لم يمر كلام رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عن جواز انعقاد جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية دون النواب الشيعة مرور الكرام، إذ قوبل بردودٍ سياسية وإعلامية معترضة وصلت حدّ وصف موقفه بأنه “هلوسات”.
وكان جعجع قد أكّد، في مقابلة على شاشة LBCI، أن الميثاق الوطني وُضع بين المسلمين والمسيحيين، لا بين الموارنة والأرثوذكس والشيعة والسنة والدروز”، داعياً النواب “إلى تقديم عريضة يطالبون فيها بانتخاب رئيس الجمهورية، في جلسة يترأسها كبير السن بينهم”.
وفي ظل امتناع الرئيس نبيه بري عن الدعوة إلى جلسة انتخابية، سأل جعجع: “إذا رفض الموارنة، على سبيل المثال، أمراً، فهل يُعطَّل البلد على أثره؟”.
وأبرز ا لردود على جعجع دون تسميته، صدرت عن المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الذي أصدر بياناً جاء فيه: “للضرورة الوطنية العليا أقول: مجلس النواب لم ولن ينعقد لانتخاب رئيس جمهورية بلا النواب الشيعة، ولم يُخلَق بعد من يستطيع عزل الشيعة في لبنان، والوقت الآن لحماية لبنان، وهو محكوم بالتوافق، وبديل التوافق خراب، والرئيس نبيه بري هو فقط وفقط المرجعية الدستورية لأيّ دعوة نيابية، وهو أكبر ضامن وطني بالبلد، والبلد مأزوم ومحقون، والإعلام نار، وهناك من يلعب بالفتنة، والنفوس مشحونة، والمخاطر هائلة”.
وأضاف: “كفى تحريضاً، والتزموا اللسان الجمعي، واتركوا اللحظة للشراكة والتضامن، وليس للتفريق والتمزيق. حماية لبنان أكبر مصلحة وطنية على الإطلاق، والشغل على تقسيم اللبنانيين فتنة مدمرة، وخطأ ليس بعده خطأ. وقيمة لبنان الوطنية من قيمة حدوده الجنوبية وواقعه السيادي، وقيمة الشيعة من قيمة إخوتهم المسلمين والمسيحيين، وقيمة لبنان من قيمة طائفته اللبنانية وشراكته الوطنية، ودعونا من لعبة الخوّة السياسية لأنها انتحار، ومن يبدأها ينتحر”.
وختم قبلان: “ولجماعة الصقور أقول؛ لبنان التوافقي مصلحة وطنية عليا، وحماية السلم الأهلي أكبر ضرورات لبنان، والحل في البلد واحد لا يتجزأ، ولبنان ليس تفصيلاً بالسياسة الدولية، وما يجري الآن حرب إستراتيجية لا سابق لها، ولا بديل عن حماية لبنان”.
وكانت الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية” قد أوضحت، في بيان، تعليقاً على الردود على جعجع، أن “البعض يمتهن تحوير المواقف السياسية وتحريفها، وهذا جزء من اختصاصه بهدف التحريض والتعمية، ووضع الحواجز أمام قيام الدولة الفعلية والاستقرار. وآخر محاولات التحوير والتضليل القول إن رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع يريد تغييب الشيعة عن إدارة البلد، وهو اتهام مرفوض ومردود. ولو أساسًا تجاوب مَن ورّط لبنان بالحرب مع دعوات “القوات” ورئيسها إلى التطبيق الفوري للقرار 1701، منذ ثمانية أشهر، لكان قد جنّب نفسه وبيئته والبلد هذه الحرب المدمرة والمفتوحة، ويا للأسف، على الأسوأ. ولا يفوّت الدكتور جعجع مناسبة إلا ويؤكد فيها أن الطائفة الشيعية من الطوائف المؤسسة للبنان، وكانت دومًا صمام أمان إلى جانب الطوائف الأخرى، ولكن الدستور وافقت عليه الطوائف في لبنان كلّها، وإذا كان لدى أي طائفة اعتراض على هذا الدستور فما عليها سوى التعبير عن ذلك بصراحة للتفكير بالمعالجات المطلوبة، وأما إذا لم يكن هناك من اعتراض فما عليها سوى الالتزام بنصوصه بعيدًا من التعطيل المرفوض جملة وتفصيلاً”.
وأضاف البيان: “الدستور في الجانب المتعلق بالانتخابات الرئاسية شديد الوضوح، ولا يحتمل التأويل، وينص على وجوب انتخاب الرئيس ضمن المهلة الدستورية المحددة بشهرين قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وذلك بناء على دعوة من رئيسه، أو أن يجتمع حكمًا في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس. و”ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويُكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي. وتشديد الدستور على الثلثين يعني أن الميثاقية هي بين المسلمين والمسيحيين، ويكفي أن يتأمن 87 نائبًا لعقد جلسة وانتخاب الرئيس، ولا يحق لأي فئة في لبنان تعطيل الدستور ومنع انتخاب رئيس. ولبنان على هذا المنوال منذ أكثر من سنتين، وفي ظروف حرب وموت وتهجير ومآسٍ وكوارث، فهل من ظروف أكثر مأساوية لانتخاب رئيس وعودة الانتظام الدستوري أكثر من هذه الظروف؟”.
وتابع بيان “القوات”: “يخطئ بعضهم إذا اعتبر أنه بالتحريض والتشويه والتحريف يمكنه إخضاع اللبنانيين، أو جعلهم يسكتون عن الحق، فهناك مَن يعطّل الدستور منذ أكثر من سنتين، ومن يلام هو المعطل لهذا الدستور، وليس من يطالب بتطبيقه. ومن يعطل الدستور هو من يغيّب المسيحيين والسنة والدروز والشيعة، وهو من يغيّب الدولة ويحول دون الاستقرار. وعندما خرج الثنائي نفسه من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى بهدف تعطيلها، واصلت الحكومة عملها بقوة الدستور، وبالاستناد إلى الدستور، ولم تفقد ميثاقيتها. وتعطيل هذا الثنائي للانتخابات الرئاسية هو انقلاب على الدستور وانقلاب على الميثاق. فهل يعقل أن تبقى الدولة بلا رئيس لأن هناك من يريد تعيين الرئيس الذي يريده، وإلا فلا رئيس؟”.
وختم: “في ظل الفراغ الرئاسي، يمكن، وبحسب الدستور، أن يجتمع في أي وقت 87 نائباً لعقد جلسة يترأسها كبير السن، في حال بقي رئيس المجلس النيابي نبيه بري على موقفه الرافض للدعوة إلى جلسة. فالمطلوب انتخاب رئيس للجمهورية، وتطبيق الدستور ليس تغييبًا للشيعة إطلاقًا، ومن يغيّب الشيعة والطوائف كلها والدولة هو المعطل للدستور والذي يمنع انتخاب رئيس للجمهورية، فيما تطبيق الدستور وحده يعطي الطوائف كلها واللبنانيين جميعهم حقوقهم كاملة”.