"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

نواف سلام...حذارِ!

رئيس التحرير: فارس خشّان
الأربعاء، 12 مارس 2025

حتى تاريخه، لا تبدو انطلاقة رئيس الحكومة نواف سلام على قدر الآمال المعلقة عليه. قد لا يكون الرجل الآتي من “صقيع لاهاي” ومكاتبها المغلقة، يدرك ذلك، لأنّ ما يقال عنه ينتشر حيث لا وجود له ولهؤلاء القادمين معه من “الأبراج العاجية”: الشارع!

وإذا كانت مواقف “حزب الله” منه معروفة، وهو الذي جرى فرضه عليه فرضا، إلّا أن المفاجئ هو في موقف من “استقتلوا” من أجل أن يصبح “سيّد السراي الحكومي”.

يتفاجأ الكثيرون ممّن كانوا قد أشادوا بظهور صور سلام أمام مكتبة منزله الغنية، قبيل انتقاله الى مكتبه في القصر الحكومي، بركاكة لغته العربية، إذ يلفظها كما لو كانت ثقيلة جدا، ويرتكب فيها الكثير من الأخطاء في التحريك، بحيث ينزلق في كثير من الأحيان الى نصب الفاعل ورفع المفعول به.

وهذه أخطاء يعتبرها كثيرون “صادمة” ليس لأنها غير واردة أو لا يقع بها عموم السياسيين اللبنانيين، بل لأنّ سلام الذي قيل عن علمه ومعرفته الكثير، هو الذي يرتكبها.

وهذه أخطاء يمكن أن يتداركها، مع تحضير بسيط لخطابه مستعينا بقدرات كثيرين ممّن يحومون حوله، وبتمرين بسيط يوفره له كثيرون من مؤيديه، ويمكنه في هذا السياق الإستعانة، مثلا، بخبرات النائب بولا يعقوبيان، في التدريب على الإلقاء.

ونبقى في الشكل، حيث يطل سلام على اللبنانيين، من دون اهتمام، ولو بسيط، بثيابه. المآخذ عليه، لا علاقة لها بأن اللبنانيين يريدون من رئيس حكومتهم أن يكون “عارض أزياء”، بل أن يكون “طبيعيا”، فطالما أنه يرتدي البذلات الرسمية، فقليل من العناية يمكن أن تجعلها مناسبة له، بدل أن يظهر فيها شبه مهمل.

وهذا الإنزعاج الشكلي من نواف سلام، له علاقة بنظرة اللبنانيين الى جدية من يقود أدق مرحلة من مراحل إعادة الثقة بوطنهم، فالمسؤول الذي يظهر عليهم واثقا بنفسه يمكنه أن ينقل إليهم عدوى الثقة. وهذا أكثر ما يحتاجه اللبنانيون في هذه المرحلة. وهو، للمفارقة، يدرك ذلك!

وعندما يتحدث رئيس الحكومة، يجد اللبنانيون صعوبة في فهم مقاصده، تماما كما حصل حين وقف، قبل أيام قليلة، في إفطار آل سلام وقال إنّ كلفة إعادة الأعمار لم تكن في الحسبان. لم يفهم اللبنانيون ماذا يقصد، وهو الآتي الى منصبه، بعد حصول واحدة من أكبر نكبات لبنان العسكرية، حيث امتلأت البلاد دمارا وتخريبا، بفعل الحرب بين إسرائيل وحزب الله. فهل كان يظن مثلا أنّ الحرب أسقطت حائط منزل، فقط حتى فاجأت عملية إعادة الإعمار حساباته؟

بطبيعة الحال لا يقتصر الأمر على هذه العبارة “العجيبة” بل تتعداها الى دقة موقفه من تمثيل الأحزاب السياسية في حكومته، ففيما يردد أنها لا تضم ممثلين عن الأحزاب، بل شخصيات نالت دعمها، نرى مجموعة من الوزراء مرتبطة ارتباطا وثيقا بمرجعيات سياسية وحزبية.

وحتى تاريخه، لم يفهم أحد ما يعنيه سلام باحتكار الدولة للسلاح، بحيث يقبع صامتا عندما يقول الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إنّ هذه العبارة لا تعني “المقاومة” بل الميليشيات و”المقاومة ليست ميليشيا”. والأدهى من ذلك ، أنّ أقرب الوزراء إليه، وهو نائب رئيس الحكومة طارق متري، يطل على اللبنانيين ليقول إن موضوع سلاح “حزب الله” في شمال نهر الليطاني، ليس أوانه بعد، بل هو متروك لمراحل لاحقة، ويطلب فصل كل الملفات الناشئة عن هذا السلاح، إلى حين الإنتهاء من حلها.

وفي ملف التعيينات، كل التعيينات، وفي ظل كثرة الحديث عن الكفاءة والجدارة، لا يجد اللبنانيون معيارا واحدا يتم اعتماده في ترشيح “المحظيين” بل يجدون “اخذا وردا” بين “الترويكا الرئاسية”، حيث يلعب رئيس مجلس النواب نبيه بري دورا رائدا في الإختيار، الأمر الذي يبقي البلاد حيث كانت عندما جُرّت جرا الى الخراب التدريجي.

وفي ملف النهوض المالي والإقتصادي، وعلى الرغم مما قيل عن رؤى سلام وخطط سلام، لم يلمس اللبنانيون أن لرئيس الحكومة وجهة نظر مدعمة يمكنها أن توحي بأن المستقبل سيكون أفضل من الماضي.

الملاحظات على سلام في الشارع اللبناني كثيرة، وهي بدأت قبل أن تمر مهلة السماح التي يتمتع بها كل مسؤول.

رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، قدم حتى الساعة صورة جيّدة عن نفسه، لأنّه أحاط منصبه بمؤسسة رئاسية مكتملة المواصفات ويجهد على أن تكون مواقفه منسقة مع نصائح مستشاريه. رئيس الحكومة لم يفعل ذلك، حتى تاريحه، يظهر كأنه يكتفي بذاته. وهذا بذاته… أكبر خطأ!

على سلام أن ينتبه ويستدرك و…جل من لا يخطئ ولكن “غلطة الشاطر بألف” كما علمنا أجدادنا!

المقال السابق
لهذا السبب تعتبر العواصم المعنية بلبنان أن "حزب الله" يخرق اتفاق وقف إطلاق النار
رئيس التحرير: فارس خشّان

رئيس التحرير: فارس خشّان

مقالات ذات صلة

سوريا وحكاية الدم والدموع

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية