن خليل.
للمرّة الثانية على التوالي، وبعد تعمّق جديد في التحقيقات، قرر قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم إطلاق سراح رئيسة دائرة الامتحانات وأمانة سر لجنة المعادلات للتعليم ما قبل الجامعي أمل شعبان، بعدما أوقفها النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم، خلافًا للقانون، وفق ما كانت قد أكدته الجهات التي سبق لها أن شنّت هجمة اتهامية ضد شعبان.
وكان ابراهيم الذي طلب من الهيئة الإتهامية، في وقت سابق منع تنفيذ القرار الأوّل القاضي بإخلاء سبيل شعبان، قد وضع يده على ملف التحقيق الذي كان قد أصبح بيد قاضي التحقيق، وأوقف شعبان بتهمة تقاضي رشاوى.
هذه الرشاوى المزعومة التي ساقها موظف في الدائرة ضد شعبان، لم تثبت بأي دليل وقد تراجع هذا الموظف لاحقًا عن رواياته التي تتمحور حول تسع ملفات، إذ عجز عن تسمية المستفيدين منها.
ولم يخلف القاضي ابراهيم الموالي للثنائي الشيعي بتهديده باستئناف أي قرار يقضي بإخلاء سبيل شعبان، فطلب من الهيئة الإتهامية في بيروت إبقاءها موقوفة، على الرغم من خلو ملفها من أي دليل ضدها بل العكس هو الصحيح.
ولم تعرف أسباب تشدد ابراهيم في التعاطي مع شعبان المحسوبة على “تيّار المستقبل”، ولكنّ أوساطًا في وزارة التربية أفادت بأنّ شعبان “تدقق أكثر من اللازم” بالشهادات الممنوحة للعراقيين في لبنان “غب الطلب” من “مدارس- دكاكين”، وهي ترفض الكثير منها بدعوى عدم صحتها، كما أنّ التصديقات على الشهادات من شأنها، في حال سرت بسهولة، أن تفيد النافذين، بسبب الإستعداد لدفع أموال طائلة من قبل المستفيدين منها.
وتشير هذه المصادر الى رغبة لدى مجموعة نافذين في التخلص من أمل شعبان التي جرت محاولة، قبل ثلاثة أشهر، لإقالتها من منصبها.
وجدير ذكره أنّ الدوائر في الإدارات والمؤسسات العامة، كانت قد توزعت، بموجب المحاصصة السياسية، على القوى التي كانت تتشارك في السلطة.
وقد قدمت هذه القوى موظفيها الى المناصب فكان بعضها من نصيب متعاونين مع الفساد وبعضها الآخر من قبل رافضين لهذا النوع من التعاون.
وتفيد أوساط في وزارة التربية أنّ أمل شعبان ناشطة ضد الفساد، وهي عملت مع وزير التربية عباس الحلبي في وقت سابق، من أجل إيجاد طريقة تمنع بموجبها الرشاوى في إدارتها.
ووفق مرجعيات في وزارة التربية وأخرى مقربة من التحقيق يمكن تقديم الخلاصة الآتية عن ملف أمل شعبان:
بدأت القضية، عندما قيل إنّ مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان قد أقدم على ختم التحقيق الذي تولّاه فرع المعلومات بملف تقاضي رشاوى مقابل تسريع المعادلات للطلاب العراقيين في وزارة التربية، من دون أن ينتظر اشارة المدعي العام المالي علي ابراهيم لختمه.
الاّ أن ابراهيم وافق على تدبير عثمان، وبعد أن كان قد حوّل هذا الملف الى قاضي التحقيق في بيروت، أعاد وضع يده عليه، بصورة غير قانونيّة، وأوقف أمينة سر المعادلات ما قبل الجامعية أمل شعبان في السابع والعشرين من كانون الاول.
فهل هناك أي دليل لَمسه ابراهيم على تورط شعبان في تقاضي الرشاوى ممّا استدعى اتخاذ تدبير “استثنائي”؟
بعد التدقيق تبيّن أنّه لا يوجد شيء في الملف، سوى افادة الموظف في أمانة السر رودي باسيم الذي اتهم فيها شعبان بتقاسم بعض الرشى معه ومع شقيقه أنطوني.
وقد كان لافتًا للعيان أنّه لا يمكن الإستناد الى أقوال رودي باسيم نظرًا لكثرة التناقضات البارزة فيها.
و جاء في إفادة باسيم حرفيًا، وفق ما جرى تدوينه في المحضر:
“أؤكد أن المدعى عليها شعبان لا تقبض أي رشاوى مطلقاً وبحسب علمي أنه لا يتكلّم معها أحد من الموظفين بمواضيع هدايا أو رشاوى، وأنها قامت بتوزيع المكافأة التي حصلت عليها من منظمة اليونيسف على بعض الموظفين”.
ثم وفي تناقض كبير مع ما ورد في مستهل إفادته، قال:” بعد أول ثلاث معاملات تقاسمتها مع شقيقي أنطوني باسيم لم تكن شعبان على علم ولكن أعلمتها بالامر بعد حصوله حيث جنّت شعبان عليّ. ولكنّها بعد ذلك وافقت وكنتُ أضع مغلفات فيها حصتها من المبلغ في الخزنة الموجودة في مكتبها”.
وعن عدد المعاملات التي اقدم باسيم على تمريرها على هذا المنحى؟ أجاب: “أذكر أنها تسع معاملات”.
وهذا يعني أنّ شعبان التي كانت قد وزعت على مرؤوسيها مكافأة مالية عالية ارتضت أن تتقاسم مع موظفين آخرين ما لا يزيد مجموعه عن المكافأة التي كانت قد تخلّت عنها.
في الواقع إنّ افادة باسيم هذه تكاد أن تكون شهادة حسن سلوك بحق شعبان التي جرى توقيفها، في الواقع من دون توافر أي شبهة واقعية بحقها.
وبناء عليه، وفي الرابع من كانون الثاني وافق قاضي التحقيق أسعد بيرم الذي يحقق في الملف على اخلاء سبيل شعبان بعد مواجهتها مع رودي واستجوابه لسبعة موظّفين أكّدوا على عدم تورطها، الاّ أن ابراهيم استأنف اخلاء السبيل ووافقت على قراره الهيئة الاتهامية برئاسة القاضي ماهر شعيتو فاستمرّ بيرم بتحقيقاته وصدّر استنابات قضائيّة الى فرع المعلومات طالباً منهم الاستماع الى بعض السماسرة والموظفين والتأكّد من بعض المستندات في وزارة التربية. ووافق بيرم على طلب وكلاء شعبان الذي يقضي بمواجهتها مع أنطوني باسيم شقيق رودي وهذه المواجهة حصلت صباح الثلاثاء، ولم تستطع أن تقدم دليلًا واحدًا ضد شعبان التي تنفي كل التهم المنسوبة إليها جملة وتفصيلًا وتكرر سؤال القضاة عن سبب هذه العدائية تجاهها، طالما أنّهم لا يمسكون بأيّ دليل، ولو كان ضعيفًا ضدها.
وفي خلاصة كانت قد قدمتها الإعلامية ليال أبو موسى التي تتابع هذا الملف عن كثب، قالت :“نحن في سرد الوقائع التي نجهد للحصول عليها، لا ندافع عن أمل شعبان الموقوفة بلا أي دليل حتى اللحظة،انّما ندافع عن أنفسنا، لأنّه من حقّنا أن نخاف من فبركة الملفات في وطن بات الأمن والقضاء، رهن تغريدة أو اتصال”.
وفي مطلق الأحوال، هل تعيد الهيئة الإتهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو، قرار إبقاء شعبان موقوفة وتغطي النائب العام المالي الذي يمنع رئيس مجلس النواب نبيه بري المس به؟