معارضو “حزب الله” لم يراهنوا، حتى للحظة واحدة، على انتخاب مسعود بزشكيان رئيسًا لإيران. يدرك، حتى المبتدئ بالسياسة من هؤلاء، أنّ الرئيس الإيراني، في المعادلة الدولية والإقليمية والإستراتيجية، مجرد “طرطور”، مثله مثل الرؤساء الذين نصّبهم ويريد “حزب الله” تنصيبهم على اللبنانيين.
في الواقع، حسن نصرالله نفسه كان متوجسًا من هذا الإنتخاب. لم يكن متأكدًا من الأسباب التي دفعت “قائد الأمة”، وفق توصيفه لمرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي، الى السماح بوصول بزشكيان الى رئاسة الجمهورية، على الرغم من انتسابه الى تيار مناوئ لتيار الرئيس “المقتول” إبراهيم رئيسي.
ولدينا دليل على توجس نصرالله. يكفي التدقيق بالفوارق الكبيرة بين برقية التهنئة التي سبق أن وجهها الى رئيسي عند انتخابه والبرقية التي أرسلها الى بزشكيان، لإدراك هذا. أكثر من ذلك، إنّ مسارعة بزشكيان الى الرد على برقيتي نصرالله وحماس لم تكن “بروتوكولية” بل كانت تطمينية، للطرفين، من جهة و”ولائية” للحرس الثوري الإيران والخامنئي، من جهة أخرى.
بزشكيان لن يغيّر شيئًا على مستوى السياسة الخارجية، حتى لو رغب بذلك. كل أدوات الحكم متمركزة بيد المتشددين، بدءًا من التشريع وصولًا الى السلاح، مرورًا بالفتوى.
السماح بوصول من كان قد مُنع من الترشح قبل أقل من ثلاث سنوات، الى رئاسة الجمهورية ليس سوى محاولة لتقديم صورة أخرى لإيران، بعدما أصبحت، في الداخل والخارج، صورة قبيحة على كل المستويات.
نحن نعرف أنّ “حزب الله” لن يتأثر سلبًا بأي تغيير يحصل ضمن النظام الإيراني، فهذا الإستثمار الذي كلف مليارات الدولارات وسنوات طويلة من الجهد، لن يأتي من يرميه في سلّة المهملات، كأنّ شيئًا لم يكن. أصغر تاجر في البازار، لا يمكنه أن يفعل ذلك. الجميع، سواء كانوا متشددين أو إصلاحيين، يستحيل أن يضحوا به، قبل أن يقبضوا ثمنه غاليًا جدًا.
وعليه، لا يحتاج نصرالله الى بذل جهد لإقناعنا بأنّ بزشكيان لن ينعكس سلبًا على “حزب الله”. كان يكفين ا، حتى قبل صدور النتائج، أن نسمع رأي المعارضة الإيرانية فيه، لندرك أنّ وصوله الى رئاسة إيران، ليس سوى تغيير ديكور، لحاجات تسويقية!