"لا تقف متفرجاً"
مقالات الإفتتاحيّةإعرف أكثرالحدثأنتم والحدث
تابعونافلاش نيوز

"نواف سلام في دمشق..سفرٌ في الاتجاه الخاطىء"

نيوزاليست
الأحد، 13 أبريل 2025

"نواف سلام في دمشق..سفرٌ في الاتجاه الخاطىء"

هل هذا ما ينص عليه “الكتاب” فعلاً؟ أم انه التقليد الشائع بأن يبادر الشقيق الأصغر الى زيارة شقيقه الأكبر والانحناء أمامه؟ أو هو العرف المتوارث من عقود الزحف اللبناني الى سوريا الأسد، بمناسبة ومن دون مناسبة؟

التحول السوري الكبير الذي جرى في الثامن من كانون الأول الماضي، ما زال في مرحلة التأسيس والتكوين، وهو لم يسمح حتى الآن بالتعرف على حكام دمشق الجدد، ونواياهم اللبنانية. لم يصدر عنهم أي موقف أو بيان أو حتى تصريح رسمي، ينبىء بخططهم تجاه لبنان، وافكارهم الخاصة بتنظيم العلاقات اللبنانية السورية، التي تمتد على حدود جغرافية وسياسية واجتماعية غير مرسومة نهائياً، ما يفسح المجال دائماً للعودة بالذاكرة الى مراحل الاستقلال الناجز للدولتين وانفصالهما المرّ، ثم الهجرة السورية الأولى الى لبنان في مستهل انقلابات البعث، وما تلاها من اجتياح عسكري سوري للجمهورية اللبنانية الممزقة بالحرب الاهلية، الى تجارب النظام الاسدي في تحويل الهيمنة الى وحدة قسرية مع لبنان، الى الخروج العسكري السوري الاجباري من الأراضي اللبنانية، وصولا الى الثورة السورية التي شهدت أكبر موجة لجوء سوري الى لبنان، وأسوأ وأخطر تدخل عسكري من جانب “حزب الله” في الشأن الداخلي السوري..

وعدا عن كونه خطيئة تاريخية لا تغتفر، فقد كان قتال حزب الله الى جانب النظام الاسدي، شاهداً على أمراض كثيرة في الذاكرة المشتركة بين البلدين، لن تشفى قريباً، لاسيما مع المسؤولين الحاليين في البلدين الذين تبادلوا إشارات توحي بأنهم ما زالوا أسرى الحقبة الاسدية السوداء، بكامل رموزها وشروطها..ما يستبعد التوصل الى حوار موضوعي ومتكافىء، يعيد بناء جسور الثقة بين البلدين والشعبين، بواسطة نظامين ما زالا قيد التأسيس الثاني الملتبس، الذي يضع المصالحة الثنائية في مرتبة متدنية، ومنبوذة الى حد بعيد.

وفي سجل الأشهر القليلة الماضية مع عمر التغيير في العاصمتين، أدلة كثيرة على ان حاكم دمشق الجديد احمد الشرع يحفظ الإرث الاسدي ويكمله مع لبنان، سواء في مطالبته أول وفد رسمي لبناني برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي زاره في القصر الرئاسي السوري بالودائع السورية في المصارف اللبنانية، أو في إغلاقه الحدود البرية بين البلدين، أو في تردده في مساعي ترسيم تلك الحدود، ( ما استدعى تدخلاً سعودياً مباشراً)، لا سيما بعد الاشتباكات الحدودية المتكررة، التي تسبب بها المهربون من الجانبين.. بدلا من ذلك تأجيج التوتر في العلاقات الثنائية، كان (ولا يزال) يتوقع أن يخص الشرع لبنان برسالة خاصة، تعكس التداخل الجغرافي والسكاني والمعيشي بين الشعبين، وتتضمن مد يد المصالحة الى اللبنانيين على اختلاف طوائفهم والاستعداد لطي صفحة الماضي الأليم، وجروحه الغائرة، بحيث لا يكون الجرح الدامي الذي تسبب به “حزب الله” في الجسد السوري واللبناني، مانعاً يحول دون التطلع الى مستقبل طبيعي بين “أبناء الشعب الواحد في دولتين”.

علاج ذلك الجرح لن يكون سهلا أبداً، وهو يتطلب جهوداً لبنانية سورية مشتركة، تخضع الحزب للمحاسبة السياسية، التي لا تستبعد في النهاية الاعتذار وطلب الصفح، الذي يحرر الشعبين من العبء والمسؤولية المشتركة.. ويسمح في المقابل للجانب اللبناني، بان يتوجه الى دمشق بيد ممدودة، متحررة من الجرم، تفتح حواراً مع الحكم السوري الجديد، من موقع التكافوء والتعادل، على الأقل في مراحل التكوين الحالية للنظامين، وبناء على حقيقة تاريخية لا لبس فيها، هي أن لبنان، وبغض النظر عن تجربة حزب الله الملتصقة بالنظام الاسدي البائد، لم يخطىء يوماً بحق سوريا والسوريين، لا في الاستقلال ولا الانفصال ولا في كل المراحل التي أعقبتهما والتي تميزت باجتياحات عسكرية ومخابراتية متكررة للداخل اللبناني. على الدوام، كان التوغل يأتي من الشرق وينتهك الحدود والعهود، ولا يزال.

عبور رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام نحو الشرق اليوم، لا ينقض هذا الإرث، بل يكرسه. هي فرصة ضائعة، كان يمكن تعويضها بالتجروء على حكام دمشق واقتراح عقد اللقاء في منتصف الطريق بين العاصمتين، ربما في خيمة المصنع الحدودية، حيث التقى الرئيس فؤاد شهاب مع حاكم سوريا جمال عبد الناصر في خمسينات القرن الماضي، أو حتى دعوة الرئيس احمد الشرع لزيارة لبنان، مثلما زار ويزور بقية الدول العربية الشقيقة.

هذا ما ينص عليه “الكتاب”، الذي يلوح به سلام، والذي يحتوي بين دفتيه دستور الطائف الذي انتزع عنوة من سوريا-الاسد في ثمانينات القرن الماضي، ولم يطبق كاملاً حتى اليوم.

المقال السابق
بن زايد يستقبل الشرع ويؤكد على دعم استقرار سوريا
نيوزاليست

نيوزاليست

مقالات ذات صلة

انطلقت تدريباتها من لبنان.. الأردن يُحبط مؤامرات تهدد الأمن الوطني وسلام يتضامن

روابط سريعة

للإعلان معناأنتم والحدثالحدثإعرف أكثرمقالات

الشبكات الاجتماعية