في مؤتمره الصحافي السنوي، رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يوقف حربه المستمرة منذ 22 شهرًا، ضد أوكرانيا، إلّا بانتصار مبين، على الرغم من أنّها تكاد تقضي، نسبيًّا، على الرجال في العرق السلافي الذي يشكو، منذ عقود، من تناقص خطر في النمو الديموغرافي.
وما من أحد معجب ب”عناد” بوتين المحارب هذا أكثر من بنيامين نتنياهو، فهو يأخذه قدوة، ليس في ما كان قد أظهره من محاولة جادة للإنقاض على الديموقراطية اليهوديّة فحسب بل في قيادته للحرب المفتوحة على الفلسطينيّين في قطاع غزة كما في الضفة الغربيّة، أيضًا.
وكما بوتين كذلك نتنياهو يتصارع مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. الأوّل من موقع العداوة والثاني من موقع التحال ف، إذ إنّ الحزب الديمقوقراطي الأميركي لا يتآلف مع مفهوم الحروب المفتوحة زمنيًّا، نظرًا لما تراكمه من كوارث وتتركه من آثار.
وإذا كان بوتين لا يزال يأمل في تحقيق انتصار في أوكرانيا، وهو الذي يخصص لحربه كل موارد بلاده المالية والإقتصادية والبشريّة، خصوصًا بعد ظهور تفسخات في مؤازرة كييف سواء في الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي، فإنّ نتنياهو لا يبدو أقل عزمًا من “سيّد الكرملين” في رؤية نفسه منتصرًا ليس على “حماس” فقط بل على جميع الفلسطينيّين أيضًا.
وبوتين ونتنياهو يعتبران أنّ الزمن يمكن أن يسعفهما كثيرًا، إذ إنّ بايدن لا يستطيع الذهاب بضغوطه إلى أبعد من تلك التي يستعملها اليوم، على اعتبار أنّه سوف يغرق في “حرب الإنتخابات الرئاسيّة” حيث سيكون في مواجهة شرسة جدًّا مع “حبيبهما”: دونالد ترامب!
وكما أنّ الحرب على أوكرانيا لم تُبعد نتنياهو عن بوتين كذلك فإنّ حرب غزة لم تبعد بوتين عن نتنياهو. صحيح إنّ الإثنين يأخذان مواقف دبلوماسيّة متباينة، لكنّ الصحيح أكثر أنّ أيًّا منهما لا يذهب الى مستوى إلحاق الضرر بالآخر. وفي مكان ما، يبدو الرجلان متعاونين في أكثر من نقطة في العالم، كما هي حالهما في سوريا.
المؤتمر الصحافي الذي عقده بوتين الخميس وأعلن فيه إصراره على مواصلة الحرب لا بدّ من أن يُنعش قلب نتنياهو الذي يؤمن بأنّ الحرب يجب أن تكسر، منذ اللحظة الأولى لانطلاقها، عدّاد الزمن، وهذا ما سبق أن أنجزه له بوتين وكرّسه اليوم!