المصدر: صحيفة “معاريف” الع بريّة
قبيل الانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب في قطاع غزة، تقف إسرائيل أمام منعطف حسم مهم في الجبهة الشمالية. والتقدير أن العالم أدرك أن ليس في الإمكان العودة إلى الظروف التي كانت سائدة على الحدود قبل نشوب الحرب، وهذا الفهم يجب أن يدفع نحو التوصل إلى حل.
التقدير في القيادة السياسة والأمنية أنه في ظل القتال الضاري الذي يدور، مؤخراً، على الحدود مع لبنان، بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، فإن لبنان أدرك، وكذلك المجتمع الدولي، أنه بالنسبة إلى إسرائيل، كل الخيارات لإبعاد “المخربين” عن خط الحدود مطروحة على الطاولة. وفي إسرائيل، يعتقدون أن هناك علاقة مباشرة بين القدرة على إعداد قوات الجيش الإسرائيلي لحرب شاملة في لبنان، وبين القدرة على التوصل إلى اتفاق دبلوماسي يسمح لسكان الشمال بالعودة إلى منازلهم.
وتلمّح إسرائيل إلى أن ليس لديها أي وهم بشأن نيات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، لكن هناك احتمالاً بأن الإنجازات التكتيكية الكثيرة، التي سجّلها الجيش الإسرائيلي خلال تبادُل الضربات الأخيرة في الشمال في مواجهة قوة الرضوان التابعة لحزب الله، يمكن أن تساعد المجتمع الدولي على وضع قواعد جديدة للعبة في الجنوب اللبناني. والاعتقاد السائد هو أن على إسرائيل استنفاد محاولة التو صل إلى تسوية برعاية دبلوماسية دولية تؤدي إلى سحب حزب الله قواته من منطقة خط الحدود.
وعندما يتبين أنه ليس هناك إمكان للتوصل إلى حل، إلا بواسطة استخدام القوة، حينها، لن يكون هناك مفرّ من فعل ذلك. في بداية الحرب، اتخذ الكابينيت ورئيس الحكومة قراراً بشأن الامتناع من القيام بضربة استباقية على الجبهة الشمالية، والتركيز على الجنوب، لكن الانتقال المتوقع إلى المرحلة الثالثة من الحرب على غزة وتسريح الاحتياطيين، يمكن أن يتغير، إذا اتخذت إسرائيل قراراً بأنه لا يمكن تغيير الوقائع في لبنان إلا من خلال ضربة عسكرية.
إن فكرة عودة الجنود الاحتياطيين إلى الوطن لتحريك الاقتصاد، كما يؤكد القادة السياسيون، هي ثانوية، مقارنةً بالاعتبارات العملانية البحتة. وتدرك الحكومة أنه بخلاف الجولات الماضية في الشمال، وفي ضوء واقع “المذبحة” في 7 تشرين الأول/أكتوبر، لا يمكن إعادة سكان المستوطنات في الشمال إلى منازلهم، إلّا من خلال القيام بتغيير جوهري للواقع الأمني على الجانب اللبناني من الحدود.
والتقدير أن العالم ولبنان يدركان هذا الأمر، ويعرفان أن إسرائيل لا تستطيع، بعد الآن، قبول واقع تكون سيادتها فيه منتهَكة، لأن مواطنيها غير قادرين على الوصول إلى منازلهم. هناك فهم بأن الطرفين يواجهان وضعاً معقداً، حالياً، واحتمال اندلاع مواجهة على نطاق واسع، يفرض التقدم نحو حل، سواء من خلال التوصل إلى اتفاق، أم بواسطة استخدام القوة.